يرى إردوغان في عملية عسكرية في شمال سوريا المتنفّس الوحيد له للخروج من مآزقه
من جهته، يلفت الكاتب مراد يتكين، في مقالته عن «صعوبات العملية التركية في شمال سوريا»، إلى أن الرئيس التركي لا يفوّت خطاباً إلّا ويتحدّث عن قرب بدء العملية العسكرية ضدّ القوات الكردية. وفي المقابل، فإن الولايات المتحدة وروسيا و«حزب العمّال الكردستاني» و«قوات حماية الشعب» وحتى إيران و«حزب الله» اللبناني، اتّخذوا جميع الاحتياطات اللازمة حتى هذه الساعة، بحسب يتكين. مع هذا، فإن النقاشات حول ارتباط العملية بالشأن الداخلي التركي، بدأت تتصاعد، في ظلّ اتّهام إردوغان بالسعي إلى كتابة «قصة نجاح» جديدة يستخدمها في الانتخابات الرئاسية التركية بعد عام. ويكرِّر الكاتب موقف واشنطن المعارِض للعملية، بالقول إن مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، أبلغ مستشار إردوغان، إبراهيم قالين، بضرورة «الامتناع عن تصعيد التوترات في سوريا من أجل الحفاظ على الوقف الحالي لإطلاق النار، وتجنّب المزيد من زعزعة الاستقرار». ويعرّج يتكين على الاتّصال بين إردوغان وبوتين، مشيراً إلى أن الحاجة إلى عملية عسكرية تركية قد تتضاعف، بعدما «بدأت روسيا في سحب جزء كبير من قواتها في سوريا (بين 60 و67 ألف جندي) إلى الجبهة الأوكرانية»، بحسبه. ويَعتبر الكاتب أن تركيا مضطرّة لملء «الفراغ» الروسي، حتى لا يملأه «العمّال الكردستاني» المدعوم أميركياً، أو إيران بالتعاون مع «حزب الله». ويرى الكاتب أن المشكلة مع الأميركيين هي أنهم ليسوا في وارد الاستعداد للتخلّي عن القوات الموالية لـ«الكردستاني» كما أنهم بدأوا، منذ أشهر، بزيادة الدعم لليونان - عدوة تركيا -، حيث أقاموا 11 قاعدة عسكرية، اعتبرتها تركيا موجّهة ضدّها. كذلك، فإن التوتّر بين أنقرة وواشنطن، وبالتالي معارضة الأخيرة العملية العسكرية في سوريا، يأتيان في ظلّ الاستقبال الحارّ جدّاً للرئيس اليوناني، كرياكوس ميتسوتاكيس، من قِبَل الكونغرس الأميركي. وقد فُسّر الموقف الأميركي من قِبَل ميتسوتاكيس، على أنه إشارة إلى أن واشنطن قد تحجم عن بيع طائرات «إف-16» إلى أنقرة.
وفق وسائل الإعلام التابعة لحزب «العدالة والتنمية»، فإن العملية العسكرية التركية قائمة، لكنها مؤجّلة قليلاً. ويزيد من إصرار إردوغان على القيام بهذه العملية، استغلال الانشغال الروسي بالحرب الأوكرانية، خصوصاً أن الهجوم، إن حصل، سيكون في نطاق جغرافي فيه وجود عسكري غير وازن لروسيا، وخارج الوجود العسكري الأميركي. وما يُبقِي احتمال العملية كبيراً هو أن سعر صرف الليرة التركية يواصل تراجعه، متخطّياً الـ16 ليرة في مقابل الدولار، على الرغم من تحسين العلاقات مع إسرائيل، ومع دول نفطية غنية مِن مِثل السعودية والإمارات. وأمام عدم انعكاس الدعم المالي لتركيا تحسُّناً على الصعيد الاقتصادي، فإن إردوغان يرى في عملية عسكرية في شمال سوريا المتنفّس الوحيد له للخروج من مآزقه، والظهور أمام الرأي العام التركي بمظهر «فاتح كوباني» الذي سيحسّن وضعه في استطلاعات رأيٍ لا تزال تعطيه فرصة ضئيلة للفوز في انتخابات الرئاسة في حزيران من العام المقبل.