طرحت المفوضية الأوروبية، أمس، تدابير جديدة لمكافحة انعدام الشفافية الضريبية لدى الشركات المتعددة الجنسيات، بعدما ألقت "أوراق بنما" الضوء على أعمال التهرّب الضريبي عبر شركات وحسابات "الأوفشور".
وتقضي مذكرة المفوضية الجديدة بكشف بلدان الاتحاد "دولة بدولة" عن البيانات الحسابية والضريبية للشركات المتعددة الجنسيات، بما يشمل حجم إيراداتها وأرباحها، فضلاً عن القاعدة الضريبية، وقيمة الضرائب التي دفعت في مختلف الدول الأعضاء.
ووفق المذكرة، ستُلزم الشركات بنشر معلوماتها، بمجرد أن يكون لها فرع في الاتحاد الأوروبي وإيرادات لا تقلّ عن 750 مليون يورو، أيّاً كانت جنسياتها، سواء أوروبية أو غيرها. أما بخصوص الشركات التي لا تملك فروعاً في الاتحاد الأوروبي، فستطلب المفوضية المعلومات ذاتها ولكن في ما يتعلق بأنشطتها الشاملة في العالم بأسره، مع طلب المزيد من التفاصيل بالنسبة إلى أنشطتها في الدول المدرجة على قائمة الملاذات الضريبية.
كذلك من المفترض الإعلان، غداً، عن إنشاء لجنة تحقيق برلمانية حول تبعات تسريبات "أوراق بنما" في الاتحاد. واقترحت المفوضية أيضاً "وضع قائمة سوداء أوروبية للملاذات الضريبية في مهلة ستة أشهر".
وكان المفوض الأوروبي للمسائل الضريبية الفرنسي، بيار موسكوفيسي، قد قال، أول من أمس: "لنأخذ بنما، فهي لا تعتبر رسمياً بمثابة ملاذ ضريبي إلا بالنسبة إلى تسع من دول الاتحاد الأوروبي، وهذا غير جدير بالصدقية. إننا بحاجة ماسة إلى قائمة مشتركة حقيقية، مع معايير متماثلة وتهديدات بفرض عقوبات شديدة". غير أن هذا المقترح لا يذهب بعيداً بما يكفي برأي العديد من المنظمات غير الحكومية التي تطالب بمزيد من الشفافية.
وفي هذا الصدد، اعتبرت منظمة "وان" أن من المؤسف أن الشركات الكبرى التي يفوق إجمالي إيراداتها 750 مليون يورو، وحدها معنية بوجوب الإفصاح عن بياناتها الأساسية. وأشارت المنظمة إلى ثغرة أخرى تبقي أنشطة الشركات خارج الاتحاد الأوروبي طيّ الكتمان، إذ يقتصر إلزام الدول بالإفصاح عن البيانات على بلدان الكتلة الأوروبية.
ولفتت المستشارة السياسية للشؤون الضريبية في "أوكسفام"، أورور شاردوني، إلى "وجود ملاذات ضريبية في الاتحاد الأوروبي نفسه، وكذلك في دول كبرى كالولايات المتحدة. بالتالي رسالتنا هي فعلاً الشفافية الضريبية للجميع".
وفي المقابل، عبّرت مجموعات أعمال عن استيائها حيال خطط الاتحاد الأوروبي لإجبارهم على الكشف عن أرباحهم لعامّة الناس، وليس فقط السلطات الضريبية. وقال المدير العام لـ"بزنس يوروب"، ماركس بايرر، إن الجمعية الأوروبية لأرباب العمل "تعارض بشدة عرض المعلومات للعامّة بناءً على تقارير من كل دولة". وأضاف أن الجمعية على استعداد لكشف حساباتها في كل دولة للمسؤلين الضريبيين، ولكن ترفض أي مراقبة على مستوى أوسع من ذلك". واعتبر بايرر أن "فكرة استخدام الضغط من قبل الرأي العام بكل بساطة خاطئة، وتقوّض دور السلطات الضريبية التي يجب أن تعالج المسألة".
(الأخبار، أ ف ب)