بغداد ــ أنقرة: نحو مزيد من التصعيد

العبادي لإردوغان: اسحبوا قواتكم باتجاه إقليم كردستان

  • 0
  • ض
  • ض

في الوقت الذي تسعى فيه بغداد إلى تصعيد إجراءاتها في وجه أنقرة، رداً على عدم سحب قواتها من نينوى، أوصل حيدر العبادي رسالة إلى تركيا، عبر مسعود البرزاني، طالبها فيها بسحب القوات التركية إلى إقليم كردستان

هي المرة الأولى التي تتحرك فيها الدبلوماسية العراقية بعد عام 2003، بهذه القوة ضد «أذى الجيران» وتجاوزاتهم المستمرة منذ 12 عاماً. وهي المرة الأولى التي تستغل فيها بغداد الورقة الاقتصادية للضغط على دول الجوار، وإبراز أهمية العراق الاقتصادية والتجارية، بعد إعلانها رسمياً إلغاء الملحقية التجارية في السفارة العراقية في تركيا. يأتي ذلك في وقت علمت فيه «الأخبار» أن بغداد تدرس سحب سفيرها من أنقرة وإعلان السفير التركي «شخصاً غير مرغوب فيه»، ما يعد الموقف الأبرز منذ الأزمة الأخيرة. وكانت وزارة الخارجية العراقية قد أعلنت، في بيان لها صباح أمس، مباشرتها الاتصال بالدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى عدد من الدول، لاتخاذ موقف دولي تجاه «الانتهاك التركي للسيادة العراقية وحشد الدعم الدولي لاستصدار قرار من مجلس الأمن يدين هذا الانتهاك». وجاء الرد والتفاعل الدولي سريعاً مع العراق، مع إعلان سفراء الدول الخمس (بريطانيا، أميركا، فرنسا، روسيا والصين) أن «توغل» قوات تركية في العراق يعد خرقاً للسيادة العراقية، مؤكدين أن بلدانهم ستساند العراق في مجلس الأمن الدولي، وذلك بعد اجتماعهم بوزير الخارجية إبراهيم الجعفري، بحسب بيان لوزارة الخارجية العراقية. وكان الجعفري قد أنهى، أمس، اجتماعاً مع الوفد التركي الذي وصل إلى بغداد في اليوم ذاته، والذي ضم رئيس الاستخبارات التركية ومسؤولاً رفيع المستوى في وزارة الخارجية التركي دام ثلاث ساعات، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد جمال.

بُعثت الرسالة شفهية إلى إردوغان عبر رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني
في موازة ذلك، علمت «الأخبار» أن رئيس الوزراء حيدر العبادي بعث برسالة شفهية إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عبر رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، تضمنت الطلب منه سحب قوات بلاده من نينوى وأطرافها إلى إقليم كردستان، مع بقية القوات الأجنبية الموجودة هناك لتدريب البشمركة. وكشف مصدر مطلع لـ«الأخبار» أن البرزاني أكد لإردوغان أن مقترح العبادي أفضل حلّ لحفظ ماء الوجه. كذلك أوضح المصدر أن إردوغان لم يعقّب على تلك الرسالة، في إشارة فُسرت على أنه لا ينوي سحب القوات والمضي نحو مزيد من التصعيد. وهو ما ظهر في تصريحه، في وقت لاحق أمس، بأن من غير الوارد سحب تركيا قواتها من العراق، مشدداً على أنها للتدريب فقط. في المقابل، علّق مصدر حكومي على هذه المعلومات بالقول إن الحكومة ستمضي في اتخاذ خطوة تصعيدية بعد أخرى، إذا لم تتجاوب أنقرة مع الخطوات التصعيدية الأخيرة التي انتهجتها بغداد، وتقوم بالتالي بسحب قواتها. وأكد المصدر أن بغداد قد تدرس من بين الاحتمالات والخطوات التصعيدية سحب السفير العراقي من تركيا، وإعلان سفيرها في بغداد شخصاً غير مرغوب فيه. واستضافت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، أمس، السفير التركي فاروق قايمقجي لمناقشة دخول قوات بلاده إلى الأراضي العراقية، فقد توعّد رئيس اللجنة حاكم الزاملي، خلال الجلسة، بأن أعضاء مجلس النواب قد يتخذون قراراً أكثر تأثيراً من الحكومة. أما السفير التركي، فقد كرر الرواية التركية الرسمية ذاتها بأن دخول القوات التركية إلى العراق جاء استجابة لطلبات محافظ نينوى السابق المقال أثيل النجيفي وبعض نواب نينوى، بحسب ما كشف عضو اللجنة عمار طعمة. ويرى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، إحسان الشمري، أن ما أقدمت عليه بغداد، أخيراً، هو مجرد «تلويح بالعصى»، مشيراً إلى أنه لا تتوفر إرادة لدى حكومة العبادي للمضي نحو التصعيد. الشمري أوضح، في حديث إلى «الأخبار»، أن العبادي أصبح في موقع لا يحسد عليه، وخصوصاً بعد مهلة الـ 48 ساعة التي ألزم نفسه بها. وتوقع أن تمارس أطراف دولية، من ضمنها الولايات المتحدة، «ضغوطاً» على نظام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لسحب قواته إلى خارج سلطات الحكومة الاتحادية باتجاه إقليم كردستان، لافتاً الانتباه إلى أن الموقف الأميركي داعم للعبادي، وخصوصاً بعد المواقف التي ظهرت من فصائل «الحشد الشعبي» وجناح رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وكان المالكي قد دعا قوات «الحشد الشعبي»، أمس، خلال تفقده بعض معسكراتهم، إلى «الاستعداد والانتباه لمخططات الأعداء الذين يحاولون من جديد تنفيذ مشاريعهم التقسيمية على أرض العراق، عبر محاولة فصل الأنبار من جهة، وإدخال قوات تركية في الموصل، من جهة أخرى». واتهم المالكي تركيا بـ«ممارسة النفاق في محاربة الإرهاب وداعش، لأنها تدّعي تصديها للجماعات الإرهابية، في حين أنها تدعم تلك الجماعات سراً، عبر تجهيزها بكل ما تحتاج إليه من أسلحة ومعدات وإمكانات»، معتبراً أن «تلك القوات هي قوات غازية، وعليها المغادرة فوراً، وإلا ستكون خيارات المواجهة على الأرض كثيرة ومتعددة، لأن الشعب العراقي بجميع مكوناته يرفض وجود القوات الأجنبية على أراضيه». ومن المقرر أن تخرج تظاهرات شعبية دعا إليها المالكي والأمين العام لمنظمة «بدر» هادي العامري، ظهر غد السبت، في «ساحة التحرير»، وسط العاصمة بغداد، تنديداً بالتدخل التركي، في محاولة من قبل المالكي وفصائل في «الحشد» لاستغلال السخط الجماهيري والتلويح للعبادي مجدداً بورقة الشارع. الى ذلك، أعلن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية خالد شواني عزم زعماء الكتل السياسية على عقد اجتماع في مقر الرئاسة، السبت، بهدف «توحيد المواقف» إزاء الأوضاع السياسية والأمنية التي يشهدها العراق، ومناقشة التعامل مع «التحالف الدولي» وملف إعادة إعمار المناطق المحررة وتوحيد الرؤية تجاه القوانين المهمة التي لم تشرّع إلى الآن.
توقعات بتحرير الرمادي خلال أيام أحرزت القوات العراقية المشتركة مزيداً من التقدم في إطار عملياتها لتحرير مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، وسط توقعات باكتمال تحريرها، خلال الأيام المقبلة. وتمكنت القوات العراقية، أمس، من تحرير الجزء الجنوبي من منطقة الملعب، جنوب الرمادي، التي تعتبر إحدى المناطق الاستراتيجية في المدينة، والتي شهدت أشرس المعارك بين الجيش العراقي و«داعش»، خلال الأشهر الماضية. كما أعلن قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الغني الأسدي سيطرة القوات الأمنية، بصورة «تامة وكاملة»، على الجزء الغربي من مدينة الرمادي، مشيراً إلى بدء عمليات فرار لعناصر «داعش» من منطقة إلى أخرى داخل المدينة. إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع استخدام الطائرات المسيّرة «لأول مرة» في قصف مواقع تنظيم «داعش» في محافظة الأنبار، الأمر الذي «يؤمّن عمقاً تعبوياً كبيراً في معالجة الأهداف المنتخبة والمهمة من تجمعات ومعدات الإرهابيين».

  • استضافت لجنة الأمن والدفاع، أمس، السفير التركي لمناقشة الأزمة بين البلدين

    استضافت لجنة الأمن والدفاع، أمس، السفير التركي لمناقشة الأزمة بين البلدين (أ ف ب )

0 تعليق

التعليقات