أعلنت أمس مجموعة «صقور حرية كردستان»، القريبة من حزب العمال الكردستاني، مسؤوليتها عن التفجير الانتحاري الذي استهدف قافلة عسكرية في وسط أنقرة مساء الأربعاء الماضي، موقعاً عشرات القتلى والجرحى.
وتبنّت المجموعة، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، العملية «ضد قافلة لجنود الجمهورية التركية الفاشية»، وذلك «ثأراً للضعفاء الذين قُتلوا في أحد أقبية جيزري، وجرحانا المدنيين»، في إشارة إلى ضحايا العملية التي تشنها قوات الشرطة والجيش على المناطق ذات الغالبية الكردية في جنوب شرق البلاد منذ أكثر من شهرين، والتي تحصد عشرات الضحايا المدنيين، فضلاً عن تهجير عشرات الآلاف منهم. وحذّرت المجموعة في بيانها بأن «السياحة هدف مهم نريد تدميره. نحذّر السياح المحليين والأجانب من التوجه الى المواقع السياحية في تركيا. لسنا مسؤولين عمّن سيُقتل في الهجمات التي تستهدف هذه الأماكن». وتضمّن البيان صورة لشاب قال إنه منفّذ العملية، ذاكراً أن اسمه زينار رابرين، وأنه من مواليد عام 1989 في مدينة «فان». وكانت المجموعة قد أعلنت مسؤوليتها عن هجوم بقذائف الهاون، نفّذته في كانون الأول الماضي ضد مطار في إسطنبول.
وأعلن أمس رئيس نيابة أنقرة، هارون كودالاك، أن الشرطة أوقفت 17 شخصاً يُشتبه في صلتهم بالتفجير الانتحاري، وأنها انتهت «تقريباً» من التحقيق. وقال كودالاك إن هؤلاء الأشخاص، الذين لم تُكشف هوياتهم، أوقفوا في سبع محافظات في البلاد، وإن الشرطة لا تزال تبحث عن مشتبه فيه واحد.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ورئيس الوزراء، أحمد داوُد أوغلو قد «أكدا» أول من أمس أن الهجوم الانتحاري نفذه أكراد سوريون من «وحدات حماية الشعب» التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي، الذي تقول أنقرة إنه امتداد لحزب العمال الكردستاني. وكان داوُد أوغلو قد حدد هوية الانتحاري، قائلاً إنه السوري صالح نصّار (23 عاماً)، المقرب من «وحدات حماية الشعب»، فيما ذكرت صحف تركية أنه تم التعرف إلى نصّار من خلال بصمات أصابعه التي سُجلت لدى وصوله إلى تركيا كلاجئ. ولكن القيادي في حزب الاتحاد الديموقراطي، صالح مسلم، وأحد قادة حزب العمال الكردستاني، جميل باييك، كانا قد نفيا هذه الاتهامات.
وأعلن إردوغان أمس أنه سيوجه انتقادات لنظيره الأميركي، باراك أوباما، في اتصال هاتفي كان مقرراً عصر أمس (بتوقيت غرينيتش) حيال دعم واشنطن للمقاتلين الأكراد السوريين الذين تعتبرهم تركيا «إرهابيين». وقال إردوغان «سنقول (للمسؤولين الأميركيين) أين وكيف انفجرت الأسلحة التي يعطونها لهذه التنظيمات»، مضيفاً إن «عناد البلدان الغربية يحزننا». وكرر إردوغان القول إنه «ليس لدينا شك في أن الذين قاموا بهذا الهجوم هم وحدات حماية الشعب»، مضيفاً: «قبل شهور، أثناء اجتماعي معه (أوباما) أبلغته أن الولايات المتحدة تقدّم أسلحة (للمقاتلين الأكراد). وصلت 3 طائرات محمّلة (بالأسلحة)، انتهى المطاف بنصفها في أيدي داعش (تنظيم «الدولة الإسلامية»)، ونصفها في أيدي حزب الاتحاد الديموقراطي... ضد من استُخدمت هذه الأسلحة؟ استُخدمت ضد مدنيين هناك، وتسببت بمقتلهم».
وكان إردوغان يشير، على الأرجح، إلى عملية إسقاط طائرات أميركية 28 حزمة من الإمدادات العسكرية في أواخر 2014، قالت إنها كانت موجهة لمقاتلين أكراد عراقيين قرب مدينة عين العرب (كوباني) السورية. وأقر مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية آنذاك بأن إحدى الحزم سقطت في أيدي عناصر "داعش"، وأن سلاح الجو استهدف الحزمة تلك بغارة جوية ودمرها.
وفي وقت لاحق من مساء يوم أمس، قالت الرئاسة التركية إن أوباما عبّر عن مخاوفه بشأن تقدم قوات الحكومة السورية ووحدات حماية الشعب في شمال غرب سوريا، وإن تركيا تملك الحق في الدفاع عن نفسها، وإن واشنطن ستدعم أنقرة على الدوام، بوصفها عضواً في حلف شمالي الأطلسي، وذلك في الاتصال الهاتفي بين الرئيسين. وأضافت الرئاسة إن أوباما وإردوغان اتفقا على رفع مستوى التعاون في محاربة ما قالت إنها جماعات إرهابية، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني.
وكانت واشنطن قد أعلنت، بعد هجوم أنقرة، أنها لا تعتبر «وحدات حماية الشعب» منظمة إرهابية. وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية، أول من أمس، إن واشنطن لا يمكنها أن تنفي أو تؤكد اتهام تركيا للوحدات بأنها وراء تفجير أنقرة.

(الأخبار، رويترز، أ ف ب)