لم يفوّت رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الفرصة لاستغلال الهجمات الإرهابية في العاصمة البلجيكية، فبادر إلى توظيفها لمصلحة الرؤية الاستراتيجية لإسرائيل وخياراتها في مواجهة قوى المقاومة في المنطقة كما يحدث في كلّ محطة مشابهة.
نتنياهو تجاوز الأبعاد الإنسانية التي ينطوي عليها الحدث الإرهابي في بروكسل، مروجاً لمقولة أن «الإرهاب الذي يضرب في أوروبا هو نفسه الذي يستهدف إسرائيل»، بهدف وسم المقاومة في فلسطين ولبنان بسمة الإرهاب. وبدأ كلمته أمام مؤتمر «آيباك» السنوي في واشنطن بتوجيه رسائل التعزية إلى عائلات الضحايا نتيجة الهجمات في بروكسيل، مضيفاً أن هناك «علاقة بين الهجمات الإرهابية في باريس وكاليفورنيا واسطنبول وساحل العاج وبروكسيل... وبين الهجمات اليومية في إسرائيل»، في إشارة إلى عمليات المقاومة التي ينفذها الفلسطينيون ضد الاحتلال الإسرائيلي. ورأى أن كل هذه الهجمات هي «هجوم واحد علينا جميعاً».
وبهدف تجاوز الخلفيات الوطنية والتحررية لعمليات المقاومة في فلسطين، عبر الخلط بينها وبين الإرهابيين الذين ضربوا أوروبا، أعلن أنه «في كل الأحوال، ليس لدى الإرهابيين أي سبب للعمل. والهدف هو ليس المسّ بالأشخاص، إذ إن هذا الأمر لن يكفيهم، ولكنهم يريدون تدميرنا فقط». وتعهد بأن «هذا الأمر لن يحدث، ونحن لن نختفي».
كذلك رأى نتنياهو أن «الطريق الوحيد للانتصار على الإرهابيين هو عبر التعاضد وقتالهم معاً، وهكذا نقضي على الإرهاب»، وذلك من أجل جر الدول الغربية إلى التكتل على أساس الرؤية الإسرائيلية للإرهاب.
في موقف مشابه يغلب عليه طابع الشماتة، أمل نائب وزير الأمن الإسرائيلي، إيلي بن دهان، أن تؤدي الهجمات الإرهابية في بروكسل إلى أن تفهم أوروبا «من هو الأوروبي ومن هو المُهاجَم». وأضاف بن دهان أن «الإرهاب الذي تعاني منه أوروبا اليوم هو ذاته الذي تحاربه إسرائيل. أتمنى أن يتعلموا من إسرائيل كيفية التصرف مع الإرهابيين».
«إسرائيل لن تكون قضية خلافية تقسّم الأميركيين»

بحكم المناسبة والمكان، تناول نتنياهو أيضاً القضية الخلافية التي تتمحور حولها الاتصالات الأميركية الإسرائيلية حالياً، ورأى أن «الولايات المتحدة قدّمت لإسرائيل كل الأدوات للدفاع عن نفسها، ونحن نأمل أن يتم في الفترة القريبة التوصل إلى اتفاق جديد للمساعدات العسكرية». وتوجه بالشكر إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما «على مساعدته لتزويد إسرائيل بالصواريخ من أجل الدفاع عن نفسها».
وأكد نتنياهو أن إسرائيل «لن تكون قضية خلافية تقسم الأميركيين، وإنما بالذات هي قضية توحدهم». ولكنه تجاهل حقيقة الجرائم التي يرتكبها جيشه بحق الشعب الفلسطيني، منتقداً مجلس حقوق الإنسان «الذي يقدم كل سنة 20 اقتراح قانون ضد إسرائيل، ويتهمونها بأنها لا تريد اتفاقاً مع الفلسطينيين». وكرّر الشروط الإسرائيلية حول قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بالدولة اليهودية.
وأعرب عن توقعه، أمام مؤتمر «آيباك»، من إدارة أوباما بمعارضة أي مبادرة دولية لدفع أي قرار يتصل بالموضوع الإسرائيلي الفلسطيني، في مجلس الأمن. وتناول نتنياهو هذه القضية بعدما تزايدت المخاوف في تل أبيب من أن يمتنع أوباما في سنته الأخيرة عن استخدام حق الفيتو ضدّ قرار كهذا أو حتى إمكانية طرح مبادرة أميركية حول القضية الفلسطينية.
وعلى خلفية الأجواء التي خيمت في إسرائيل بعد اعتداءات بروكسل، أكد وزير المواصلات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن إسرائيل مستعدة لسيناريوات مختلفة، مضيفاً أن هناك توجيهات لشركات إسرائيلية بعدم الإقلاع إلى بروكسيل، وبالطبع يجب زيادة مستوى التأهب في أماكن أخرى في أوروبا. وقال كاتس: «نحن في ذروة هجمة إرهابية عالمية للإسلام المتطرف. العمليات الإرهابية في بروكسيل اليوم تثبت مجدداً أن الإرهاب لا يميز بين حدود ودول». ودعا إلى ضرورة إيجاد «جبهة عالمية لمكافحة الإرهاب الإسلامي» مؤكداً أن «إسرائيل تستطيع أن تساهم كثيراً في هذه المكافحة».
في سياق متصل، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن سلطات الأمن في مطار بن غوريون الدولي افتتحت غرفة طوارئ في أعقاب اعتداءات بروكسيل. وأشارت أيضاً إلى أن هذه السلطات أوعزت بمنع إقلاع 24 رحلة جوية لشركات طيران إسرائيلية، كان من المقرر أن تقلع من مطارات دول أوروبية إلى إسرائيل، غير أنها لم توعز بوقف الرحلات المنطلقة من إسرائيل.
على صعيد متصل، ذكر موقع «تايمز اوف يسرائيل»، أن وزارة الأمن الإسرائيلية لن تعترف بقتلى هجوم إسطنبول، من الإسرائيليين، كـ«ضحايا أعمال عدائية». ولفت الموقع إلى أن هذه المعلومات لم يتم تأكيدها من ناحية رسمية. لكن وزير الأمن، موشيه يعلون، قال في وقت سابق إن القتلى هم «ضحايا إرهاب»، مع أن وزارته لا يبدو أنها اتخذت مثل هذا القرار.
يُشار إلى أنه بموجب قانون تعويض «ضحايا الأعمال العدائية»، فإن الهجمات الإرهابية التي تقع خارج فلسطين المحتلة، سيعترف بها إذا كان هدفها الرئيسي أو الثاني «المس بإسرائيل».