بكين عازمة على دفع النمو الاقتصادي قدماً، كأولوية مطلقة وكشرط لعملية «التحديث»، التي تحتاج أيضاً إلى «بيئة إقليمية ودولية مستقرة»، وفق رئيس الوزراء الصيني، لي كيه تشيانغ، الذي تحدث في ختام المؤتمر التشريعي الذي أقرّ الخطة الخمسية للصين (للأعوام 2016 ــ 2020).
وفق الخطة، إنّ الهدف الأساس للحكومة الإبقاء على معدل نمو «متوسط ــ عالٍ»، حدّه الأدنى 6.5%، بحيث يتضاعف الناتج المحلي للبلاد ومعدل الدخل الفردي للصينيين بنهاية مدة الخطة، قياساً بأرقام عام 2010، وبحيث يفوق حجم الاقتصاد الصيني 90 تريليون يوان (13.8 تريليون دولار أميركي)، مقارنة بـ67.7 تريليون يوان بنهاية العام الماضي.
لي: المصالح الصينية ــ الأميركية تفوق الخلافات أهميةً

«التنمية الصينية قوة يُعتمد عليها لحفظ السلام العالمي، بما فيه أيضاً مصلحة الدول الجارة... لدينا ملء الثقة بالآفاق الطولية الأمد للاقتصاد الصيني؛ وما دمنا نلتزم سياسة الإصلاح والانفتاح، لن يرى الاقتصاد الصيني هبوطاً حاداً»، قال رئيس الوزراء. وشرح أن لدى بكين هامشاً واسعاً من السياسات الاقتصادية الكلية «الإبداعية» للتعامل مع تباطؤ الاقتصاد العالمي والحفاظ على استقرار وتيرة النمو، برغم أن الاقتصاد المحلي «سيظل يواجه تقلبات صغيرة وقصيرة الأمد»، منوهاً بأنه، برغم تباطؤ وتيرة النمو، استطاعت الحكومة أن تضمن مستوى كامل من التوظيف.
وأشار لي إلى أن «الاقتصاد الجديد» لا يعني فقط قطاعات تكنولوجيا المعلومات والتجارة، والقطاعات الناشئة الأخرى، بل يشمل أيضاً قطاعات كالمزارع الصغيرة (العائلية) وصناعة المنتجات ذات القيمة المضافة العالية. ورأى أن دمج العوامل الجديدة للتنمية بالعوامل التقليدية، من شأنه أن يساعد على إعادة هيكلة الاقتصاد الصيني بشكل أكثر كفاءة، مطمئناً، في هذا السياق، إلى أن «الاقتصاد الجديد» سيستوعب العمال المصروفين من الصناعات ذات الطاقة الإنتاجية الفائضة، وأن حكومته سترعى هؤلاء وتحرص على توفير احتياجاتهم في المرحلة الانتقالية، وأنها ستتجنب، في المقام الأول، حدوث موجات واسعة من الصرف.
وعن علاقة بكين بتايوان، قال لي إن بالإمكان مناقشة أي مسألة، ما دام الطرفان يلتزمان مبدأ «الصين الواحدة»، الذي تكرّس بـ«إجماع عام 1992»، معرباً عن تفاؤله بتطور العلاقات عبر المضيق، وإيمانه بأنه «لا يمكن قطع صلات الدم».
وأشار رئيس الوزراء الصيني، في هذا السياق، إلى إبقاء الحكومة على السياسات التفضيلية لمصلحة رجال الأعمال التايوانيين، بل وزيادتها، بشرط التزام تايبيه مبدأ أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين.
لا تناقض بين حفاظ الصين على «درب التنمية السلمية»، و«صلابتها في صيانة سيادتها ووحدة أراضيها»، أكد لي كيه تشيانغ، معرباً عن أمله بأن تتعاون الدول المعنية في الإقليم وخارجه «للحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وليس العكس، بما فيه مصلحة الجميع».
وأقرّ بأن علاقة الصين باليابان وكوريا الجنوبية ما زالت هشّة، برغم التقدم المحقق على هذا الصعيد، داعياً الأطراف كافة إلى الاتفاق على مسائل تاريخية (أبرزها ماضي اليابان الاستعماري)، منوهاً بالتشابه الثقافي لدى شعوب الصين واليابان وكوريا.
وعن الولايات المتحدة، «التي لم تترك قط منطقة آسيا ــ المحيط الهادئ»، وعد لي بأن حكومته ستمنح المستثمرين الأميركيين ولوجاً أوسع إلى الأسواق الصينية. وقال إن نتيجة الانتخابات الأميركية لن تؤثر بالعلاقات الثنائية التي «لطالما كانت تتقدم». وأشار إلى أن قيمة التجارة بين الطرفين بلغت 560 مليار دولار، وأن الطرفين يتفاوضان على اتفاقية استثمار ثنائية.
أما روسيا، فعلاقة الصين معها «شاملة»، قال رئيس الوزراء، مشيراً إلى اللقاءات المستمرة للرئيسين، الصيني شي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين. وأضاف لي أن العلاقات الاقتصادية بين الطرفين تتحسن، بدلالة زيادة واردات الصين من النفط الروسي، وأن «لا ضغوط أو أعباء على الصين» في مواصلتها دفع العلاقات الثنائية قدماً.