تحت شعار "عامٌ لإعادة بناء الثقة"، افتتح المنتدى الاقتصادي العالمي، "دافوس"، دورته الـ51 أمس. المنتدى الذي عادةً ما يُعقد في مدينة دافوس السويسرية، تَقرّر عقده افتراضياً هذا العام للمرّة الأولى، على خلفية تداعيات الوباء التي فرضت نفسها على فعالياته. وسيشارك في أعمال المنتدى التي ستستمرّ حتى الـ 29 من الشهر الحالي، نحو ألفي شخص، من بينهم 25 رئيس دولةٍ وحكومة؛ من هؤلاء الرئيس الصيني شي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي إيمانويل ماكرون، إضافة إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. كما سينضم 600 من المديرين التنفيذيين لشركات عالمية. وسيُركز الحاضرون على تلبية الحاجات العالمية المُلحة التي اختصرها شعار المنتدى هذا العام، محدداً "إعادة بناء ثقة بين الاقتصادات العالمية لتشكيل المبادئ والسياسات والشراكات اللازمة في 2021"، هدفاً رئيساً له.وكما العام الماضي، حين تضمن جدول أعمال المنتدى عناوين أقل إشكالية، وبعيدة نوعاً ما عن قضايا العولمة والانفتاح الاقتصادي، فإن جدول أعمال هذا العام شكّل بمحاوره السبعة المُختارة امتداداً لرؤية 2020: كيفية إنقاذ الكوكب، والتكنولوجيا من أجل الخير، واقتصادات عادلة، وما وراء الجغرافيا السياسية، والأعمال الأفضل، ومستقبل الصحة، والمجتمع ومستقبل العمل. ومن المفترض أن توصل هذه العناوين الحاضرين إلى "الدفء" الاقتصادي، من خلال التطرّق إلى تصميم أنظمة اقتصادية مرنة ومتماسكة، وتعزيز التعاون العالمي والإقليمي، بعدما كشفت الجائحة التي غزت العالم منذ سنة، عن تصدّع الأنظمة العالمية بمختلف مجالاتها، من الاقتصاد، مروراً بالاستشفاء، ووصولاً إلى التعليم والأمان الاجتماعي. ولا تغيب عن المنتدى قضية اللقاحات ضدّ فيروس "كورونا"، والتي سيتم التطرق إليها عبر مناقشة كيفية تعزيز وتسريع التعاون بين القطاعَين العام والخاص في شأن القضايا الحاسمة.
يتضمن جدول أعمال المنتدى لهذا العام عناوين أقل إشكالية، وبعيدة نوعاً ما عن قضايا العولمة والانفتاح الاقتصادي


ويجمع المُراقبون على أن تعود الاقتصادات الآسيوية، وعلى رأسها الصين، إلى واجهة أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي. ويعكس هذا التركيز على آسيا من جانب مُنظّمي "دافوس"، المعطيات الاقتصادية التي تؤكد صعود آسيا المتنامي، ولا سيما بكين، الاقتصاد الوحيد في العالم الذي سجل نمواً لافتاً في 2020 بلغ 2.3%، فيما ارتفعت حصتها في السوق، وأصبحت الوجهة الأولى في العالم للاستثمار الأجنبي المباشر، متفوّقة على الولايات المتحدة، وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة، نُشر أول من أمس. وفي مستهل المنتدى، دعا الرئيس الصيني المشاركين إلى "الوقوف صفاً واحداً في مواجهة الوباء"، محذّراً، في الوقت ذاته من "حرب باردة جديدة"، ومشدّداً على "العمل المتعدّد الطرف". ودافع شي عن التعددية والعولمة في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها، قائلاً إن "تشكيل تكتلات صغيرة أو بدء حرب باردة جديدة، ونبذ الآخرين أو تهديدهم أو ترهيبهم، وفرض انقسامات أو عقوبات أو تعطيل شبكات التموين بهدف العزل، لن تسهم سوى في دفع العالم إلى الانقسام وحتى المواجهة". وأضاف أن "من المهم التزام المجتمع الدولي بمفهوم التعاون القائم على المنفعة المتبادلة، وضمان الحقوق المتساوية في التنمية لجميع البلدان... يتعين علينا تأييد المنافسة العادلة لا الضرب في حلبة مصارعة". كذلك اعتبر أن "التهديدات التي تواجه العالم اليوم، تجعل من الصعوبة مواجهتها في ظل مجتمعات منقسمة... يمكننا مواجهة التحديات المشتركة باحترامنا للمنافسة والتعددية ونبذ الكراهية".