في وقت يبدي فيه العديد من المسؤولين الأميركيين مخاوف حيال نطاق الهجوم الإلكتروني الواسع الذي استهدف وكالات حكومية، قلّل الرئيس دونالد ترامب، أول من أمس، من خطورته ومن الدور المنسوب إلى روسيا فيه. وكتب ترامب في تغريدة على موقع "تويتر": "الهجوم الإلكتروني أكثر أهمية في الإعلام الزائف ممّا هو في الواقع". وأضاف: "كلّ شيء تحت السيطرة. روسيا روسيا روسيا، هذه أول لازمة تتردّد عند حصول أيّ شيء"، مضيفاً: "قد تكون الصين (هذا محتمل!)". وبذلك، خالف ترامب رأي مسؤولين أميركيين، وأيضاً موقف وزير خارجيته مايك بومبيو، الذي أيّد الجمعة شكوك خبراء أشاروا بأصابع الاتهام إلى موسكو. وقال بومبيو: "كانت محاولة كبيرة للغاية، وأعتقد أنه يمكننا الآن أن نقول بشكل واضح جداً إن الروس انخرطوا في هذا النشاط".من جهتها، نفت روسيا بشدّة ضلوعها في الهجوم، وقالت سفارتها في واشنطن إن "روسيا لا تشنّ هجمات إلكترونية". مع ذلك، لقيت تصريحات ترامب تنديداً من رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، الديموقراطي آدام شيف، الذي يعتبره الرئيس عدوّه اللدود منذ أن ترأّس فريق الادعاء في آلية إقالته. وكتب شيف على "تويتر": "إنها خيانة مشينة جديدة لأمننا القومي من قِبَل هذا الرئيس"، مضيفاً: "إنها تغريدة أخرى غير نزيهة كان من الممكن أن يكتبها الكرملين. إشارة إذعان جديدة (للرئيس الروسي فلاديمير) بوتين". ومن الجانب الجمهوري، رأى السناتور ماركو روبيو أنه يتبيّن "بوضوح متزايد أن الاستخبارات الروسية قادت أخطر اختراق إلكتروني في تاريخنا". وشدّد على ضرورة "أن يكون ردّنا متناسباً ولكن مهمّاً". كذلك، أكّد السناتور ميت رومني أن خرقاً لبيانات الحكومة الأميركية على نطاق واسع أحدث "ضرراً بالغاً"، معتبراً في حديث إلى شبكة "إن بي سي" أن "علينا أن نقرّ بأن الرئيس لا يرى شيئاً عندماً يتعلّق الأمر بروسيا".
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تعتزم إغلاق آخر قنصليّتين في روسيا


تصريحات رومني تقاطعت مع تصريحات كبير الأعضاء الديموقراطيين في مجلس الشيوخ، مارك وارنر، الذي قال لشبكة "إيه.بي.سي." إن الهجوم الإلكتروني ربّما يكون مستمرّاً، وإن المسؤولين لم يحدّدوا بعد حجمه بشكل كامل. لكن وارنر لم يصل إلى حدّ استخدام الخطاب العدائي الذي لجأ إليه رومني، بوصفه العملية بأنها "غزو". ورأى وارنر أن "الأمر يقع في تلك المنطقة الرمادية بين التجسّس والهجوم"، لكنه أيّد دعوة رومني إلى الردّ، معتبراً أن على واشنطن أن توضح للخصوم "أنك إذا قمت بهذا النوع من الإجراءات، فسنقوم نحن وآخرون بالردّ".
ويقول أشخاص مطّلعون على الأمر إن فريق الرئيس المنتخَب، جو بايدن، سيبحث، بمجرّد توليه منصبه، عدّة خيارات لمعاقبة روسيا في شأن دورها المزعوم في الهجوم، بدءاً من العقوبات المالية وصولاً إلى الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الروسية. وفي مقابلة مع شبكة "سي.بي.إس."، قال رون كلاين الذي اختاره بايدن ليكون كبير موظفي البيت الأبيض، إن الرئيس المنتخَب يفكّر في ما هو أكثر من العقوبات. وأوضح أن "الأمر لا يقتصر على العقوبات، بل يمتدّ إلى تحرّكات وأشياء يمكننا القيام بها لتحجيم قدرة الأطراف الأجانب على شنّ مثل هذه الهجمات". يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه وزارة الخارجية، أول من أمس، أن الإدارة الأميركية تعتزم إغلاق آخر قنصليّتين للولايات المتحدة في روسيا، في سياق "تحسين عمل البعثة الأميركية في روسيا"، على ما أوضحت الخارجية التي سبق أن أبلغت الكونغرس قرارها هذا الشهر.
من جهة أخرى، انتهز ترامب الذي لم يُقرّ، حتى الآن، بهزيمته في انتخابات 3 تشرين الثاني/ نوفمبر، فرصة الهجوم الذي تتعرّض له الولايات المتحدة ليُجدّد تأكيداته التي لا تستند إلى أيّ أدلّة في شأن وقوع عمليات تزوير خلال الاقتراع. وقال في تغريدة سارع موقع "تويتر" إلى وضع إشارة عليها تُذكّر بنتائج الانتخابات التي فاز بها بايدن: "من المحتمل أن هجوماً استهدف أيضاً آلات التصويت السخيفة خلال الانتخابات التي صار واضحاً الآن أني فزت بها بنتيجة كبيرة، ما يجعلها عاراً أكبر على الولايات المتحدة".
في هذه الأثناء، يبدو أن الهجوم الإلكتروني يتوسّع مع ظهور "ضحايا" جدد، بعضهم خارج الولايات المتحدة، فيما نجح القراصنة في اختراق برنامج "أونيون" من إنتاج شركة "سولار ويندز" الأميركية، والذي تستعمله شركات كبيرة وإدارات في الإشراف على شبكاتها المعلوماتية. وأدّى هذا التوسّع إلى قيام "حلف شمال الأطلسي" بتفحّص أنظمته للكومبيوتر. وقال مسؤول في الحلف: "راهناً، لم يتمّ العثور على أيّ دليل على خطر ضدّ أيّ من شبكات الناتو. يواصل خبراؤنا تقييم الوضع بهدف تحديد وتخفيف أيّ مخاطر محتملة على شبكاتنا". وأوضح المسؤول أن المنظمة التي تتّخذ من بلجيكا مقرّاً لها تستخدم برنامج "سولار ويندز" في بعض أنظمتها. وتابع: "لدى الناتو أيضاً فرق ردٍّ سريع إلكتروني على أهبة الاستعداد لمساعدة الحلفاء على مدار 24 ساعة في اليوم". كذلك، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها "تحلّل الموقف"، على رغم عدم تسجيلها "أيّ تأثير على أنظمتنا".
(رويترز، أ ف ب)

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا