رأت أمس مجموعة العمل حول الاعتقال التعسفي، التابعة للأمم المتحدة، أن حرمان مؤسس موقع «ويكيليكس»، جوليان أسانج من حريته بمثابة «احتجاز تعسفي»، مطالبة لندن وستوكهولم بالكف عن ملاحقته، لتمكينه من مغادرة سفارة الإكوادور في لندن، التي لجأ إليها عام 2012.
ورأت مجموعة العمل في بيان أن أسانج «محتجز تعسفياً من حكومات السويد والمملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية»، منذ أن أوقفته لندن في 7 كانون الأول 2010، وإبلاغه قرار تسليمه إلى السويد، حيث هو مطلوب قضائياً بتهمة اغتصاب. وقال الخبراء المستقلون الخمسة في المجموعة إن الأخيرة «تعتبر أن من حق أسانج التمتع بحرية الحركة والمطالبة بتعويضات» من حكومتي بريطانيا والسويد.
موسكو: فتح أسانج أعين العالم على جرائم الاستخبارات الأميركية

وقال رئيس المجموعة، الكوري الجنوبي سيونغ فيل هونغ، إن المجموعة تعتبر أن أسانج خضع لـ«نوع من الاحتجاز التعسفي»، وأنها ترى أن ذلك «يجب أن ينتهي». وأوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة، كزافييه سيلايا، أن المجموعة اتخذت قرارها هذا في كانون الأول الماضي.
وقال رئيس الإكوادور، رافايل كوريا، إن قرار المجموعة «يبيّن أننا كنا على حق (بمنح أسانج اللجوء)، بعد كل هذه السنوات». ورأى وزير الخارجية الإكوادوري، ريكاردو باتينيو، أنه قد «حان الوقت كي تصحح حكومتا (السويد وبريطانيا) خطأهما... عليهما إنهاء هذا الاعتقال التعسفي، والتعويض عن الأضرار التي ألحقتاها بهذا الرجل (أسانج)». وأعربت وزارة الخارجية الروسية أمس عن أملها بأن تستمع السلطات السويدية والبريطانية إلى آراء مجموعة العمل وتأخذ توصياتها بعين الاعتبار، ولا سيما لجهة ضمان حرية تنقل أسانج، والتعويض عن الخسائر التي لحقت به بسبب الملاحقة غير الشرعية التي تعرض لها. وطالبت الوزارة "بالعدالة للناشط الحقوقي الذي فتح عيون المجتمع الدولي على جرائم كثيرة ارتكبتها الاستخبارات الأميركية في العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى نشره بيانات تدل على انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان من قبل السلطات الأميركية".
لكن لندن وستوكهولم رفضتا على الفور رأي مجموعة الأمم المتحدة، معتبرة إياه غير ملزم. وقال وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، إن رأي المجموعة «مضحك»، معلناً أن أسانج «هارب من العدالة». وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن رأي المجموعة «لا يغيّر شيئاً؛ نحن نرفض تماماً التأكيد أن جوليان أسانج محتجز بشكل تعسفي، والمملكة المتحدة أوضحت للأمم المتحدة أننا سنعترض رسمياً على رأي مجموعة العمل»، الذي رأى أنه «يتجاهل الوقائع وتدابير الحماية الواسعة التي يقرها النظام القضائي البريطاني». وأضاف المتحدث أن أسانج «يتهرب عمداً من توقيف قانوني، باختياره البقاء في سفارة الإكوادور. هناك تهمة اغتصاب لا تزال عالقة، ومذكرة توقيف أوروبية جارية، وبالتالي فإن المملكة المتحدة لا تزال ملتزمة قانونياً بتسليمه للسويد»، موضحاً أن لندن غير موقّعة على اتفاقية كاراكاس، وبالتالي «نحن لا نعترف باللجوء الدبلوماسي». وجدير بالذكر أن بريطانيا أنفقت ملايين الجنيهات لحراسة السفارة الإكوادورية بشكل دائم، للقبض على أسانج في حال خروجه منها.
بدورها، أعلنت وزارة خارجية السويد أن ستوكهولم «لا تتفق مع تقويم غالبية مجموعة العمل»، معتبرة أنه ليس للمجموعة الحق بـ«التدخل في قضية جارية تتولاها هيئة سويدية عامة».
في المقابل، قال محامي أسانج في ستوكهولم، توماس أولسون، «إذا كانت السويد تتوقع من الدول الأخرى الالتزام بتوصيات الأمم المتحدة، فعليها بالتالي أن تلتزم هي بهذه القرارات... يمكننا أن نطلب من النيابة مراجعة مذكرة التوقيف، لكننا نريد أن نعطيهم أولاً الفرصة ليبرهنوا على أنهم يحترمون قرار الأمم المتحدة». ورأى أسانج أن رأي اللجنة يجب أن يعني «إعادة جواز سفري على الفور، ووقف أي محاولات لتوقيفي».
ويريد القضاء السويدي استجواب أسانج بشأن دعوى اغتصاب، لا تنتهي مدتها القانونية حتى 2020. لكن مؤسس ويكيليكس يخشى أن تسلمه السويد للولايات المتحدة التي تريد معاقبته على نشره نحو 500 ألف وثيقة عسكرية سرية حول الحرب في أفغانستان والعراق، و250 ألف برقية دبلوماسية سرية. وتجدر الإشارة، في هذا الإطار، إلى أن القضاء الأميركي حكم على الجندي تشيلسي ماننغ، الذي كان المصدر الرئيسي لويكيليكس، بالسجن 35 عاماً، لإدانته بـ«التجسس».

(الأخبار، أ ف ب)