"حركتنا التاريخية والوطنية والجميلة لجعل الولايات المتحدة عظيمة مجدّداً بدأت لتوّها"، العبارة للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ترحيباً بتبرئته في مجلس الشيوخ، أول من أمس، من تهمة "الحضّ على التمرّد" إثر أعمال العنف التي شهدها مقرّ "الكابيتول" في السادس من كانون الثاني/ يناير الماضي، بعدما أيّد 57 عضواً في المجلس إدانته مقابل رفض 43، ما عنى عدم توافر غالبية الثلثين المطلوبة للإدانة. بناءً على عبارة ترامب، فقد بدأ عهده الجديد والمختلف، بمجرّد تبرئته، أي "في الأشهر المقبلة، لديّ الكثير لأتشاركه معكم، وأنا أتطلّع إلى مواصلة رحلتنا الرائعة معاً لتحقيق العظمة الأميركية لشعبنا بأجمعه"، على حدّ تعبيره. بمعنى آخر، ووفق ما رأته وسائل إعلام أميركية، فـ"من خلال تبرئة دونالد ترامب، ضمِن الحزب الجمهوري استمرار سيطرة الرئيس السابق عليه"، وهو ما لا يحتاج إلى تفسيرات كثيرة، وخصوصاً إذا ما أُخذت في الاعتبار ردود الفعل السلبية التي تعرّض لها أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون السبعة الذين أيّدوا إدانة ترامب في محاكمة عزله. ففي لويزيانا، صوّتت اللجنة التنفيذية للحزب الجمهوري بالإجماع على توجيه اللوم إلى السيناتور بيل كاسيدي، الذي أعيد انتخابه في تشرين الثاني/ نوفمبر. وقال المدعي العام الجمهوري للولاية، جيف لاندري، إن كاسيدي "وقع في الفخ الذي نصبه الديموقراطيون ليهاجم الجمهوريون الجمهوريين". كذلك، واجه السيناتور ريتشارد إم بور من نورث كارولينا، وباتريك جيه تومي من ولاية بنسلفانيا، التوبيخ في ولايتيهما. ووصف رئيس الحزب الجمهوري في بنسلفانيا، لورانس تاباس، المحاكمة بأنها "سرقة غير دستورية للوقت والطاقة، لم تفعل شيئاً على الإطلاق لتوحيد الشعب الأميركي أو مساعدته". وأضاف: "أشارك خيبة أمل العديد من قادة القاعدة الشعبية لدينا والمتطوّعين من تصويت السيناتور تومي اليوم". وفي كارولينا الشمالية، رأى رئيس الحزب الجمهوري للولاية، مايكل واتلي، أن تصويت بور كان "صادماً ومخيّباً للآمال". وأعرب النائب دان بيشوب، الجمهوري عن ولاية كارولينا الشمالية، بدوره، عن دعمه للرقابة على بور.
من جهته، وجّه زعيم الأقلّية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، انتقادات لاذعة لترامب، على رغم تصويته على تبرئته، معتبراً الرئيس السابق "مسؤولاً" عن اعتداء 6 كانون الثاني/ يناير. وقال ماكونيل، في خطاب عقب التصويت: "لا شكّ في أن ترامب مسؤول عملياً وأخلاقياً عن إثارة أحداث ذلك اليوم". وأضاف: "هؤلاء المجرمون كانوا يحملون راياته. يُعلّقون أعلامه، ويصرخون بالولاء له". ووصف تصرّفات ترامب التي أدّت إلى ذلك الاعتداء بأنّها "تقصير مشين في أداء الواجب". وذهب أبعد من ذلك، مشيراً إلى أن الرئيس السابق قد يواجه اتّهامات الآن بعدما ترك منصبه. وتابع: "الرئيس ترامب لا يزال مسؤولاً عن كلّ ما فعله عندما كان في منصبه، لم يُفلِت من أيّ شيء بعد". مع ذلك، أكد الجمهوري المتحدّر من ولاية كنتاكي أنه صوّت لتبرئة ترامب، لأن من غير الدستوري، على حدّ قوله، أن تتمّ إدانة رئيس في محاكمة عزل بعد تركه لمنصبه.
وجّه ماكونيل انتقادات لاذعة لترامب، معتبراً إيّاه «مسؤولاً» عن اعتداء «الكابيتول»


الغضب الجمهوري من الأعضاء الذين صوّتوا لمصلحة إدانة ترامب، انعكس خيبة لدى الديموقراطيين، بسبب عدم تمكّنهم من جمع ما يكفي من الأصوات للإدانة. وفي هذا الإطار، علّق الرئيس جو بايدن بالقول: "في حين أن التصويت النهائي لم يؤدِّ إلى إدانة، فإنّ جوهر التهمة ليس محلّ خلاف". وأضاف: "هذا الفصل المحزن من تاريخنا ذكّرنا بأن الديموقراطية هشّة. يجب الدفاع عنها دائماً. يجب أن نكون على الدوام يقظين". أمّا رئيسة مجلس النوّاب، نانسي بيلوسي، التي استُهدِفت علانيةً من قِبَل مثيري الشغب وتمّ إجلاؤها من مبنى "الكابيتول"، في 6 كانون الثاني/ يناير، فقد وصفت أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريّين الذين صوّتوا لمصلحة تبرئة ترامب بأنهم "جبناء". وقالت إن "رفض الجمهوريّين في مجلس الشيوخ تحميل ترامب مسؤولية إثارة تمرّد عنيف للتشبّث بالسلطة سيُصبح واحداً من أحلك الأيّام وأكثر الأعمال المخزية في تاريخ أمّتنا".
وكان مجلس الشيوخ قد بدأ، في وقتٍ سابق السبت، الاستماع إلى المرافعات الختامية في إطار محاكمة ترامب. وقبل الانتقال إلى المرافعات النهائية، تعطّلت الإجراءات لبضع ساعات، بعدما أعلن المدّعون الديموقراطيون في مجلس النواب، في خطوةٍ مفاجئة، نيّتهم استدعاء الشهود إلى المحكمة. وقال زعيم فريق المدّعين الديموقراطيّين في المحاكمة، جيمي راسكين، إنه ينوي استدعاء نائبة جمهورية للإدلاء بشهادتها، لكنه اتّفق في نهاية المطاف مع محامي الدفاع عن ترامب على الاكتفاء بتسجيل شهادتها ضمن الأدلّة. وردّ فريق الدفاع عن ترامب على التهديد باستدعاء بيلوسي ونائبة الرئيس كامالا هاريس، وغيرهما من الشهود.



بايدن يطلق معركة «بيع الأسلحة»
دعا الرئيس الأميركي، جو بايدن، الكونغرس، أمس، إلى التحرّك "فوراً" لإصلاح تشريعات بيع الأسلحة النارية في البلاد، في الذكرى الثالثة لحادثة إطلاق نار داخل معهد في باركلاند في ولاية فلوريدا. وقال، خلال تصريح في ذكرى الهجوم الذي أوقع 17 قتيلاً في 14 شباط/ فبراير 2018، إن "هذه الإدارة لن تنتظر إطلاق النار الجماعي القادم" للتحرّك. وأضاف: "أدعو الكونغرس اليوم إلى سنّ إصلاحات سليمة في ما يتعلّق بالسلاح"، مطالباً بفرض مراجعة سجلّات المشترين "في كلّ عمليات البيع"، وحظر الأسلحة الرشاشة وشواحن الذخيرة عالية السعة. وأيّدته رئيسة مجلس النواب الديموقراطية، نانسي بيلوسي، بالقول: "سنسنّ هذه القوانين وقوانين أخرى من شأنها إنقاذ الأرواح"، واعدة بـ"تحقيق الإنجازات التي يطلبها ويستحقّها سكان باركلاند والشعب الأميركي". وذهب بايدن أبعد من ذلك، معتبراً أنه يجب أن "نضع حدّاً لحصانة مصنّعي الأسلحة الذين يضعون عن دراية أسلحة حرب في شوارعنا".
(أ ف ب)