موسكو | تجدّدت، أمس، عمليات إجلاء المدنيين من أوكرانيا، التي تعثّرت غير مرّة، ليبدأ عند العاشرة صباحاً سريان «نظام الصمت القتالي» (وقف إطلاق النار)، والذي بموجبه فتحت 6 ممرّات إنسانية، هي: الأوّل من مدينة كييف باتجاه غوميل، والثاني من مدينة ماريوبول باتجاه زابوريجيا، والثالث من ماريوبول أيضاً باتجاه روستوف، والرابع من مدينة خاركوف باتجاه بيلغورود، والخامس من مدينة سومي باتجاه بيلغورود والسادس من سومي أيضاً باتجاه بولتافا. وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد وقّع مرسوماً رئاسياً خاصاً يقضي بالسماح للمدنيين بالخروج من أوكرانيا إلى روسيا، فيما سيُسمح لحاملي الجنسيات الأجنبية بالبقاء على الأراضي الروسية مدّة 15 يوماً ريثما يتسنّى نقلهم إلى دولهم. وفي وقت متأخّر من مساء أمس، أعلن رئيس الوفد الروسي إلى مفاوضات بيلاروس، فلاديمير ميدينسكي، أن «الممرات الإنسانية لم تعمل كما يجب بسبب عدم تنفيذ القوات المسلحة الأوكرانية أوامر قيادتها»، آملاً معالجة ذلك اليوم. وأشار ميدينسكي، عقب ختام الجولة الثالثة من المفاوضات، إلى أن «توقعاتنا لم تتحقق، لكننا نأمل أن نتمكن من القيام بخطوة أكبر إلى الأمام في المرة التالية».على المستوى الميداني، سيطرت قوات جمهورية لوغانسك الشعبية على 3 نقاط سكنية جديدة، فيما دارت اشتباكات عنيفة في محاور شرقيّ مدينة ماريوبول وغربيّها، لتتمكّن القوات الروسية من السيطرة على 6 مناطق إضافية، وسط حديث عن أن إسقاط ماريوبول سيتمّ خلال أيام، وخصوصاً أنه لم يتبقّ للقوات الأوكرانية فيها إلّا تجمّعان، أحدهما في ليسيتشانسكي وآخر في محيط دونيتسك. أمّا على جبهة أوديسا، فقد عبَرت القوات الروسية نهر بوك في محيط منطقة نيقولايف المسيطَر على محيطها، والتي تقع بعدها أولى ضواحي أوديسا. وبحسب الخبراء العسكريين، فإن ما يجري العمل عليه حالياً هو عزل أوديسا بصورة كاملة عن البحر الأسود، وتأمين اتّصال القوات الروسية التي ستصل إلى شمال غرب أوديسا مع القوات الآتية من ترانسنيستريا، قبل الاتّجاه شمالاً نحو العاصمة كييف، فيما ستتّجه القوات التي تنجز مهمّاتها في الدونباس غرباً.
سير المعركة حتى الآن يفضح لَعِب النخبة الأوكرانية على الشعور القومي الذي صار بازاراً للتجارة


ويعتقد الخبراء أن المشكلة الرئيسية الآن تكمن في كون حوالي 60% من القوات الأوكرانية الفاعلة متمركزة في الدونباس، ومن هنا يتركّز العمل على إضعاف «المقاومة» هناك قبل التوسّع غرباً. ويستبعد هؤلاء أن تكرّر القوات الروسية سيناريو تدمير العاصمة الشيشانية غروزني، لافتين إلى أن ثمّة تعويلاً على القوات الخاصة وقوات «الحرس الوطني الروسي» والقوات الشيشانية في تأمين مناطق الدونباس التي تبدي فيها بعض الخلايا النازية مقاومة. بالتوازي مع ذلك، يجري العمل على تضييق نطاق دخول السلاح والمرتزقة عبر معبر مدينة لفوف عند الحدود مع بولندا غرباً، علماً بأن الأخيرة تؤدي دوراً بارزاً في إبقاء القدرة الأوكرانية على القصف الجوي، وهو ما يهدّد بتوسيع رقعة الاشتباك إلى ما يجاوز المسرح الأوكراني.
على مستوى المفاوضات التي انطلقت جولتها الثالثة أمس في بيلاروسيا، أعلن الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن روسيا أبلغت الجانب الأوكراني استعدادها لإنهاء العملية العسكرية في أيّ لحظة في حال قبول كييف بالشروط الروسية. من جهته، شدّد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، على أن على الأوكرانيين إضافة تعديلات دستورية تتخلّى بموجبها أوكرانيا عن أيّ تطلع للحصول على العضوية في أيّ تكتل أو أحلاف. وأضاف لافروف إن من بين الشروط الروسية أيضاً اعتراف أوكرانيا بأن «القرم أرض روسية»، والاعتراف بجمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتَين.



الحكومة الروسية تبحث تسويات مع الشركات الأجنبية
تبحث الحكومة الروسية دعم القطاع الوظيفي والنشاط التجاري الاقتصادي والصناعي في السوق الروسية، من أجل إعادة تشغيل الشركات المتضرّرة بفعل العقوبات على وجه السرعة. ولدى الحكومة ثلاثة سيناريوات تحدّد مصير العلاقة مع الشركات الأجنبية الراغبة في مغادرة السوق الروسية، هي التالية:
السيناريو الأول: أن تستمرّ الشركة في عملها على نحو كامل في روسيا، وتقوم بتنفيذ العقود والاتفاقيات المعقودة، في الوقت الذي تضمن فيه الحكومة تزويدها بالمواد الأولية والخامات ومكوّنات عمليات الإنتاج الكاملة، مقابل إيفائها التامّ بالتزاماتها أمام موظفيها ودفع رواتبهم ومستحقاتهم.
السيناريو الثاني: أن يقوم المستثمرون الأجانب بنقل أسهمهم وحصصهم إلى الشركاء الروس، وفيما بعد يمكنهم العودة إلى السوق الروسية والبقاء فيها عبر شركائهم.
هذان الخيارات جرت مناقشتهما مع مجمع الأعمال الروسي، الذي أبدى استعداده للمضيّ في الإجراءات اللازمة لتحقيقهما. أمّا السيناريو الثالث، فهو توقّف الشركة عن العمل بصورة تامّة في روسيا، وهو ما يُعدّ، بحسب النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي، أندريه بيلؤوسوف، في ختام الاجتماعات مع ممثّلي اتحاد الصناعيين ورجال الأعمال الروس، «إعلان إفلاس متعمّداً وصرفاً تعسفياً للموظفين، يعاقب عليه القانون».
وفي حال تصفية الشركات وصرف الموظفين، ستتدخّل السلطات المختصة، عن طريق تسريع عملية الإفلاس، والتركيز على أولوية الحفاظ على حقوق الموظفين ووضعهم الاجتماعي، لكي يتمكّن رجال الأعمال المسؤولون والمختصّون من ضمان استمرار عملهم.
ومنذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أعلنت عشرات الشركات الأجنبية المستثمرة في السوق الروسية تعليق أنشطتها، والتوقّف الكامل عن إمداد سوق الاتحاد الروسي، وإغلاق مكاتبها ومنشآتها وفروعها في روسيا، في ما وصفه بعضهم بـ«التدابير المؤقتة»، وعدَّه آخرون إغلاقاً كاملاً بسبب فرض عقوبات على موسكو من قِبَل الدول الغربية. في المقابل، أبدت العديد من الشركات الأجنبية الأخرى، التي تملك استثمارات كبيرة في روسيا، رغبتها في البقاء في السوق الروسية.
من جانبه، أكد مصرف «سبيربنك»، وهو الأكبر في روسيا، أن بطاقتَي ائتمان «فيزا» و«ماستركارد» اللتين يصدرهما البنك ستظلّان تعملان داخل روسيا بالرغم من تعطيلهما في الخارج، وإعلان الشركتَين المشغّلتَين تعليق نشاطهما داخل الأراضي الروسية.
(الأخبار)