تخشى المؤسّسة الأمنية من أن يسمح بوتين لإيران بأن تنشط بحرّية أكبر في سوريا
بالنسبة إلى إسرائيل، يمكن تقسيم تبعات ما يجري إلى نوعَين: تداعيات آنية، وأخرى لاحقة، ولكلّ منهما تقدير وموقف خاصّان، قد يستدعيان من المؤسّسة الأمنية مداراتهما، كونها معنيّة بأن لا تُظهر أيّ سلبيات أمام أعدائها، حتى وإن قرّرت روسيا، مثلاً، دونما إعلان، تجميد «حرية العمل» الإسرائيلية على الساحة السورية. صحيح أن ما أعقب بيان الإدانة الإسرائيلي أظهر أن موسكو لن تتعامل معه بوصفه نهاية المطاف، لكن العِبرة هي في ردّة الفعل الروسية المتوقّعة على ما يمكن لتل أبيب أن تُقدِم عليه عملياً، تماشياً مع مصلحة الحليف الأميركي. وعليه، يبدو أن التقدير الإسرائيلي للموقف لا يزال غير محسوم، في انتظار ما ستؤول إليه الأمور. وبينما نُقل عن وزارة الخارجية (موقع واللا) أن «إسرائيل تلقّت رسالة روسية تَرِد فيها إشارات إلى نيّة موسكو احتواء بيان الإدانة الصادر عن تل أبيب»، الأمر الذي يتقاطع كذلك مع حديث مصادر سياسية (إسرائيل اليوم) عن أن ردّ الفعل الروسي لن يصل إلى حدود تقليص «حرية عمل» سلاح الجوّ الإسرائيلي في سوريا، إلّا أنه في المقابل أكدت مصادر أمنية (يديعوت أحرونوت) أن المؤسّسة العسكرية تستعدّ لمواجهة سيناريوات مختلفة، وفي المقدّمة منها ما يمكن وصفه وفقاً للمصادر نفسها بـ«الهدوء المؤقت» الذي قد يعمد الجانب الروسي إلى فرضه، في إشارة إلى إمكانية تجميد الهجمات في سوريا. هذه الفرضية كانت محلّاً للنقاش لدى عدد من معلّقي الشؤون العسكرية في وسائل الإعلام العبرية، حيث اعتبر بعضهم (القناة 13) أن «على إسرائيل أن تدرك حجمها، ومَن هو الجار الذي بات لديها في الساحة الشمالية (الجيش الروسي)، إذ إن آخر ما نريده هو مشاهدة تساقط سلاح الجوّ الإسرائيلي في السماء السورية، بصواريخ روسية».
على أيّ حال، وعلى رغم أن التداعيات المنتَظرة إسرائيلياً قد تكون قصيرة الأمد، ومن النوع الذي يمكنها تحييده عبر اتّصالات توضيحية من هذا النوع أو ذاك، إلّا أن القلق الذي يساور إسرائيل فعلياً، وتحديداً المؤسسة الأمنية فيها، هو من اليوم التالي، وبتعبير أوضح من المرحلة التي تبدأ فيها موسكو تلمّس تصاعد عدائية الغرب تجاهها، وإرادته الإضرار بتموضعها العسكري والأمني ومناعتها الاقتصادية، إذ إن ذلك سيدفعها إلى تعزيز علاقاتها مع أعداء أميركا، وعلى رأسهم إيران، ما يعني بالضرورة فوائد لمصالح الأخيرة العسكرية والأمنية في سوريا. ووفقاً لمصادر استخبارية إسرائيلية (هآرتس)، «تخشى المؤسّسة الأمنية من أن يسمح (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، جرّاء ما يتعرّض له من ضغوط غربية، لإيران بأن تنشط بحرّية أكبر بكثير في سوريا، وبما لا يمكن لإسرائيل أن تحتويه».