بناءً على ما تَقدّم، رأى البعض أن واشنطن تبدو على وشك مغادرة المفاوضات، أكثر ممّا بدت عليه في أيّ وقت، إذ تقول إنها تستعدّ «لوضع لم يَعُد من الممكن فيه» إنقاذ الاتفاق. إلّا أن المسؤول المُشار إليه أكد أن قرار قطع الحوار وتنفيذ الخطة «ب»، التي لا تزال خطوطها العامّة غير واضحة، والتي تهدّد بإغراق المنطقة في اضطرابات، لم يُتّخذ بعد. ولفت إلى أن واشنطن تأمل في أن تعود طهران، قريباً، إلى هذه المحادثات «مع استعداد للتفاوض بجدية». عموماً، يتطابق الاستنتاج الأميركي مع ملاحظات المفاوضين الأوروبيين، الذين عبّروا عن «خيبة أملهم وقلقهم» إزاء المطالب الإيرانية، بعد أيّام على استئناف مفاوضات فيينا. وقال ديبلوماسيون كبار، من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إن «طهران تتراجع عن كلّ التسويات التي تمّ التوصل إليها بصعوبة»، خلال الجولة الأولى من المفاوضات، بين نيسان وحزيران، مندّدين بما وصفوه بأنه «خطوة إلى الوراء».
اتّهم مسؤول إيراني إسرائيل بمحاولة التشويش على المحادثات من خلال شنّها «حرباً نفسية»
إلّا أن اللافت أن كلّ هذه التصريحات، تزامنت مع تصعيد الجانب الإسرائيلي تحرّكاته، التي لا يمكن إلّا أن يصبّ في إطار عرقلة التفاوُض في فيينا. إذ دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، قبل يومين، إلى الإنهاء الفوري للمحادثات. وحذّر الولايات المتحدة من ما وصفه بـ»ابتزاز نووي» تستخدمه إيران كـ»تكتيك للتفاوض». ثمّ، شدّد، في مستهل اجتماعات الحكومة الإسرائيلية أمس، على ضرورة «أن تدفع إيران الأثمان لخرقها الاتفاق النووي». ودعا الدول التي تتفاوض معها، إلى اتّباع نهجٍ حازم ضدّها. ولم يكتفِ بينيت بذلك، بل حثّ مَن وصفهم بـ»أصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة»، على استخدام خيارات مختلفة لمواجهة الاندفاع الإيراني في مجال التخصيب. تصريحات بينيت جاءت بعدما كان رئيس الموساد الإسرائيلي، ديفيد برنيع، قد غادر تل أبيب، متوجّهاً إلى واشنطن، لإجراء محادثات تتركّز على الملف النووي الإيراني. ووفقاً لموقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، من المتوقّع أن يُطلع برنيع الجانب الأميركي، على معلومات استخبارية حديثة جمعتها إسرائيل. وكان هذا الأخير قد تعهّد، قبل أيام، بأنّ إيران لن تملك سلاحاً نووياً، لا في القريب العاجل، ولا على المدى البعيد.
وردّاً على ما تَقدّم، اتّهمت وزارة الخارجية الإيرانية، واشنطن، بوضع العراقيل أمام مفاوضات فيينا. ورأى مسؤول في الخارجية الإيرانية أن إحياء الاتفاق النووي رهنٌ بإظهار الأوروبيين إرادة ومرونة، معتبراً أن عدم رغبة واشنطن في التراجع عن رفع جميع العقوبات عن طهران، يُعتبر عقبة أساسية أمام المفاوضات. واتّهم المسؤول الإيراني، إسرائيل، بمحاولة التشويش على المحادثات، من خلال شنّها ما وصفها بـ»الحرب النفسية»، القائمة على نشر الأخبار الكاذبة، لكي تؤثّر سلباً في أجواء التفاوض. ويأتي ذلك بينما أكّد غلام حسين إسماعيلي، مدير مكتب الرئيس الإيراني، أن بلاده جادّة تماماً في مفاوضات فيينا، مشيراً إلى أنّ هدفها النهائي من المفاوضات، هو إلغاء العقوبات مع الحفاظ على كرامة البلاد. ونقلت وكالة «إرنا» عن إسماعيلي قوله، أمس: «كنّا على استعداد لمواصلة المفاوضات، إلّا أن الأطراف الأخرى رأت أنّها بحاجة إلى التوجّه إلى عواصمها لمناقشة القضايا المعروضة».