نفّذت طائرات حربية صينية، أمس، 39 توغلاً في منطقة الدفاع الجوي التايوانية، وفق ما أعلنت حكومة الجزيرة، في ما يشكّل ثاني أكبر عملية توغل يومي تُسجّل حتى اللحظة.
وفيما أبلغت وزارة الدفاع التايوانية، في بيان، عن هذا التوغل الذي يتساوى مع ذاك المسجّل في الثاني من تشرين الأول العام الماضي، أكدت أنها «نشرت طائراتها لبثّ التحذيرات، واستخدمت أنظمة الدفاع الصاروخي لتعقّب الطائرات التي دخلت منطقتها».

ومن بين الطائرات المشاركة في هذه العملية، 24 مقاتلة من طراز «جاي-16» و10 مقاتلات من طراز «جاي-10»، إضافة إلى قاذفة «إتش-6» ذات القدرة النووية.

وفي حين لم تعلن بكين عن السبب المباشر لهذه العملية الكبيرة، فهذه التوغّلات تأتي عقب تدريبات عسكرية بحرية أميركية-يابانية في بحر الفيليبين، المنطقة التي تشمل مسطّحات مائية شرق تايوان.

وشاركت عشر سفن تابعة للبحرية الأميركية، بينها حاملتا الطائرات «يو إس إس كارل فينسن» و«يو إس إس أبراهام لينكلن»، في التدريبات مع اليابان التي جرت بين 17 و22 كانون الثاني، بهدف التدرب على «الردع والاستجابة بشكل فعّال».

وازدادت عمليات التوغل الصينية بشكل كبير في الربع الأخير من العام 2021، في ما يُسمى منطقة «تمييز الهوية لأغراض الدفاع الجوي التايوانية (أديز)»، علماً أنّ أكبر عملية توغل يومية جرت في الرابع من تشرين الأول، عندما دخلت 56 مقاتلة صينية المنطقة.

يشار إلى أن منطقة تحديد الدفاع الجوي ليست هي نفسها المجال الجوي الإقليمي لتايوان، بل تشمل منطقة أكبر بكثير، تتداخل مع جزء من «منطقة تمييز الهوية لأغراض الدفاع الجوي» التابعة للصين.

وبدأت وزارة الدفاع التايوانية، الإعلان عن توغلات الطائرات الحربية الصينية في «أديز»، في أيلول 2020، فيما شهد تشرين الأول الماضي أكبر عدد من التوغلات بالمطلق، إذ سُجّلت 196 عملية، جاءت 149 منها خلال أربعة أيام فقط، تزامناً مع احتفال بكين بعيدها الوطني.

وتاريخياً، كانت جزيرة تايوان جزءاً من الأراضي الصينية، إلا أن الطرفين يشهدان خلافات متزايدة ترسّخت بعد الحرب الأهلية الصينية بين «الحزب الشيوعي الصيني» و«حزب الكومنتانغ» اليمينيّ، عندما اختار هذا الأخير الجزيرة كنقطة انسحاب له أثناء خسارته للحرب، وفرض حكماً عرفيّاً طويلاً عليها. وقد عرفت الجزيرة تاريخياً دعماً متواصلاً من واشنطن، التي ترى فيها فرصة لاحتواء الصين في منطقة المحيط الهادئ.

وقد دفع ذلك ببكين، المصرّة على إعادة توحيد الجزيرة تحت مبدأ «الصين الواحدة»، إلى تكثيف الضغوط العسكرية والديبلوماسية خلال العامين الماضيين، للتأكيد على مطالبها بالسيادة على الجزيرة، وإعادة ضمّها إلى البر الرئيسي، في وقت يصرّ «الحزب الديموقراطي التقدّمي»، الذي تتولّى رئيسته تساي إنغ ون، رئاسة تايوان منذ عام 2016، على استقلال الجزيرة بالاتّكاء على الدعم الأميركي، إذ أكّد، في وقت سابق، انتشار القوات الأميركية في تايوان لغرض «التدريب»، وثقته بأن واشنطن «ستدافع عن الجزيرة في حال تعرّضها لأي هجوم».

وبالرغم من دعم واشنطن، فإن 14 دولة فقط حول العالم تعترف بتايوان، وتقيم علاقات ديبلوماسية واقتصادية معها، بعدما أعلنت نيكاراغوا، الشهر الماضي، قطع علاقاتها الديبلوماسية معها واعترافَها، في المقابل، بمبدأ الصين الواحدة الذي تمثّله حكومة بكين.

ومنذ انتُخبت تساي إنغ-وين، كثّفت بكين الضغط على تايوان، التي شهدت العام الماضي 969 عملية توغل نفّذتها طائرات حربية صينية، في منطقة «أديز» التابعة لها، وفق بيانات جمعتها وكالة «فرانس برس»، وهو عدد أعلى بالضعف تقريباً من ذاك المسجّل في العام 2020، والبالغ 380 تقريباً.

من جهة أخرى، شهد سلاح الجو التايواني سلسلة حوادث دامية في السنوات الأخيرة. وقد أوقف استخدام جميع المقاتلات من طراز «إف-16» في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما تحطّمت طائراته الأكثر تقدّماً من طراز «إف-16في» في البحر، خلال عملية تدريب روتينية، ما أسفر عن مقتل طيار.