وجَّه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، جمع فيها كل الوثائق حول 6 سنوات من عدم الامتثال الغربي لخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، والاتفاق النووي الموقع عام 2015.
وصدرت الرسالة على شكل كتاب مؤلف من 200 صفحة، يحمل عنوان «رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة: توثيق ست سنوات من [عدم] تنفيذ الغرب لاتفاق إيران النووي».

وجاءت الرسالة بمناسبة الذكرى السنوية السادسة، لاعتماد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 (2015) بالإجماع. وأورد ظريف في الكتاب: «كتبت رسالة ملخصة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وأرفقت بها مجموعة من الرسائل المذكورة أعلاه. يتألف هذا الكتاب من تلك الرسالة ومرفقاتها، وأنا أكتب هذه المقدمة، كوثيقتين للجمعية العامة (A / 75/968) ووثائق مجلس الأمن (S / 2021/669)».

وقال ظريف: «خلال السنوات الست الماضية، وبعد إبرام خطة العمل الشاملة المشتركة في فيينا وما تلاه من اعتماد بالإجماع لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231 في 20 تموز 2015 في نيويورك، واجه فريق التفاوض الإيراني تحديات ضخمة في الداخل والخارج. لقد كانت هذه السنوات الست بالتأكيد معركة شاقة بالنسبة لي - كطالب وممارس للقانون الدولي والسياسة لأكثر من أربعة عقود - للحفاظ على الإيمان بالدبلوماسية والتعددية وسيادة القانون».

«لقد حاولت توثيق هذه المحنة الشخصية والمهنية والوطنية والعالمية في شكل رسائل أرسلتها إلى الممثلين المتتاليين للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فريديرك موغيريني وجوسيب بوريل فونتليس، اللذين خدما أيضاً كمنسقين للجنة (JCPOA) المشتركة. كما كتبتُ رسائل - في نقاط حرجة - إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، والتي تم تضمينها هنا أيضاً»، كما يقول ظريف.

«رسائلي تشرح نفسها بنفسها، وتمثل التسلسل الزمني لقضايا التنفيذ، والتي بدأت قبل فترة طويلة من تولي (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب منصبه في كانون الثاني عام 2017. تدعم الرسائل كل تأكيد تم تقديمه، لكنني لا أدعي تقديم القصة كاملة. أنا واثق من أن المنتقدين المحليين والدوليين سيجدون الكثير ليختلفوا معه وينتقدوه في هذا الكتاب، الذي ينشر باللغتين الإنكليزية والفارسية في وقت واحد من أجل الشفافية وسهولة الرجوع إليه».

وتابع ظريف: «مع ذلك يمكنني الإدلاء ببيان قاطع واحد: لم يتم دحض أي من رسائلي إلى منسق اللجنة المشتركة لخطة العمل الشاملة المشتركة، والتي تم توزيعها جميعاً على كل مشارك في الخطة، من قبل أي واحد منهم». وأضاف: «قد يكون هذا نتيجة عدم وجود أي شيء قانوني أو منطقي ليقولوه، لا سيما أنني كنت أذكر فقط حقائق بديهية في كل حالة».

وأكد ظريف في رسالته إلى غوتيريش: «بينما أستعد لترك منصبي وأكرس وقتي بالكامل للتدريس والبحث، ما زلت آمل أن يسود المنطق والحصافة أخيراً في العالم. لقد تغير العالم بشكل هائل. ليس فقط في حياتي أو خلال فترة ولايتي كوزير للخارجية، ولكن حتى في العام الماضي. لقد كشف فيروس كورونا عن العجز المطلق للأقوى. كما أثبتت حتمية مصيرنا المشترك وكذلك القوة غير المسبوقة للتعاطف العالمي والتآزر والتعاون. في عالمنا المعولم، حيث يمكن للفيروس المجهري أن ينتشر على الكوكب بأسره في غضون أيام فقط، ويبقي البشرية كلها رهينة لما هو الآن 18 شهراً - وللأسف مع عدة أشهر مقبلة- نحتاج إلى أن ندرك أخيراً أننا كلنا في القارب نفسه. يمكننا الإبحار معاً أو الغرق معاً».

«لم يعد بإمكان أي أمة أن تتقدم على حساب الآخرين. كنت آمل بأن تكون مأساة الحادي عشر من أيلول قد أثبتت لنا جميعاً أنه حتى أقوى دولة لا يمكن أن تكون آمنة ومستقرة في عالم يسوده عدم الاستقرار وانعدام الأمن. لكن لسوء الحظ، فإن العادات القديمة لا تموت بسهولة. كان تحقيق التغيير المعرفي أكثر صعوبة مما كان يأمل الكثير منا».

«أطمح أن يعلمنا الاتفاق النووي الإيراني وتاريخ عدم تنفيذه - كما هو موضح جزئياً في هذا الكتاب من الوثائق المباشرة - درساً مهماً: "أن المواقف المتطرفة ستؤدي إلى الفشل، للجميع. لا توجد صفقات أو ترتيبات مثالية».

وأضاف: «لن يحصل أحد على كل ما يريد في أي مفاوضات. ولا ينبغي لأحد حتى أن يرغب في ذلك؛ لأن أي ترتيب من هذا القبيل في عالم اليوم سيكون غير مستدام بقدر ما لا يمكن الدفاع عنه. تكاد الفرص الضائعة الناتجة من تبني المواقف المتطرفة تفوق دائماً أي مكسب محتمل. في الحقيقة، لم يعد من الممكن الدفاع عن نهج محصلته صفر في الشؤون الدولية ويؤدي دائماً إلى نتائج سلبية».

للنجاح، يجب على المرء أن يدرك ويحترم ويتعامل مع مخاوفه ومخاوف ومصالح الأطراف الأخرى. أعتقد أن دراسة رصينة وموضوعية للاستنتاج الناجح لخطة العمل الشاملة المشتركة - مقارنةً بتنفيذها الإشكالي - يمكن أن تقدم استنتاجات مفيدة لفن الحكم في القرن الحادي والعشرين. دعونا نأمل بأن نتعلم من نجاحاتنا - وكذلك من إخفاقاتنا.