على أن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لم يترك لنفسه خياراً سوى البدء بالهجوم على خيرسون، ومحاولة تغيير الوقائع في تلك المنطقة، حيث ما زالت خطوط الإمداد الغربية شغّالة. وتسعى كييف، ومِن خَلفها القوى الغربية، من خلال تسخين جبهتَي خيرسون وميكولايف، وتوتير الوضع في «جمهورية ترانسنيستريا» المعلَنة من جانب واحد في مولدوفا، إلى استفزاز روسيا للقيام بردّ فعل عسكري واستخدام القوّة لحماية «قوات حفظ السلام» في ترانسنيستريا، المعزولة حالياً تماماً عن الإمدادات الروسية، والتي قد تصبح هدفاً سهلاً للقوى المعادية لموسكو. وتُضاف إلى مشهد التوتّر المتصاعد هذا، مؤشّرات إلى تجهيز ماكينة الإعلام الغربية للترويج لـ«العدوان الروسي» المرتقب هناك، إلّا أن القيادة الروسية، بحسب خبراء مطلعين، لا ترى مصلحة حالية في توسيع دائرة الصراع، وإدخال مولدوفا طرفاً إضافيّاً فيه، وذلك لعدّة أسباب؛ فالمعركة الأساسية تدور رحاها على خطّ الدفاع الأوكراني البديل الثاني في دونباس، حيث تسعى القوات الروسية إلى تحقيق خرْق في محور كراماتورسك، ما يمكّنها من القضاء على مصادر النيران الأوكرانية التي تستهدف دونيتسك. عموماً، أصبح استكمال عملية السيطرة على كامل إقليم دونباس من خلال السيطرة على دونيتسك، في طوْره المتقدِّم، ولم يَعُد يوجد ما يمنع تحقيق الهدف المذكور، خصوصاً أن زمام المبادرة بات بيد القوات الروسية. كما أن قدرة الغرب على إمداد جبهات عمق دونباس بالمؤن والقوات الاحتياطية البديلة والذخائر والسلاح، أضحت ضعيفة، ولا ترقى إلى مستوى الإمدادات السابقة. وبذا، أصبحت قيادة الأركان الأوكرانية غير قادرة على تغيير موازين القوى، قبل نهاية الصيف، كما يؤمل منها.
لا تستبعد موسكو فشل اتفاق الحبوب مع أوكرانيا، في حال عدم بدء تصدير المنتجات الروسية
من جانب آخر، رأى وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن هناك حاجة للتركيز على وقْف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، وذلك بعد إبرام اتفاق صادرات الحبوب الأسبوع الماضي بين الجانبين، معتبراً أن النجاح في تنفيذ هذا الاتفاق من شأنه أن يسفر عن ثقة بين البلدين، ويمكن أن يمهّد الطريق لحلٍّ ديبلوماسي للصراع. وفي الإطار نفسه توقّع الناطق باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أن تنطلق السفن المحمَّلة بالحبوب، بموجب اتفاق إسطنبول، في غضون أسبوعين، في وقت بدأ العمل في مركز تنسيق تصدير الحبوب من أوكرانيا عبر الممرّ الآمن في البحر الأسود في إسطنبول بإدارة مشتركة من تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة. لكن نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، لم يستبعد فشل اتفاق الحبوب، إذا لم يتمّ فوراً رفْع العقوبات التي تعيق تصدير المنتجات الزراعية الروسية، مشدداً على أنه يجب أن ينطلق التصدير من روسيا وأوكرانيا بشكل متزامن. أيضاً، اعتبرت وزارة الخارجية الروسية أن الحديث عن تنفيذ اتفاق شحن الحبوب ما زال مبكراً، لافتة إلى أن الأطراف تُواصل التحضير للآليات اللازمة لتطبيقه.