تحوّلت أنظار العالم إلى الكرملين، إثر مصادقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على ضم «الأراضي الجديدة» التي سيطرت عليها قواته وأيّدت أغلبية ساحقة من سكانها الانضمام إلى روسيا في استفتاء نُظّم على عَجل، ما يُتيح، وفق الجانب الروسي اعتبار أي محاولة أوكرانية لاستهداف هذه المناطق هجوماً على روسيا نفسها، وتستوجب الدفاع وفق اللازم.
وقد وقّع بوتين اتفاقيات بشأن ضم دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا إلى روسيا، أمام مئات الحضور في قاعة سان جورج في الكرملين، بعد خطاب أكّد فيه الدفاع عن أراضي روسيا «بكل القوى والوسائل المتاحة لنا»، وذلك بمشاركة رؤساء «جمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين»، دينيس بوشلين وليونيد باشنيك، وكذلك رؤساء منطقتَي خيرسون وزابوريجيا، فولوديمير سالدو ويفهن باليتسكي.

في خطابه، قال بوتين إن «هذه هي إرادة الملايين من الناس»، و«حقهم المنصوص عليه في المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة، التي تتحدث مباشرة عن مبدأ المساواة في الحقوق وتقرير المصير للشعوب».

وتوجّه إلى كييف قائلاً: «أريد أن تسمعني سلطات كييف وأسيادهم الحقيقيون في الغرب: الناس في دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا باتوا مواطنينا إلى الأبد. سندافع عن أرضنا بكل القوى والوسائل المتاحة لنا، وسنبذل قصارى جهدنا لضمان الحياة الآمنة لشعبنا. هذه هي مهمة التحرير العظيمة لشعبنا».

كذلك دعا كييف إلى احترام اختيار سكان هذه المناطق، وأن في ذلك فقط «الطريق إلى السلام».

كما أشار بوتين إلى أن أهالي هذه المناطق «وجدوا أنفسهم فجأة معزولين عن وطنهم. وقد مزق تفكك الاتحاد السوفياتي أوصال شعبنا، وتحول إلى كارثة وطنية»، وذلك عام 1991.

وأضاف: «لا يوجد اتحاد سوفياتي (الآن). لا يمكن إرجاع الماضي. نعم، وروسيا اليوم لم تعد بحاجة إليه. نحن لا نسعى إلى تحقيق ذلك (...) ولكن لا يوجد شيء أقوى من تصميم ملايين الأشخاص الذين من خلال ثقافتهم وإيمانهم وتقاليدهم ولغتهم، يعتبرون أنفسهم جزءاً من روسيا».

وأكّد أن «انهيار الهيمنة الغربية الذي بدأ لا رجوع فيه»، مضيفاً إن «الادعاءات بالسيطرة على العالم في الماضي تحطمت بالفعل أكثر من مرة بشجاعة ومرونة شعبنا. وستظل روسيا دائماً هي روسيا، والآن سندافع عن قيمنا».

وأضاف: «نكافح من أجل طريق عادل وحرّ (...) أنا مقتنع بأن البلدان والشعوب تدرك أن سياسة مبنية على الحصرية لأحدهم، مهما كان قمع الثقافات والشعوب الأخرى، هو إجرامي بطبيعته. يجب علينا طيّ هذه الصفحة المخزية».

ردود الفعل الغربية

بعد دقائق على إعلان الضم رسمياً، الذي أثار استياء الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، سارع ليُعلن عبر مقطع مصوّر بثّ على مواقع التواصل الاجتماعي أن بلاده وقّعت طلب «انضمام عاجل» إلى «حلف شمال الأطلسي» (الناتو).

كما تعهّد قادة الاتحاد الأوروبي بأنهم «لن يعترفوا إطلاقاً» بضمّ روسيا للمناطق الأربع، واصفين الضم بـ«غير القانوني»، كما اتهموا الكرملين بـ«تعريض الأمن العالمي للخطر».

أما الرئيس الأميركي، جو بايدن، فرأى أنّ الإعلان الروسي قائم على «الاحتيال» وأن «روسيا تنتهك القانون الدولي وتعبث بميثاق الأمم المتحدة، وتبدي ازدراءها للدول المسالمة أينما كانت».

وأضاف: «ستحترم الولايات المتحدة على الدوام حدود أوكرانيا المعترف بها دولياً. وسنواصل دعم جهود أوكرانيا لاستعادة أراضيها عبر تعزيز قوتها العسكرية والدبلوماسية، بما في ذلك عبر المساعدة الأمنية الإضافية البالغة قيمتها 1.1 مليار دولار التي أعلنتها الولايات المتحدة هذا الأسبوع».

كذلك، سارعت واشنطن إلى فرض حزمة جديدة من العقوبات تستهدف مئات الشخصيات والشركات الروسية، بمن فيهم أعضاء في الهيئة التشريعية الروسية والجيش والبنك المركزي، رداً على إعلان موسكو ضم الأراضي.

وقالت وزارة الخزانة إنها فرضت عقوبات على 14 مسؤولاً في المجمع الصناعي العسكري الروسي واثنين من قادة البنك المركزي في البلاد وأقارب لكبار المسؤولين و278 عضواً في الهيئة التشريعية الروسية بذريعة ضلوعهم في «تنظيم الاستفتاءات الروسية الصورية ومحاولة ضم أراضٍ أوكرانية».

أحداث «نورد ستريم»
وعلى صعيد تسرب الغاز من «نورد ستريم» إثر الانفجارات التي لحقت بالأنابيب، أكّد بوتين أن التسرب جاء بفعل «الهجمات الإرهابية». وأضاف: «لقد بدأ الأنغلو ساكسون في الواقع في تدمير بنية الطاقة الأوروبية».

وقال بوتين: «لم يكن لدى الأنغلو ساكسون عقوبات كافية؛ لقد انتقلوا إلى التخريب عن طريق تفجير خطوط أنابيب الغاز الدولية لنورد ستريم، والتي تمتد على طول قاع بحر البلطيق. لقد بدأوا بالفعل في تدمير البنية التحتية للطاقة الأوروبية»، مشيراً إلى أن الأمر «واضح للجميع، من يستفيد من هذا هو من فعل ذلك»، بالإشارة إلى الولايات المتحدة.

وفي وقت سابق، وصف سكرتير مجلس الأمن، نيكولاي باتروشيف، الولايات المتحدة بأنها المستفيد الرئيسي من الانفجارات في خطوط أنابيب الغاز. وأضاف إنه ينبغي بذل الجهود لفضح من أمر بالتفجيرات ونفّذها.