العودة الى الماضي تفرض القول ان المنتخب الذهبي لمونديال 1998 كان فيه اسماء اكثر خبرة، والامر عينه ينطبق على منتخب مونديال 2006 الذي بلغ المباراة النهائية وخسرها امام ايطاليا. ولكن اصحاب المواهب الفطرية التي تضمهم التشكيلة الفرنسية حالياً لم يعرفها منتخب «الديوك» في تاريخه، وهو سيكون في طريقه مجدداً إلى الاحتفال في الشانزيليزيه، اذا ما تدارك ديشان ورجاله أمراً واحداً، وهو عدم الوقوع في فخ الثقة الزائدة الذي كلّفهم غالياً في كأس اوروبا عندما انتشوا بإخراج المنتخب الالماني بطل العالم ليخرجوا خائبين من المباراة النهائية بعد سقوطهم امام المنتخب البرتغالي الذي لم يكن في طليعة المرشحين لإحراز اللقب.بعد ليلة تاريخية في «ستاد دو فرانس»، في ضاحية «سان دوني» الباريسية، صعد ديشان الى منصة التتويج تحت أنظار رئيس البلاد وقتذاك جاك شيراك، الذي لم يتمالك نفسه وهو يرى منتخب بلاده يسحق البرازيليين بثلاثية نظيفة. وبلا شك قد يكون هناك تطابق من نوعٍ آخر مع هذا المشهد، فهناك في فرنسا منتخب شاب ورئيس شاب، فيه شيء من «ديغولية» شيراك، وحماسة النيوليبراليين الفاقعة، خلف ستار «الجمهورية» المقدّس عند الفرنسيين. ايمانويل ماكرون. وإن حدث ذلك، فسيكون مشهداً يراه الفرنسيون بالتأكيد بمثابة اشارة حسنة لما يمكن ان يكون نصراً عظيماً هذا الصيف. هو نصرٌ يريده ديشان اكثر من غيره كونه سيدخله التاريخ من بابه العريض، لانه سينضم الى البرازيلي ماريو زاغالو و«القيصر» الالماني فرانتس بكنباور، وهما الوحيدان اللذان أحرزا اللقب كلاعبين ومدربين. أما ماكرون، فلديه حساباته.

تشكيلة شابة وخبيرة
الفارق الاساسي بين المنتخب الفرنسي وبقية المنتخبات الكبيرة المرشحة للقب هو أمران مهمان جداً: معدل الأعمار والخبرة؛ فالتشكيلة الفرنسية يصل معدل الاعمار فيها الى 25 عاماً، لكنها في نفس الوقت تتمتع بخبرة كبيرة بفعل دفاعها عن الوان مجموعة من أبرز الاندية الاوروبية، امثال لاعبي خط الظهر، ثنائي برشلونة الاسباني، لوكاس دينيي (24 عاماً) وصامويل أومتيتي (24 عاماً)، وقلب دفاع ريال مدريد الاسباني رافايل فاران (24 عاماً) وظهير موناكو المميز دجيبريل سيديبيه (25 عاماً). اما لاعبو خط الوسط فهم يعدّون المفاتيح الاساسية في الفرق التي يلعبون لها، امثال نجم مانشستر يونايتد الانكليزي بول بوغبا، و«ميزان» تشلسي الانكليزي نغولو كانتي، والصاعد بقوة لاعب بايرن ميونيخ الالماني كورونتان توليسو، اضافةً الى لاعب باريس سان جيرمان السابق ويوفنتوس الايطالي الحالي بلاز ماتويدي. أسماء كثيرة إلى درجة أن ديشان اضطر إلى أن يستبعد أدريان رابيو، ما أثار زوبعة من السجالات.
المونديال الروسي هو الفرصة الاهم لبوغبا من أجل أن يثبت أن الهالة التي أحيط به يستحقها


في خضم هذه الاجواء المثالية بالنسبة الى ديشان، يأتي وجع الرأس من ناحية الخيارات الموجودة في خط الهجوم. لكن هذه النقطة يمكن وصفها بوجع الرأس الايجابي بفعل الاسماء الكثيرة الموجودة، والتي تعطي «الديوك» عدة احتمالات هجومية، بحيث يمكنها ان تلتقي مع افكار المدرب وما يخطط له في كل مباراة، بغض النظر عن الظروف الطارئة او غيرها. في هذا الاطار، تجد اسماء انطوان غريزمان وكيليان مبابي وتوماس ليمار وعثمان ديمبيلي ونبيل فقير، وقد انضم اليهم اخيراً وسام بن يدر الذي حصل على «جائزة» إقصائه لمانشستر يونايتد في دور الـ16 لمسابقة دوري ابطال اوروبا باستدعائه للمرة الاولى الى صفوف المنتخب. سرعان ما عاد ديشان واستبعده لطفرة الخيارات الهجومية، ولإصراره على أوليغييه جيرو. لكن في نهاية المطاف، ورغم هذا الكمّ الهائل من النجوم، ينقص المنتخب الفرنسي قائد يكون على صورة زين الدين زيدان مثلاً، أي لاعب يمكنه إحداث الفارق، وهذا الامر ينتظره الفرنسيون من بوغبا مثلاً، والذي نادراً ما كان خارج التشكيلة الاساسية منذ استدعائه للمرة الاولى عام 2013، أضف ان لديه القدرات القيادية، ويمكنه لعب الدور المزدوج، أي أن يكون العون للدفاع والداعم للهجوم، وهاتان الميزتان هما ما تعكسان صورة القائد لأي لاعبٍ. بطبيعة الحال، المونديال الروسي هو الفرصة الاهم لبوغبا من أجل أن يثبت أن الهالة التي أحيط به يستحقها كما يستحق المبلغ الكبير الذي دفعه فيه مانشستر يونايتد الانكليزي لضمّه اليه. بوغبا، الأفريقي هو الآخر، قد يقود فرنسا إلى المنصة.



صراع مفتوح على المراكز


هذا الاستعراض للوضع العام في المنتخب الفرنسي يترك اقتناعاً بأن هناك صراعاً مفتوحاً على المراكز سيحضر في المعسكر الفرنسي. لكن هذا الصراع سيكون ايجابياً الى حدٍّ كبير، وخصوصاً ان غالبية لاعبي المنتخب الفرنسي اعتادوا هذا النوع من المنافسة الداخلية في فرقهم، وهي في النهاية انعكست ايجاباً عليهم، إذ ارتفع مستواهم وأخرجوا افضل ما عندهم. وعلى سبيل المثال لا الحصر ما عاشه انطوني مارسيال منذ وصوله الى مانشستر يونايتد قبل ثلاثة اعوام، وثم ما عرفه مع منتخب فرنسا تحديداً، حيث ظهر في الآونة الاخيرة وكأنه يرمي بكل ما لديه على ارض الملعب من اجل كسب ثقة ديشان، وبالتالي مركز اساسي في روسيا، فظهر بشكلٍ لافت خلال المباراتين امام ايطاليا (سجل هدفاً) والمانيا توالياً (مرّر كرة حاسمة). رغم ذلك، استبعد مارسيال، وحضر عثمان ديمبيليه، الذي عاد وقدم أمام إيطاليا في الودية الأخيرة مباراةً كبيرة. والمنافسة ايضاً ستكون مفتوحة انطلاقاً من الاستراتيجيات المختلفة التي بدت أنها تدور في رأس ديشان الذي يتجه الى الاعتماد على خطة قوامها 4-3-3، على أن تكون الـ4-4-2 خطة رديفة بحسب ما تقتضيه الحاجة، وهو الذي يملك الاسلحة اللازمة (وبدلاءها) للاستراتيجيتين المذكورتين. فرنسا عادت بقوة. هو أمر محسوم، وتبقى مسألة نضج اللاعبين وابتعادهم عن صدامات النجوم التي عاشها أسلافهم في استحقاقات كبيرة سابقة العامل الاساس والحاسم في مشوارٍ ناجحٍ مرتقب. فكما هو معلوم، الكل يريد ان يكون زيدان، لكن في النهاية فرنسا تريد الكل زيدان، من أجل اقتناص الكأس الذهبية الغالية.


◄ زين الدين زيدان


أحد أبرز لاعبي خط الوسط في تاريخ اللعبة إن لم يكن أفضلهم. زين الدين زيدان، النجم الجزائري الفرنسي الذي حقق النجاح أينما ذهب. لعب لعدة أندية أوروبية، كيوفنتوس وريال مدريد الذي دربه لاحقاً، وفاز مع منتخب بلاده فرنسا بكأس العالم 1998 مسجلاً هدفين في المباراة النهائية امام المنتخب البرازيلي، حيث تمكن من الفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم في السنة ذاتها.

◄ تيري هنري


الغزال الفرنسي كما يلقّبونه. اكتشفه مدرب أرسنال أرسين فينغر، ليصبح بعدها من بين أفضل اللاعبين في تاريخ الكرة. لعب لأرسنال وحقق معهم لقب الدوري «الذهبي» من دون أي خسارة. فاز بلقب كأس العالم 1998 ولقب اليورو عام 2000، وانتقل إلى برشلونة ليكمل نجاحاته في الكامب حين حقق مع الفريق الكاتلوني لقب دوري الأبطال في 2009.

◄ ميشال بلاتيني


فاز النجم الفرنسي ذو الأصول الإيطالية بجائزة أفضل لاعب في العالم ثلاث مرّات. كان نجماً لفريق يوفنتوس الإيطالي حيث حقق معهم عدّة ألقاب محليّة. حقق مع منتخب بلاده لقب كأس الامم الأوروبية سنة 1984، على الرّغم من كونه لاعب وسط، إلاّ أنه سجّل مع منتخب «الديوك» 41 هدفاً في 72 مباراة دولية خاضها.