لم تَعُد الأراضي الروسية الداخلية بمأمن من الاستهداف الأوكراني الآخذ في التزايد في الأيام الماضية ضدّ المناطق الحدودية مع أوكرانيا، في حين كثّفت روسيا من استهدافها الأراضي الأوكرانية بقصف صاروخي وبالمسيّرات. وأعلنت سلطات عدد من المقاطعات الروسية، اليوم، أن مناطق فيها تعرّضت لقصف وهجمات بمسيّرات من جانب أوكرانيا. وأفاد حاكم بيلغورود الروسية بأن شخصَين قتلا في قصف استهدف مناطق سكنية عدّة في المقاطعة، وأدّى أيضاً إلى سقوط عدد من الجرحى. كذلك، أعلنت سلطات المقاطعة وقف حركة القطارات في منطقة شيبيكينو بدءاً من 3 حزيران بسبب القصف. ومنذ أيام، تتعرّض بيلغورود لقصف صاروخي أوكراني بشكل شبه يومي، ما تسبّب بوقوع عدّة إصابات بين المدنيين، فيما أعلن حاكم المقاطعة تفعيل الدفاعات الجوّية، ونقل أكثر من 2500 من سكان منطقة شيبكينسكي الحدودية إلى مراكز إيواء مؤقّتة. بالتزامن مع ذلك، تجدّدت المحاولات الأوكرانية لتنفيذ عمليات في بيلغورود، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها أحبطت محاولة للقوات الأوكرانية لـ«غزو» المنطقة، مفيدةً بأن ما يصل إلى 70 مقاتلاً شاركوا في الهجوم الذي شُنّ بواسطة 5 دبابات و4 مدرعات و7 شاحنات صغيرة، متحدّثةً عن إحباط 3 محاولات اختراق نظّمتها تشكيلات أوكرانية وصفتها بـ«الإرهابية». وأشارت إلى أن موسكو استخدمت طائرات ومدفعية لصدّ الهجمات ومنع القوات الأوكرانية من العبور إلى الأراضي الروسية، معلنةً «مقتل أكثر من 50 مقاتلاً أوكرانيا».على صعيد متّصل، أفاد القائم بأعمال حاكم مقاطعة سمولينسك، فاسيلي أنوخين، بأن طائرتَين مسيّرتَين بعيدتَي المدى هاجمتا منشآت للوقود والطاقة في منطقة سمولينسك فجر اليوم، من دون أن يتسبّب ذلك بوقوع إصابات أو أضرار جسيمة. أيضاً، أعلن حاكم مقاطعة كالوغا، فلاديسلاف شابشا، سقوط وانفجار «جسم مجهول» في غابة في منطقة كالوغا صباحاً، من دون أن يلحق أضراراً بالمنشآت الاقتصادية والمباني السكنية، أو يتسبّب بإصابة أحد بأذى. وفي مقاطعة بريانسك الحدودية، قال الحاكم ألكسندر بوغوماز إن النيران اندلعت في منزل يضمّ شقّتَين في قرية نوفايا بوغوش نتيجة قصف من أوكرانيا لم يتسبّب بوقوع إصابات. أمّا حاكم مقاطعة كورسك الروسية فأعلن أن الدفاعات الجوّية أسقطت عدّة مسيّرات أوكرانية قرب المدينة المجاورة للحدود مع أوكرانيا. وقال رومان ستاروفويت على «تليغرام»: «الليلة، أسقط أحد أنظمة الدفاع الجوي طائرات مسيّرة أوكرانية عدّة قرب كورسك»، مطالباً سكّان المنطقة بـ«التزام الهدوء، فالمدينة تحت حماية موثوقة من جيشنا». وأفاد القائم بأعمال حاكم منطقة سمولينسك غرب روسيا، بدوره، بأن مسيّرتَين بعيدتَي المدى نفّذتا هجوماً على بنية تحتية للوقود والطاقة في المنطقة خلال الليل، فيما لم تَرِد تقارير عن وقوع إصابات أو نشوب حريق.
وفي ردّ الفعل على تلك التطوّرات، وصف نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، ديمتري ميدفيديف، ما تتعرّض له المناطق الروسية من قصف وهجوم بـ«الإرهاب»، وشدد على أنه «لا بدّ من القضاء على الإرهابيين، وهم نظام كييف ومن يقف وراءه من الأميركيين والأوروبيين». كذلك، شنّت القوات الروسية ضربات جوّية مكثّفة استهدفت كييف ومناطق عدّة في أوكرانيا. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها نفذت ضربة جماعية ليل الخميس - الجمعة، دمّرت خلالها أنظمة دفاع جوّي «معادية» كانت تحمي مرافق البنية التحتية العسكرية الحيوية في أوكرانيا. أمّا على جبهة دونيتسك ولوغانسك، فتدور اشتباكات بين القوات الروسية والأوكرانية على أكثر من جبهة. وقالت هيئة الأركان الأوكرانية إن قواتها صدّت في الساعات الماضية 25 هجوماً روسياً في اتجاهات دونيتسك ولوغانسك، ومنها محورا ليمان ومارينكا وفي اتجاه كوبيانسك، لاسيما غرب ماسيوتيفكا في منطقة خاركيف. في الأثناء، أكدت قيادة عمليات الجنوب الأوكرانية مواصلة قواتها قصف المواقع الروسية على طول جبهتَي خيرسون وزاباروجيا، مضيفةً أن الخسائر الروسية على محاور خيرسون وزاباروجيا وأفدييفكا خلال الساعات الماضية اقتربت من سريّتَين عسكريتَين سقط جنودهما ما بين قتيل وجريح، في حين قالت وزارة الدفاع الروسية إن مجموعة «أحمد» من القوات الخاصة الشيشانية شنّت هجوماً بالقرب من بلدة مارينكا في منطقة دونيتسك.
في هذا الوقت، اتّهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من سمّاهم «الأعداء» بمحاولة زعزعة الوضع داخل روسيا، مؤكداً أن موسكو لن تسمح لهم بذلك. وقال بوتين، في اجتماع مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الروسي، إنه «سيتمّ التعامل مع القضايا التي تتعلّق بضمان أمن روسيا الداخلي، مع الأخذ في الاعتبار الجهود التي لا يزال يبذلها من يعملون من أجل إثارة الوضع في الداخل الروسي». وفي المقابل، وصف وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، حرب أوكرانيا بأنها «فشل إستراتيجي» لروسيا، مستدّلاً على ما تَقدّم بـ«وحدة الغرب وخسائر موسكو». وبينما لا تزال بلاده تضغط في اتّجاه ضمّ أوكرانيا إلى «حلف شمال الأطلسي»، اعتبر الكرملين أن دعوة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الحلفاء الغربيين إلى قبول هذه العضوية، «إشارة إلى عدم رغبة كييف في حل الأزمة عن طريق المفاوضات». وأشار الكرملين إلى أن «روسيا تسعى لضمان أمنها، وهذا يقتضي عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو»، محذّراً من أن «أيّ توسيع محتمل للناتو يعدّ مصدر قلق لسنوات»، ولافتاً إلى أن «العديد من الدول الأوروبية تتفهّم ذلك». وشدّد على أن «أخذ مصالح روسيا في الاعتبار يعدّ أولوية لها في التسوية الأوكرانية».
(الأخبار)