يستأنف أطراف الاتفاق النووي الإيراني محادثاتهم التي بدأت منذ أسبوعين، مطلع الأسبوع المقبل، بعد أن أنهت «اللجنة المشتركة» (مجموعة العمل الثانية) جولة المفاوضات الثانية التي استمرت ستة أيام وانتهت باجتماع مكثف عقدته اليوم في فندق «غراند» في فيينا، حيث لا يزال الجانب الأميركي، الذي سبق أن أكد الاتحاد الأوروبي «إقامة وفده في فندق قريب» غير مرغوب بـ«لقائه» من قبل الوفد الإيراني المفاوض بشرط رفع عقوباته الكاملة على طهران.
وفي اجتماعها اليوم، ناقشت الأطراف آخر تطورات المحادثات الفنية والمسودات الأولية للنصوص وكيفية استمرار المحادثات. وقررت «اللجنة المشتركة لخطة العمل الشاملة المشتركة» إنشاء مجموعة عمل ثالثة للتعامل مع التسلسل المحتمل للمباحثات. ومن المرتقب، أن تتيح المهلة الممتدة إلى الأسبوع المقبل، للوفود، مجالاً للتشاور الواجب إنجازه مع عواصم بلادها في ظل تبقي «الكثير من العمل» في سبيل إحياء الاتفاق النووي.

وفيما سيطر التفاؤل على تصريحات الوفود أمس، رغم تقدم المباحثات البطيء، تشير تصريحات الجانبين الإيراني والأميركي إلى التجاذبات الحاصلة وما يمكن أن تنتجه من تنازلات محتملة. أما تصريحات الأطراف الأخرى التي تولّت مهمة الدور التسهيلي للمفاوضات «غير المباشرة» كانت أكثر ارتياحاً، بما فيها الطرف الصيني الذي رأى أن الأولوية الأهم في المحادثات لا يزال التركيز على رفع العقوبات الأميركية.

في هذا الإطار، قال رئيس الوفد الإيراني، ومساعد وزير الخارجية، عباس عراقجي، اليوم، إن محادثات فيينا تتقدم برغم الصعوبات، لكنه حذّر واشنطن من «إيقاف المفاوضات» من قبل إيران إذا واجهت «مطالب غير منطقية» أو «إضاعة للوقت». وكرّر عراقجي التذكير بالمطلب الإيراني بأنه على واشنطن «التنازل أولاً»، بقوله إن المجهود الإيراني يفضي إلى «مجموعة من الإجراءات التي يتعين على الولايات المتحدة اتخاذها لرفع الحظر كله والتحقق منها، ومن ثم تتخذ إيران إجراءاتها، ويتم العمل على هذه المجموعة من الإجراءات».

وفيما وصف عراقجي المباحثات التي تجري رسمياً بين إيران من جهة، وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى بـ«المكثفة»، لم يتوانَ عن التذكير برفض الجانب الإيراني خوض مباحثات مباشرة مع الطرف الأميركي قبل رفع الحظر.

وقد برز دعم الجانب الصيني لمطالب الجانب الإيراني إذ قال مبعوث الصين في اجتماع اللجنة المشتركة، وانغ كون، إن الأولوية الأهم في المحادثات لا تزال التركيز على رفع العقوبات الأميركية. وأضاف وانغ أن «الرؤية باتت أوضح لدى جميع الأطراف بشأن الصيغة النهائية لإعادة طهران وواشنطن للامتثال للاتفاق النووي».

من جهته، قال مبعوث روسيا في محادثات فيينا، ميخائيل أوليانوف، اليوم، إن الأطراف وافقت على أن يبدأ الخبراء في العمل على «تسلسل محتمل لخطوات عملية» بهدف إعادة الالتزام بالاتفاق بالكامل. وأضاف أوليانوف على «تويتر» أنه «بالنظر إلى التقدم الذي تحقق في محادثات فيينا حتى الآن، قررت اللجنة المشتركة للاتفاق النووي تشكيل مجموعة عمل ثالثة للتعامل مع تسلسل محتمل لخطوات عملية تؤدي للعودة بالكامل للاتفاق النووي الإيراني».

بدوره، قال مساعد المنسق العام للسياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي»، انريكي مورا، الذي يتولى تنسيق المباحثات، عبر حسابه على «تويتر» أنه تم تحقيق تقدم خلال الأسبوعين الماضيين، لكن يتبقى الكثير من العمل الواجب القيام به».

وكان مستشار البيت الأبيض للأمن القومي، جيك سوليفان، قال، خلال تواجد الوفد الأميركي في العاصمة النمساوية، الأحد الفائت، إن «الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات» عن إيران قبل التأكد من أن الأخيرة «عادت بشكل كامل إلى تطبيق التزاماتها في إطار الصفقة» ونفذت عدة مطالب يطرحها الجانب الأميركي. وقال إن «الولايات المتحدة لن تقدم أي تنازلات قبل أن نكون على يقين بحدوث كل ذلك».

يُذكر أن المباحثات قد بدأت، قبل أسبوعين، في جولة أولى لإحياء الاتفاق الذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018، زاعمة أن بنوده تصبّ في مصلحة طهران. والاتفاق النووي الذي يجمع الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، والمملكة المتحدة، وألمانيا مع إيران يهدف إلى الحد من الأنشطة النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات.