على رغم توسُّع الحديث عن مشاركة السوريين في الحرب الروسية - الأوكرانية، إلّا أنه لا معلومات رسمية، إلى الآن، حول أعداد هؤلاء وطبيعة مهامّهم. وبينما تتحدّث صفحات المعارضة السورية عن عشرات آلاف المقاتلين الذين تَوجّهوا إلى أوكرانيا، تنخفص الأعداد إلى حدود بضعة آلاف في الأوساط الموالية للحكومة. إلّا أنّ أحد المندوبين السرّيين في محافظة حمص، والذي رفض التصريح عن اسمه، يكشف أنّ الرقم الفعلي هو 5000 شخص من كلّ سوريا، مُبيّناً، في حديث إلى «الأخبار»، أنه «كانت الأفضلية في القبول للعسكريين الذين لديهم خبرة في القتال الميداني، وتراوحت أعمار هؤلاء ما بين 18 و50 سنة، وسيتمّ تدريبهم تباعاً في سوريا لمدّة شهر لكلّ مجموعة، وسيتقاضى كلّ شخص 1000 دولار شهرياً بعقد يمتدّ لـ6 أشهر فقط، وليس كما أشيع عن الأرقام التي وصلت إلى 5000 دولار عن كلّ شهر». وبحسب المعلومات، فإن الجهات التي تعمل على تجنيد السوريين، تنسّق مع «اللجان الشعبية» و«كتائب البعث» و«الفيلق الخامس»، عبر مندوبين سرّيين لديهم شبكة علاقات موثوقة مع شباب يعرفون «أهواءهم»، وبذلك قد لا يضطرّ المندوب للبحث عنهم وإقناعهم، بل هم مَن يسعون بأنفسهم للانضمام إلى هذه العملية.
أسباب «مشروعة»
يتحدّث وائل (اسم مستعار) عن تجربته السابقة في القتال مع روسيا على الأراضي الليبية العام الفائت. عندها، حصل على 6600 دولار لقاء قضائه 6 أشهر و18 يوماً في صفوف المقاتلين ضدّ تركيا، وهو الذي تطوّع كمدني ضمن الفِرق العسكرية الروسية التي حاربت في دير الزور (شمال سوريا) سابقاً. يمتدح أحمد (البالغ من العمر 24 عاماً) المعاملة التي يتلقّاها الجنود الروس والأجانب من قيادتهم، ويؤكد حرص أولئك القادة على عدم تعريض جنودهم للخطورة قدر الإمكان، على عكس ما يحدث عادةً في الحروب المحتدمة. كلّ ذلك دفع الشاب الذي يُعيل أسرته إلى التفكير بالسفر إلى أوكرانيا «لمشاركة الروس حربهم». ولذا، فقد تواصل مع «المندوب السرّي» المكلّف بجمع الأشخاص لمثل هذه الأعمال في منطقته في محافظة طرطوس، وسجّل اسمه في انتظار إبلاغه بالقبول وموعد الانطلاق.
الجهات التي تعمل على التجنيد تنسّق مع «اللجان الشعبية» و«كتائب البعث» و«الفيلق الخامس»


من جهته، يُجاهر نبيه (اسم مستعار) بأنّ المال هو الدافع الأساسي والأوّل وراء اختياره لهذا الطريق؛ فالعرْض المالي المغري (3000 دولار عن كلّ شهر، «بحسب الوعود»)، كافٍ، من وجهة نظره، لأن يجعله يحمل السلاح ويقاتل مع أيّ طرف، وهو الذي ما زال يؤجّل خدمة العلم الإلزامية في بلده حتى اليوم بذريعة الدراسة، وقد بلغ من العمر 26 عاماً. ولدى سؤاله عن احتمال مقتله في المعارك، يجيب بأن هذا الاحتمال ضعيفٌ، مُعلِّلاً ذلك بأنّ الروس بحاجة إلى حشد أكبر عدد من الجنود كنقاط تثبيت، وليس للقتال الفعلي والاقتحام، ويُضيف: «عدا عن ذلك سيحصل أهلي على تعويض مالي كبير يغنيهم عن لقب شهيد الذي لا يطعم خبزاً». يُعارض رأيَ نبيه (29 عاماً) أحدُ أصدقائه الذي سجّل أيضاً اسمه في قوائم الراغبين في السفر إلى أوكرانيا عن طريق المندوب ذاته في ريف محافظة حماة، معتبراً القتال مع الروس «ردّاً للجميل الذي على كلّ سوري أن يعترف به للحليف الروسي الذي ساعد سوريا في حربها سياسياً وعسكرياً ومادياً».