إضافة إلى ذلك، يلفت العديد من المراقبين إلى أن هذا القانون يأتي ليعزّز ترسانة تزداد تشدّداً لحماية رجال الشرطة في فرنسا في خلال السنوات الأخيرة، كتلك التي أعادت تعريف وتوسيع مفهوم الدفاع المشروع عن النفس. يعكس هذا التوجّه لدى السلطات، بنظر هؤلاء، إرادة بالتعتيم على القمع البوليسي وانزلاقاً نحو الاستبداد.
ينصّ القانون على إضافة كاميرات خاصّة بالمشاة واللجوء المتزايد إلى المسيّرات
يعتقد سيباستيان روشي أن هذه التطورات تشي بأزمة أخلاقية في المؤسسة الأمنية الفرنسية: «نحن أمام أزمة تحكّم وضبط لعناصر يلجأون إلى عنف قاس ويخرج سلوكهم عن السيطرة. كثيراً ما لا يحمل هؤلاء الأرقام التي تسمح بالتعرّف إلى هويتهم ولا يجبرهم مسؤولوهم على ذلك. هناك أزمة أخلاقية أيضاً على مستوى القيادة، أي وزارة الداخلية، التي ترسل عناصر شرطة للمشاركة بعمليات يسمح في خلالها باستخدام العنف ضمنياً. لم تُتّخذ أي إجراءات عقابية في حق رجال الشرطة الذين اعتدوا على الصحافيين والمتظاهرين». وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد صرح، في آذار/ مارس 2019، بأن «من غير المقبول في دولة القانون الحديث عن عنف بوليسي». يظهر هذا الخطاب، باعتقاد الخبير الفرنسي، طبيعة الديناميات السياسية التي تعتمل في بلده. فأحزاب اليمين تجنح تدريجيّاً نحو اليمين المتطرف لاجتذاب ناخبيه، والحصول على غالبية سياسية، بينما أحزاب اليسار مشرذمة وعاجزة عن تقديم بديل.
علاوة على ذلك، فإن القانون المشار إليه يحوي موادّ إشكالية أخرى، كتلك التي تنصّ على إضافة كاميرات خاصة بالمشاة أو باللجوء المتزايد إلى المسيّرات. فتراجع قدرة المواطنين على مساءلة سلوكيات الشرطة يتزامن مع مسار شرعنة وسائل جديدة لمراقبتهم وللإدارة الأمنية لشؤونهم. وبينما تنتقد الدول الغربية الصين بسبب نظام الرقابة الشاملة المعتمد من قِبَلها، وما يسمح به من تصنيف للمواطنين باعتبارهم صالحين أو سيئين، فإن القانون الفرنسي يمهّد الطريق نحو نظام مشابه.
«إن فكرة تخزين الصور التي يجري أخذها في الوقت الفعلي بفضل الطائرات المسيّرة، لا معنى لها إلا إذا تم استخدامها. هناك مرحلة أولى مع أنظمة التقاط الصور، سواء عبر المسيّرات أو عبر كاميرات رجال الشرطة. للمسيّرات القدرة على التصوير بدقّة عالية، بما فيها تصوير وجوه الأشخاص وبثها مباشرة إلى مركز يحتفظ بجميع هذه المعطيات. المنطق العميق لمثل هذا المسار الذي لم يتطرّق إليه نصّ القانون، لكنه لم ينهَ عنه، هو استخدام الذكاء الاصطناعي للتعامل مع هذه الصور. في الأفق، يصبح من الممكن إنشاء نظام لتصنيف المواطنين، شبيه بذلك الصيني، بين صالحين وسيئين، استناداً إلى تصوير لسلوكهم في المجال العام. أرى أن مشكلات كثيرة ستبرز عند مراجعة نص هذا القانون من قِبَل المجلس الدستوري»، يختم الخبير الفرنسي.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا