لا تزال قضيّة تسميم المعارض الروسي، أليكسي نافالني، واعتقاله، تمثّل واجهةً للتوتّر المتصاعد بين روسيا والاتحاد الأوروبي، الذي أقرّ عقوبات محدودة ضدّ بعض مسؤولي الأولى، تحفظ المصالح المتبادلة بين الجانبين، ولا تؤدّي إلى قطيعة على مستوى العلاقات. العقوبات الأوروبية الأحدث في إطار مسلسل نافالني المستمرّ، منذ آب/ أغسطس الماضي، جرى إقرارها بعدما تَوصّل وزراء خارجية الدول الـ27 في اجتماعهم الذي التأم، يوم أمس، بمشاركة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى «اتّفاق سياسي» يُفعّل التكتّلُ بموجبه نظام العقوبات الجديد المرتبط بحقوق الإنسان للمرّة الأولى، من أجل معاقبة أربعة مسؤولين روس (لم يسمّهم) يقول إنهم ضالعون في سجن نافالني والقمع ضدّ أنصاره، على أن تدخل الإجراءات حيّز التنفيذ خلال القمّة الأوروبية في 25 و26 آذار/ مارس المقبل.
يرى هايكو ماس أنه يتعيّن على بروكسل الإبقاء على قدرٍ من الدبلوماسية مع موسكو

حزمة العقوبات الجديدة هذه ليست إلّا استكمالاً لما بدأه الاتحاد الأوروبي، في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، حين أدرَج ستة مسؤولين روس في قائمته السوداء، على خلفية التسميم المزعوم لنافالني بغاز الأعصاب «نوفيتشوك». لكن المعارض الروسي أبدى رغبةً في توسيع دائرة العقوبات، بدعوته النوّاب الأوروبيين، في نهاية عام 2020، إلى «استهداف النخبة القريبة من السلطة، ليس النخبة السابقة بل الجديدة، دائرة بوتين الضيّقة»، قائلاً: «طالما أن يخوت (عليشار) عثمانونف لا تزال راسية في برشلونة أو موناكو، ما من أحد في روسيا أو الكرملين سيأخذ العقوبات على محمل الجدّ». دعوةٌ لا يبدو الأوروبيون في وارد الاستجابة لها، «تجنُّباً لقطع الجسور كليّاً مع الروس»، على ما يقول وزير أوروبي تحدّث إلى وكالة «فرانس برس». وفي إطار مضاعفة الضغوط، اجتمعت مجموعة من وزراء خارجية الاتحاد مع ليونيد فولكوف، مدير مكتب نافالني، في بروكسل، الأحد، للإعداد لفرض إجراءات عقابيّة ضدّ روسيا التي ترزح بالفعل تحت وطأة عقوبات اقتصادية غربية منذ قرارها ضمّ شبه جزيرة القرم في عام 2014. وقد عرضت أوساط المعارض الروسي على الوزراء الأوروبيين قوائم تضمّ أسماء أشخاص من دائرة بوتين المباشرة، لكن وزير خارجية لوكسمبورغ، جان اسيلبورن أكّد أنه «لا يمكن فرض عقوبات على النخب المقرّبة من السلطة. يمكننا التحرّك ضدّ الموظفين الرسميين فقط إذا كانت لدينا أدلة».
وفيما يحتاج فرض العقوبات إلى إجماع الدول الـ27، يصعب الوصول إلى توافق أحياناً، في ظلّ انقسام التكتُّل إزاء السلوك الواجب اتّباعه حيال موسكو. ويقول الخبير في التضليل الإعلامي لدى المفوضية الأوروبية، جاني روتا، في مقابلة مع مركز «كارنيغي يوروب»، إنه «ينبغي عدم توقُّع نهج موحد. فالاتحاد الأوروبي يواجه وباءً وصعوبات اقتصادية متزايدة، وهو يعتمد على الغاز الروسي، وفي صفوفه دول أعضاء متعاطفة مع الكرملين». وعلى رغم حثّه نظراءه في الاتحاد على إعطاء الضوء الأخضر لفرض عقوبات على مسؤولين روس، إلا أن وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، يرى أنه يتعيّن على بروكسل الإبقاء على قدرٍ من الدبلوماسية مع موسكو «حتى مع وصول العلاقات بالتأكيد إلى مستوى منخفض».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا