تواصلت، أمس، ردود الفعل الأوروبية المندّدة بإعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، استقلال منطقتَي دونيتسك ولوغانسك شرقي أوكرانيا، وإرسال قوّات إليهما. وكان من أبرزها إعلان وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، أن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي وافقوا بالإجماع، على حزمة عقوبات ضدّ روسيا، في حين انتهى الأمر بألمانيا إلى تعليق خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2". وفي حديث إلى الصحافيين، بعد اجتماع في باريس لكبار الدبلوماسيين الأوروبيين، قال لو دريان: "اتفقنا بالإجماع على حزمة عقوبات أولية تستهدف النوّاب الروس لدعمهم الاعتراف" (باستقلال المنطقتَين)، متّهماً روسيا "بانتهاك القانون الدولي" و"خرق التزاماتها". كذلك، أعلن لو دريان إلغاء اجتماعه المقرّر، بعد غدٍ الجمعة، مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف. وفي السياق ذاته، هدّد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، بأن "العقوبات ستكون موجعة جداً لروسيا"، موضحاً أن عملية تجميد أصول وحظر تأشيرات ستطال 351 عضواً في مجلس الدوما، ناشدوا بوتين اتخاذ تلك الخطوة.إلّا أن زعيم الحزب القومي الحاكم في بولندا، ياروسلاف كاتشينسكي، رأى أنه يجب أن تطال العقوبات الرئيس الروسي والمسؤولين الروس بشكل مباشر. وقال كاتشينسكي، رئيس حزب "القانون والعدالة"، ونائب رئيس الوزراء، عقب اجتماع للحكومة، إن العقوبات الغربية يجب أن تؤثّر على خطّ أنابيب الغاز "نورد ستريم 1" و"نورد ستريم 2"، وتشمل استبعاد روسيا من النظام المالي الدولي، بالإضافة إلى "العقوبات الفردية". واعتبر أن هذه العقوبات، فضلاً عن مقاطعة الأحداث الرياضية الكبرى المخطّط لها في روسيا العام الجاري، ستخلّف "متاعب كبيرة" لهذا البلد، و"ستُظهر للمجتمع الروسي أن الغزو ليس طريقة مناسبة في عالم اليوم".
أوضح بوريل أنّ تجميد أصول وحظر تأشيرات ستطال 351 عضواً في مجلس الدوما


في غضون ذلك، أعلن المستشار الألماني، أولاف شولتس، تعليق خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2"، الذي يعدّ مشروعاً حيوياً بالنسبة إلى بلاده. وبناء على هذا القرار، سيخضع المشروع لـ"إعادة تقييم" سياسي تجريها وزارة الاقتصاد، بسبب "الوضع الجيوسياسي" الجديد. وهكذا، تكون الحكومة الألمانية قد تراجعت عن رأيٍ "سياسي" إيجابي تمسّكت به، حتى الآن، بشأن خط أنابيب الغاز، يفيد بأن المشروع لا يشكّل خطراً على الأمن القومي، الأمر الذي سيُعاد النظر فيه. في المقابل، أثار الإعلان الألماني ردّ فعل ساخراً من الرئيس الروسي السابق، دميتري ميدفيديف، الذي قال: "مرحباً بكم في عالم جديد، حيث سيدفع الأوروبيون قريباً ألفي يورو مقابل ألف متر مكعّب من الغاز"، وهو مبلغ سيكون ضخماً بالنسبة إلى ألمانيا التي استوردت عام 2020 وحده 56,3 مليار متر مكعب من الغاز الروسي، أي 55 في المئة من حاجاتها من الغاز. وجاء هذا فيما "رحّب" البيت الأبيض، على لسان المتحدثة باسمه جين ساكي، بتعليق "نورد ستريم 2".
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أمام البرلمان، أن بلاده ستفرض عقوبات على خمسة مصارف روسية وثلاثة "أفراد أثرياء". وستستهدف العقوبات "روسيا بنك" Rossiya، و"آي إس بنك" IS bank، والبنك العام، و"برومسفياز بنك" Promsvyazbank، وبنك البحر الأسود. وأضاف جونسون إنّه سيتمّ تجميد أيّ أصول يملكها رجال الأعمال، غينادي تيموشينكو، وبوريس روتنبرغ، وإيغور روتنبرغ، كما سيتمّ حرمانهم من دخول الأراضي البريطانية. كذلك، أشار إلى أن "هذه الدفعة الأولى، وأول سيل ممّا نحن على استعداد للقيام به، وسنحتفظ بعقوبات إضافية جاهزة للاستخدام، إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي". وجاء إعلان جونسون في وقت تعهّد فيه وزراء خارجية "مجموعة السبع" بتقديم دعمهم التامّ لأوكرانيا، على ما أعلنت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس. ونشرت تراس تغريدة على موقع "تويتر"، بعد مكالمة مشتركة مع نظرائها، قالت فيها إنها اتفقت معهم على أن روسيا خرقت التزاماتها الدولية، مضيفة: "دعمنا ثابت لوحدة أراضي أوكرانيا".
إلى ذلك، أشار الأمين العام لـ"حلف شمال الأطلسي"، ينس ستولتنبرغ، إلى أن القوات الروسية تواصل استعدادها لهجوم محتمل على أوكرانيا. وقال في مؤتمر صحافي: "نرى أن المزيد من القوات تتحرّك في تشكيلات قتالية، وهم مستعدّون للهجوم". وتابع أن "عدداً إضافياً من القوات الروسية" تحرّك عبر الحدود الأوكرانية، خلال الليل، إلى الأراضي التي يدعمها الكرملين.