طهران | على رغم العقوبات والحصار المتواصل على إيران منذ عقود، وتأثير ذلك على كافة مفاصل الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية، بقي مجال وحيد بعيداً من وقع هذه العقوبات، وشكّل العلامة الفارقة التي حافظت بشكل كبير على كيان الجمهورية الإسلامية من الوهن والضعف، وهو مجال الصناعة الصاروخية. ومثّل هذا المجال أحد أهمّ أركان القوة بوجه التهديدات المتنامية لإيران، ودورها وموقعها في الإقليم، خصوصاً أن استهداف وتقويض الصناعة الصاروخية الإيرانية، كان جزءاً من أهداف الإدارة الأميركية السابقة، حين انسحبت من الاتفاق النووي قبل أعوام، وطرحت بعد ذلك خطّة إعادة صياغة الاتفاق، وإدراج ملفّ الصواريخ ضمنه، مقابل رفع العقوبات. من جهتها، أثبتت إيران، لأعدائها وأصدقائها، جدوى عملها على تطوير الصواريخ، في مناسبات عدة، من استهداف مواقع لـ«داعش» في دير الزور في سوريا، إلى قصف قاعدة عين الأسد الأميركية في العراق، وصولاً إلى ضرب مقارّ «الموساد» في كردستان العراق. وهكذا، صارت ترسانة الصواريخ، وخصوصاً تلك الباليستية والدقيقة، سلاحاً رادعاً، تكشف طهران عن جديده كلّما ارتفعت التهديدات الأميركية والإسرائيلية في وجهها.
العسكر في إيران يعمل بشقّيه، جيشاً و«حرس»، على رفع مستوى القدرات الصاروخية

واللافت أن العسكر في إيران يعمل بشقّيه، جيشاً و«حرس ثورة» إسلامية، بشكل منفصل على رفع مستوى القدرات الصاروخية من خلال مصانع وزارة الدفاع، والقوة الصاروخية في «الحرس الثوري». ويجري هذا العمل على خطَّين لإنتاج الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى، وآخرها صاروخ «خيبر» الذي أعلنت عنه وزارة الدفاع، وهو الجيل الرابع من صواريخ «خورمشهر»، بمدى 2000 كلم، ورأس حربي متفجّر بزنة طن ونصف طن. وشكّل ذلك الإعلان رسالة واضحة لمن يعنيهم الأمر، من حيث مدى الصاروخ الذي يلامس حدود أوروبا، ويغطّي كافة القواعد الأميركية على شعاع 2000 كلم من الحدود الإيرانية، وأيضاً الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى كون "خيبر" صاروخاً دقيقاً نقطوياً، لا يتعدّى هامش الخطأ فيه بضعة أمتار، مع مواصفات توجيهيّة وإلكترونية خاصة.
من جهة أخرى، لم ينتظر «الحرس الثوري» إتمام صفقة "السوخوي" المنشودة مع روسيا، بل هو عمل على إنتاج صاروخ «هايبرسونيك» بسرعة 13 ماخ. وبحسب قائد القوة الصاروخية في «الحرس الثوري الإسلامي»، العميد أمير علي حاجي زادة، فإن «هذا الصاروخ قد أنهى مراحل الاختبار بنجاح، وسيتمّ الكشف عنه قريباً». وتكمن أهمية هذا الإعلان المقتضب، في أن كافة منظومات الدفاع الجوي لدى العدو، ستكون عرضة للتدمير، إضافة إلى إمكانية استهداف المطارات وحاملات الطائرات ومراكز القيادة والسيطرة. وبالتالي، فإن السرعة الهائلة للصاروخ الإيراني الجديد، والتي تبلغ 13 ماخ، أي حوالي 15000 كلم/الساعة، تمنحه القدرة على ضرب منصات الدفاع الجوي من دون القدرة على إسقاطه، إضافة إلى تمتّعه بقدرة عالية على المناورة والتخفّي عن الرادارات.