طهران | عشيّة مونديال قطر، وعلى مسافة ليست بعيدة من الدولة الخليجية، تسبَّبت مهاجمة ناقلة نفط قيل إنّها مملوكة لملياردير إسرائيلي، قبالة شواطئ سلطنة عُمان، في تبادل الاتهامات بين إيران وإسرائيل. وأفادت وكالات الأنباء العالمية بأن ناقلة «باسيفيك زيركون» التي تديرها شركة «إيسترن باسيفيك شيبينغ»، ومقرّها سنغافورة، وتعود ملكيّتها للملياردير الإسرائيلي، إيدان عوفر، تعرّضت، ليل الثلاثاء، لهجوم شنّته «مسيّرة مزوّدة بقنابل» قبالة شواطئ عُمان، بيدَ أن الهجوم لم يُحدِث أيّ أضرار. وسارعت إسرائيل ومعها الولايات المتحدة، بُعيد إعلان النبأ، إلى توجيه الاتهام إلى إيران بالضلوع في الهجوم. وفي هذا الإطار، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن «مسؤول أمني»، قوله إن طهران تقف وراء الحادثة، فيما ذكرت وسائل الإعلام العبريّة أن الجيش الأميركي أَبلغ نظيره الإسرائيلي أن الهجوم نفّذته طائرة مسيّرة إيرانية من طراز «شاهد»، لا ينفكّ الحديث عنها يتكرّر، منذ أشهر، على خلفيّة استخدام روسيا لها في الحرب الأوكرانية.ولم يكد قائد القيادة المركزية الأميركية، مايكل كوريلا، يعلن أن «الأسطول الأميركي الخامس» أَخَذَ عِلماً بالهجوم على سفينة تجاريّة في بحر عُمان، واعتبره «مؤشّراً إلى الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار»، حتى قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، أيضاً، «(إننا)، وفي ظلّ دراسة المعطيات المتاحة، على ثقة بأن إيران هي التي نفّذت - على الأرجح - هذا الهجوم بواسطة طائرة مسيّرة». لكن المسؤولين الإيرانيين، وعلى غرار الأحداث المماثلة، لم يعلّقوا على الحادث، غير أن حساب موقع «نورنيوز» القريب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، على «تويتر»، وصف الهجوم على الناقلة الإسرائيلية بأنه «تهويل إعلامي»، معتبراً أن «إسرائيل تنوي توريط قطر وإيران في قضايا هامشيّة». وجاءت الإشارة الأخيرة ردّاً على ما ذكرته «القناة 13» العبرية، من أن الجمهورية الإسلامية «تنوي، من خلال مهاجمتها الناقلة، التأثير على مجريات التحضير لألعاب كأس العالم في قطر المجاورة لسلطنة عُمان». لكن بعض التكهّنات ذهبت إلى أن الهجوم يأتي ردّاً على آخر شُنّ، الأسبوع الماضي، في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، على شحنة وقود إيرانية كانت متّجهة إلى لبنان.
ومنذ التصعيد الذي حصل بين إيران والولايات المتحدة في عام 2018، في أعقاب انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي، شهدت منطقة الخليج هجمات استهدفت سُفناً تجارية، فيما توعّدت الجمهورية الإسلامية، مراراً، بإغلاق مسار صادرات النفط عبر مضيق هرمز. وخلال الأشهر الأخيرة، نُشرت تقارير عن هجمات متبادَلة بين إيران وإسرائيل على ناقلات النفط؛ ففي 29 تموز الماضي، تعرّضت ناقلة «ميرسر ستريت» (تُدار أيضاً مِن قِبَل إيدان عوفر) التي كانت تَحمل عَلَم ليبيريا، لهجوم في المياه الحرّة قبالة شواطئ سلطنة عُمان، أدّى إلى مقتل شخصَين، أحدهما بريطاني الجنسية والآخر روماني الجنسية. وفي ذلك الحين، أعلنت الحكومة البريطانية أن الهجوم نُفّذ بواسطة مسيّرة «شاهد 136» التي تُصنّع فقط في إيران، ووجّهت القيادة المركزيّة الأميركية أيضاً، أصابع الاتهام نحو طهران، وصولاً إلى مطالبة كلٍّ من بريطانيا ورومانيا وليبيريا وإسرائيل، «المجتمع الدولي»، بإدانة الجمهورية الإسلامية.
بادرت إيران واليونان إلى تبادل الإفراج عن ناقلاتهما المحتجزة بعد محادثات استغرقت أشهراً

وفي 13 نيسان من هذا العام، استُهدفت سفينة إسرائيلية قبالة شواطئ إمارة الفجيرة، سارعت سلطات الاحتلال إلى تحميل طهران مسؤوليته. وقبلها بأيّام، تحدّثت وسائل إعلام عن هجوم مجهولين على سفينة تابعة لـ»الحرس الثوري» الإيراني في البحر الأحمر قبالة شواطئ اليمن، وهو ما أكدته إيران، لكنها قالت إن الخسائر التي تسبّب بها «غير جادّة». وفي 25 آذار، أُعلن أن إيران نَفّذت هجوماً صاروخيّاً على سفينة شحن إسرائيلية في بحر العرب، بيدَ أن وسائل الإعلام العبرية ذكرت أن هذه السفينة استطاعت مواصلة الإبحار في اتجاه الهند. وقبل شهر من الحادث المذكور، تمّ استهداف سفينة شحن مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي بالقرب من بحر عُمان، واصلت إبحارها بعد يومين من إصلاحها في دبي، فيما أُقحم اسم إيران أيضاً في الواقعة.
وفي تطوّر آخر، بادرت إيران واليونان، إلى تبادل الإفراج عن ناقلاتهما المحتجزة، ليضعا نهاية للتوتّر الذي شاب العلاقات الدبلوماسية بينهما على مدى أشهر. وأعلنت وزارة الملاحة اليونانية، الأربعاء، أن إيران أَفرجت عن سفينتَين يونانيتَين، كانت قد احتجزتهما قبل نحو ستة أشهر في مياه الخليج؛ وبالتزامن، أعلنت طهران أن ناقلة النفط المحتجزة التي ترفع العلم الإيراني، غادرت المياه اليونانية. وكانت أثينا قد احتجزت، في 19 نيسان، ناقلة النفط الروسية «بيغاس» التي غُيّر اسمها لاحقاً إلى «لانا»، وكانت تَحمل 115 ألف طن من النفط الإيراني، بالقرب من جزيرة أيوبويا. وفي اليوم ذاته، أعلنت اليونان أنها ستسلّم شحنة النفط الموجودة على متن هذه الناقلة إلى الولايات المتحدة، وذلك تأسيساً على قرار صادر عن محكمة يونانية، فيما قيل إن جزءاً من هذا النفط، نُقل إلى سفينة ثالثة أيضاً. ولَقي الحادث ردّ فعلٍ عاجلاً وحادّاً من السلطات الإيرانية؛ فبعد أيّام، أقدمت القوات البحرية التابعة للحرس الثوري على احتجاز الناقلتَين اليونانيتَين «بردنت واریور» (MT Prudent Warrior) و«دلتا بوزیدون» (Delta Poseidon)، على خلفيّة ما قيل إنه «انتهاكها القواعد والقوانين وتلويث البيئة البحرية»، على رغم أنه كان واضحاً للجميع أن الإجراء الإيراني الحادّ جاء ردّاً على الأحداث التي وقعت في المياه اليونانية. وأذكى احتجاز هاتَين السفينتَين اليونانيتَين في خضمّ التدهور الواسع للعلاقات بين إيران والغرب، التوتّرات الثنائية، غير أن محادثات جرت، خلال الأشهر الماضية، بين البلدَين بالخصوص، ليصار إلى الاتفاق على الإفراج عن السفن المحتجَزة، ووضع حدٍّ للتصعيد الحاصل.