في موازاة القطيعة مع بعض سياسات العهد السابق، تسير إدارة جو بايدن على خطى دونالد ترامب في ميدان السياسة الخارجية. وهو ما جلّاه بوضوح خطاب وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، أمام الكونغرس، والذي رسم فيه الخطوط العريضة لسياسة إدارته في الخارج، مُحدِّداً بكين كخصمٍ رئيس. واستناداً إلى هذه المحدّدات، بدأ البيت الأبيص، باكراً، صياغة أجندته للسنوات الأربع المقبلة، واضعاً «التفوّق على الصين» هدفاً أوّل.
انتقدت إدارة بايدن تحرّك الصين لفرض عقوبات على مسؤولين في إدارة ترامب

وبدت لافتةً، في هذا السياق، دعوة ممثّلة تايوان في واشنطن لحضور حفل تنصيب بايدن، في خطوةٍ قالت تايبيه إنّها تمثّل خرقاً جديداً في العلاقات بين الجانبين. الخطوة التي أثارت استياء الصين، لاقت ترحيباً جمهورياً إذ بدت مكمِّلة للخطّ الذي انتهجه ترامب مع تايوان. وفي موازاة الدعوة، انتقدت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، إميلي هورن، تحرّك الصين لفرض عقوبات على مسؤولين في إدارة ترامب، وحثّت الأميركيين من الحزبَين الديموقراطي والجمهوري على إدانة هذا الإجراء. جاء ذلك ردّاً على إعلان بكين، أول من أمس، فرض عقوبات على وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو، و27 من كبار المسؤولين الآخرين في عهد الإدارة المنصرفة، في خطوة مثّلت رفضاً قاطعاً لشكل علاقتها مع واشنطن في عهد ترامب. على هذه الخلفية، قالت وزارة الخارجية الصينية، إنه «على مدى السنوات القليلة الماضية، قام بعض السياسيين المناهضين للصين في الولايات المتحدة، بدافع مصالحهم السياسية الأنانية والتحيّز والكراهية ضدّ الصين وعدم إبداء أيّ اعتبار لمصالح الشعبَين الصيني والأميركي، بالتخطيط لسلسلة من الخطوات المجنونة والترويج لها وتنفيذها»، لافتةً إلى أن هذه التصرفات «أضرّت بالعلاقات الصينية - الأميركية بشكل خطير». وبالإضافة إلى بومبيو، شمل القرار مستشار ترامب التجاري بيتر نافارو، ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، ومساعد وزير شؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ ديفيد ستيلويل، ووزير الصحة أليكس عازار، ومبعوثة الأمم المتحدة كيلي كرافت وغيرهم. واعتبرت هورن أن «فرض هذه العقوبات في يوم التنصيب هو على ما يبدو محاولة للّعب على الانقسامات الحزبية»، لذا «يتعيّن على الأميركيين من كلا الحزبَين انتقاد هذه الخطوة غير المثمرة والتهكميّة. ويتطلّع الرئيس بايدن إلى العمل مع القادة في كلا الحزبَين لوضع أميركا في مكانة تتفوّق فيها على الصين».
وعلى رغم الانطلاقة غير المشجعة لعلاقات هذه الإدارة مع الصين، أبدت هذه الأخيرة قدراً من التفاؤل إزاء الحُكم الجديد، معتبرةً أن «ملائكة الخير سينتصرون على قوى الشرّ في العلاقات» بين البلدين، فيما هوّنت من العوامل المسبّبة للتوتر الناتجة عن جوّ سمّمته الفترة التي قضاها دونالد ترامب في الرئاسة.