موسكو | تسارعت، أمس، وتيرة التطوّرات على الجبهة الأوكرانية - الروسية، وسط غلبة واضحة وحاسمة لموسكو، دفعت الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الذي وجد نفسه وحيداً بعدما لمس تخاذلاً أميركياً - «أطلسياً» عن نصرته، إلى عرض التفاوض على روسيا، وهو ما أبدت الأخيرة تجاوباً أوّلياً معه، وسط ترقّب لما يمكن أن تتطوّر إليه الأمور خلال الساعات المقبلة على هذا الصعيد. وجاء عرض التفاوض الأوكراني بعدما أعلن المسؤولون الغربيون، بصراحة، أنهم لن يقوموا بمدّ جسر دعم جوّي وبحري وبرّي عسكري لصالح كييف، أوّلاً لمحدودية القدرة على ذلك في ظلّ السيطرة الروسية الكاملة على الأجواء، وثانياً لما يمكن أن يجرّ إليه هكذا دعم من اشتباك مباشر مع موسكو، يعني بالضرورة فتح الباب على حرب شاملة لن تستثني أحداً.
لن يكون أمام زيلينسكي، على ما يبدو، سوى خيارَين لا ثالث لهما

وفي ظلّ هذا التملّص الغربي، وانهيار الدفاعات الأوكرانية، لن يكون أمام زيلينسكي، على ما يبدو، سوى خيارَين لا ثالث لهما: الأوّل قبول شروط الاستسلام الروسية وتسليم السلاح والبدء في مفاوضات تحييد أوكرانيا عن «الناتو»، أو ترك السلطة والتحوّل إلى حكومة منفى في إحدى الدول الغربية، التي قد تكون بريطانيا، في ظلّ عرض رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، استضافته. وفي انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع، يستمرّ الضغط الروسي في اتّجاه العاصمة الأوكرانية، كييف، التي باتت القوات الروسية أمس على مشارفها، حيث سيطرت على 83 موقعاً عسكرياً وعدد من الطائرات والمروحيات والمسيّرات والمدرّعات ومرابض المدفعية. وكانت قوّات «جمهوريتَي» دونيتسك ولوغانسك تمكّنت، بدعم من سلاح الجوّ الروسي وبغطاء مدفعي روسي أيضاً، من اختراق الدفاعات الأوكرانية على طول الجبهة، وتوغّلت لـ8 كيلومترات في العمق الذي كانت تسيطر عليه السلطة الأوكرانية.


كما تقدّمت القوات الروسية إلى مدينة خيرسون، وأعادت فتح القناة التي كانت تزوّد شبه الجزيرة بالمياه العذبة من سدّ خيرسون، ما يعني أن إعادة التواصل البرّي بين روسيا وشبه جزيرة القرم قد باتت ممكنة. وفي أعقاب سيطرة قوات مظلّية تابعة لموسكو على منشأة مفاعل تشيرنوبل النووية، جرى التفاهم مع القوات الأوكرانية المتواجدة هناك، والتي أبدت استعدادها للمحافظة على سلامة المنشأة وتسليم إدارتها للروس. إلّا أن الخطر النووي يظلّ قائماً، بالنظر إلى وجود 15 منشأة ومفاعل نووي على الأراضي الأوكرانية، معظمها قريب من كييف التي تشهد الآن معارك في شوارعها، بينما تسعى القوات الروسية للحفاظ على سلامة تلك المنشآت، لا سيما في ظلّ توافر معلومات حول وجود مجموعات من اليمينيين المتطرّفين وما يسمّى بـ«الفاشيين الجدد»، تسعى إلى تخريبها.