طهران | بعد طول نَفْيٍ، أكدت الجمهورية الإسلامية على لسان وزير خارجيّتها، حسين أمير عبد اللهيان، أنها زوّدت روسيا بالمسيّرات، وهو ما يشكّل منعطفاً يضع الأولى، في خضمّ الحرب المتواصلة في أوكرانيا، في دائرتها. وفي هذا المجال، علّق الوزير الإيراني على «الضجّة التي أثارتها بعض الدول الغربية على خلفية إرسال إيران مسيّرات وصواريخ إلى روسيا لمساعدتها في الحرب في أوكرانيا»، مؤكداً أنه في ما يخصّ «الجزء المتعلّق بالصواريخ، فهو خطأ تماماً. أمّا بالنسبة إلى الدرونز، فقد وضعنا مسيّرات في تصرّف روسيا، وذلك قبل أشهر من بدء الحرب الأوكرانية». وقال إن بلاده طلبت من السلطات الأوكرانية أن تضع في تصرُّفها «أدلّة وبراهين تؤكد استخدام روسيا للمسيّرات الإيرانية في الحرب الأوكرانية»، لافتاً إلى أنها «لن تقف مكتوفة الأيدي»، في حال ثبوت صحّة «المزاعم». من جهته، شدّد كبير متحدّثي القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، على أن التبادل العسكري بين إيران وروسيا سابق للحرب في أوكرانيا، مشيراً إلى أن الجمهورية الإسلامية «لا تتدخّل في الحرب بين هذَين البلدَين».وسارع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى الردّ على تصریحات أمیر عبد اللهیان، متّهماً إيران بـ«الكذب» في ما خصّ مسألة إرسالها «عدداً محدوداً» من الطائرات المسيّرة إلى روسيا، إذ قال إن قواته «تُسقط، يومياً، ما لا يقلّ عن 10 من هذه الطائرات المسيّرة». وعلى رغم إثارة قضيّة إرسال أسلحة إيرانية الصنع إلى روسيا لاستخدامها في الحرب الأوكرانية، قبل أشهر، إلّا أن زيلينسكي نشر، في 28 تشرين الأول الماضي، صورة له وهو يقف وإلى جانبه حطام طائرة مسيّرة إيرانية المنشأ، من طراز «شاهد 136»، وهي مسيّرة انتحارية تزن 200 كيلوغرام، ويصل مداها إلى 2000 كيلومتر، وتبلغ سرعتها 185 كيلومتراً في الساعة، وتمتلك قدرة فائقة على التهرّب من الرادارات. من جهته، أعلن وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، أخيراً، أنه أَطلع وزراء خارجية دول «مجموعة السبع» على وجود أجزاء من طائرة مسيّرة إيرانية كانت كييف قد أسقطتها. ووفق بعض التقارير، طلبت روسيا ألفَي طائرة مسيّرة إيرانية، يُعتقد أن ألفاً منها وصلت، حتى الآن. وذكرت شبكة «سي إن إن»، الأسبوع الماضي، أن آخر شحنة إيرانية أُرسلت إلى روسيا، ضمّت 450 طائرة مسيّرة، وهو ما أكده، توازياً، الجيش الأوكراني الذي قال إن إيران «سترسل قريباً مجموعة جديدة من مسيّراتها القتالية، تشتمل على 200 مسيّرة شاهد 136 ومهاجر6 وأرش2، إلى روسيا»، سيتمّ نقلها «على هيئة قطع منفصلة، على أن يتمّ تجميعها داخل الأراضي الروسية وصبغها مجدّداً، ووضع شارة روسية عليها».
شدّدت إيران على أن التبادل العسكري بينها وبين روسيا سابق للحرب في أوكرانيا


وأفاد عبد اللهيان بأن وفداً دفاعيّاً إيرانيّاً كان قد سافر، قبل أسبوعين، إلى إحدى الدول الأوروبية لعقد اجتماع مشترك مع الأوكرانيين حول مسألة المسيّرات، بيدَ أن «الطرف الأوكراني قرّر، في ربع الساعة الأخير، أن لا يحضر الاجتماع»، عازياً ذلك إلى «ضغوط مارستها أميركا وبعض الدول الأوروبية، ولا سيما ألمانيا» عليه. وبحسبه، أبلغت هذه الدول، الجانب الأوكراني بـ«(أنّنا) نريد فرض عقوبات على إيران على خلفيّة مسألة المسيّرات، والآن تريدون أنتم احتساء القهوة معهم في اجتماع مشترك».
في هذا الوقت، تتواصل الضغوط الدولية على خلفية قضيّة «الدرونز»، إذ أعلن الأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي»، ينس ستولتنبرغ، الخميس الماضي، أن «طهران، وفضلاً عن إرسالها المسيّرات إلى موسكو، تدرس تسليمها صواريخ باليستية لتستخدمها في حربها على أوكرانيا»، واصفاً هذا الإجراء بـ«غير المقبول». وفيما لم تقرّ «مجموعة السبع»، إلى الآن، أيّ عقوبات في الإطار المذكور، إلّا أن وزراء خارجية دول المجموعة، انتقدوا، في بيانهم، الجمهورية الإسلامية بسبب «مواصلتها الأنشطة المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط والدول المحيطة»، بما يشمل إرسالها «أسلحة متطوّرة، من ضمنها مسيّرات، إلى الحكومات والميليشيات». واستناداً إلى التقارير حول استخدام روسيا مسيّرات إيرانية الصنع لمهاجمة الأهداف المدنية في أوكرانيا، تَعتبر الدول الغربية أن هذه الأسلحة «تنتهك» قرار مجلس الأمن الدولي «الرقم 2231»، والمتعلّق بالاتفاق النووي، داعيةً الأمم المتحدة إلى الخوض في هذا المجال. ويمكن أن تفضي هذه القضيّة إلى تفعيل «آلية فضّ النزاع»، أي إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على الجمهورية الإسلامية، والتي كانت قد أُلغيت أو عُلقت في أعقاب إبرام الاتفاق النووي. ويرى بعض المراقبين أن تصريحات أمير عبد اللهيان من أن إرسال المسيّرات يعود إلى ما قبل أشهر من اندلاع الحرب الأوكرانية، تندرج في إطار الحدّ من الضغوط الدولية، ولا سيما دراسة هذه القضيّة في إطار الانتهاك المحتمل لـ«القرار 2231».