طهران | انتهت المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بوساطة أوروبية، أوّل من أمس، في العاصمة القطرية الدوحة، من دون تحقيق نتيجة محدّدة، فيما لم تستطع أيضاً رسمَ أفقٍ واضح يكفل إحياء الاتفاق النووي. وأبلغ مصدر ديبلوماسي مطّلع، «الأخبار»، بأن محادثات الدوحة «لم يكن لها أثر في انحسار الخلافات القائمة بين إيران وأميركا في سبيل إحياء خطّة العمل الشاملة المشتركة، واقتصرت على تبادل الرسائل بين الطرفَين من خلال الوسيط الأوروبي». وأضاف المصدر أن منسّق الاتحاد الأوروبي للمحادثات، إنريكي مورا، هو مَن اضطلع بدور الوسيط، بين كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري، ونظيره الأميركي روبرت مالي، بيدَ أن تبادل الآراء ووجهات النظر، لم يتمخّض عنه إيجاد قاسم مشترك. وبحسب المصدر نفسه، لا تزال إيران في صدد إرساء آلية تضمن الحدّ من تكرار تجربة الانسحاب الأميركي من الاتفاق، والتأكُّد من أنها ستنتفع اقتصادياً من وراء إحيائه، مقابل تقييد برنامجها النووي، غير أن الجانب الأميركي يرفض إعطاء ضمانات من هذا النوع، أو القبول بالآلية المقترَحة، خصوصاً وأن الطرفَين «لا يزالان مختلفَين حول قائمة العقوبات التي يجب رفعها، إذ يَعتبر الجانب الأميركي أن مطالب طهران حول إعفاء العديد من الكيانات والشخصيات من العقوبات، تقع خارج نطاق الاتفاق، ولا يمكن القبول بها». وكان أكد المنسّق الأوروبي فشل محادثات الدوحة، قائلاً: «لم يحصل التقدُّم الذي كنّا ننشده، لكنّنا سنواصل العمل على إعادة وضع عربة الاتفاق على السكّة الرئيسة»، فيما أفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، بأن باقري ومورا ​​سيكونان على اتصال في المرحلة المقبلة من المفاوضات.
استئناف المفاوضات لا يعني بالضرورة الخروج من مأزق الأشهر الأخيرة

وينبئ ما تقدَّم، بأن الخلافات بين إيران والولايات المتحدة لا تزال على حالها، وبأن استئناف المفاوضات لا يعني بالضرورة الخروج من مأزق الأشهر الأخيرة. وجرى الاتفاق على هذه الجولة بعد نحو 100 يوم على توقُّف مفاوضات فيينا، وذلك في أعقاب الزيارة التي أجراها وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الأسبوع الماضي، إلى طهران. على أن فشل محادثات الدوحة قد يكون من شأنه تخفيض منسوب الآمال المعقودة على إحياء «خطّة العمل الشاملة المشتركة» أكثر من ذي قبل، الأمر الذي سيزيد بدوره من حدّة التوتّرات. ولم يكن لهذه المحادثات صدًى إيجابي في الأوساط الإعلامية والسياسية الأميركية والإيرانية على السواء، إذ يتّهم كلّ من الطرفَين الآخر بوضع العصي في الدواليب والحيلولة دون إنجاحها. وفي هذا الإطار، نقل موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي عن مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية، قوله إن «الإيرانيين لا يُظهرون أنهم في عجلة من أمرهم، وقد أثاروا مرّة ثانية القضايا القديمة التي تمّت تسويتها قبل أشهر عديدة، حتى أنهم طرحوا قضايا جديدة لا تمتّ إلى خطّة العمل الشاملة المشتركة بصلة». وأضاف المسؤول أن اتخاذ القرار في شأن الاتفاق النهائي، مُلقًى على عاتق الجانب الإيراني منذ أشهر.
من جهتها، كتبت صحيفة «جوان» القريبة من الحرس الثوري، أن إيران قَبِلت بالمشاركة في المحادثات النووية في قطر «شريطة أن تتغيّر المواقف الأميركية»، إلّا أن المعطيات المستقاة تُبيّن أن الولايات المتحدة «حضرت إلى طاولة المفاوضات بالإطار نفسه الذي طرحته في فيينا، والذي لا ينطوي على آفاق تستفيد منها طهران اقتصادياً، وألحّت على مطالبها المبالغ فيها». وفي الاتجاه نفسه، وصفت صحيفة «كيهان» القريبة من مكتب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، محادثات الدوحة، بأنها «فخّ أميركي» نُصب من أجل «ابتزاز» إيران. وقالت، في مقالة حملت عنوان «أميركا الدوحة، هي نفسها أميركا فيينا»، إن الولايات المتحدة «لا تريد إطلاقاً رفع العقوبات كاملة. ومن جهة أخرى، وجدت أنه على النقيض من المحادثات التي أفضت إلى توقيع الاتفاق النووي، فإنها هذه المرّة أمام غريم لن يكون جاهزاً لمنح تنازلات نقداً». ورأت أن «أميركا بحاجة إلى المحادثات في ذاتها، لا النتيجة التي ستحصل بعد المشاورات والاتفاق بين الطرفين! إن أميركا وحلفاءها الأوروبيين بحاجة إلى مواصلة المحادثات العقيمة من أجل توريط بلادنا في تداعياتها وتبعاتها الضارة، بما في ذلك اشتراط أسعار الذهب والعملة الأجنبية، وتقلّبات الأسعار، وعشرات الارتباكات الأخرى الناتجة من تقلّبات الاقتصاد في البلاد».