تسير إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في اتجاه استحداث مسارات مغايرة لتلك التي سلكتها الإدارة السابقة، بهدف تمتين حضورها الذي «قلّصه» دونالد ترامب على الساحة الدولية. وفي سياق مساعيها إلى إبطال مفاعيل بعض قرارات الرئيس السابق، أعلنت الإدارة الجديدة رغبتها في العودة إلى «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة بصفة «مراقب». على أن سبب العودة لا يختلف عن سبب الانسحاب، إذ اختصرته واشنطن، هذه المرّة أيضاً، بأنه جاء كرمى لعيون إسرائيل. وفي حين غادرت الإدارة السابقة الهيئة الأمميّة بدعوى «التحيّز ضدّ تل أبيب»، ها هي إدارة بايدن تقدّم أوراق اعتمادها سعياً إلى «التخلّص من التركيز غير المتناسب» على الاحتلال. هذا الإعلان جاء على لسان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي توجّه للمجلس بالقول: «يسعدني أن أُعلن أن الولايات المتحدة ستسعى إلى أن تُنتخب في مجلس حقوق الإنسان لدورة 2022 - 2024»، مضيفاً: «نلتمس بكلّ تواضع دعم جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في محاولتنا العودة إلى مقعد في هذا المجلس». ولفت الوزير الأميركي إلى أن «مجلس حقوق الإنسان عندما يعمل كما ينبغي، يسلّط الضوء على البلدان التي لديها أسوأ سجل في حقوق الإنسان، ويمكن أن يكون منتدى مهمّاً لأولئك الذين يكافحون الظلم والاستبداد»، مضيفاً أن بلاده «ستستأنف بالتالي لعب دورها بصفة مراقب، وستتاح لها، من خلال هذا الدور، الفرصة لمخاطبة المجلس والمشاركة في المفاوضات والتحالف مع الآخرين لإدراج قرارات».
أكّد بلينكن أن بلاده ستواصل إثارة الانتهاكات في فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا وإيران


ومعروف أن لدى المجلس، الذي تأسَّس سنة 2006، بنداً دائماً على جدول أعمال جميع جلساته يتعلّق بالأراضي الفلسطينية، لطالما أرادت واشنطن شطبه. وهذه القضيّة هي الوحيدة التي تحظى بمثل هذا التناول، وهو ما تعارضه كل الإدارات الأميركية، ديموقراطية كانت أو جمهورية. وإزاء ذلك، أكد بلينكن أنه «مع عودة الولايات المتحدة للمشاركة (الدولية)، فإننا نحثّ مجلس حقوق الإنسان على النظر في كيفية إدارته لعمله. ويشمل ذلك تركيزه غير المتناسب على إسرائيل». ولم يفوّت المسؤول الأميركي مهاجمة بعض الدول الأعضاء في المجلس، بالقول إن «تلك الدول صاحبة أسوأ سجلّ في مجال حقوق الإنسان، يجب ألّا تكون من بين أعضاء المجلس»، في إشارة إلى روسيا والصين وفنزويلا. ولفت، توازياً، إلى أن بلاده «ستواصل إثارة الانتهاكات في أماكن مثل فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا وإيران»، مكرّراً دعوة روسيا إلى الإفراج عن المعارض أليكسي نافالني. وتابع أن واشنطن ستندّد بـ»الفظائع» في شينجيانغ، غرب الصين، حيث يَتّهم المجتمع الدولي الأخيرة بـ»اضطهاد مسلمي الإيغور». أمّا على الصعيد الداخلي، فقد أقرّ بلينكن بوجود مشكلات تتعلّق بحقوق الإنسان في بلاده، بالقول إن الحكومة الأميركية «ستعمل لمكافحة كلٍّ من العنصرية الممنهجة والظلم الاقتصادي».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا