من أميركا اللاتينية، وخاصةً البرازيل، التي تتشابه أحوالها الاقتصادية وتركيبتها الاجتماعية مع المجتمعات العربية، انتقلت ظاهرة الألتراس لتعم أرجاء الوطن العربي. لكنها انتقلت إلى مصر عبر «الوداد البيضاوي» المغربي ورابطة مشجعيه، لتصير أسطورة في مصر، تروى حولها القصص. كان «ألتراس أهلاوي» هو أول رابطة يتم إنشاؤها في مصر، لروابط مشجعين مستقلين يجتمعون لهدف واحد: تشجيع النادي. تبعهم بعد ذلك مجموعة رابطة مشجعي «وايت نايتس» لتشجيع نادي الزمالك، ثم كرت السبحة: ألتراس «يلو دراغونز» الخاص بجماهير نادي الإسماعيلي، «ألتراس 300» لنادي طنطا، و«بلو واريورز» لنادي دمياط، وألتراس «غرين إيغلز» الخاص بمشجعي النادي «البورسعيدي». واكتمل تشكيل الروابط المهمة في عام 2008 بألتراس «غرين ماجيك» لمشجعي نادي الاتحاد السكندري، وألتراس «ويلز» الخاص بمشجعي نادي غزل المحلة. بالطبع قامت جماعات أخرى لكن تلك هي الروابط الجماهيرية الأبرز والأهم.كأي جماعة ناشئة، عملت روابط الألتراس على استغلال انضمام الشباب لبعضهم البعض لتعيل نفسها، وتغطي تكاليفها التنظيمية من معدات وتكاليف رحلات جماعية للتشجيع. ومع ظهورهم رسمياً بدأت أول حلقات النزاع بينهم وبين بعضهم البعض، وبينهم وبين الدولة. إن طبيعة الألتراس كجماعة تشجيعية تتحرك بالعقل الجمعي. متعصبون. على هذه الأرضية، كان من السهل أن تتصادم الجماعات الناشئة مع بعضها البعض سريعاً، كونها جماعات ناشئة، كل فيها يريد صوته أعلى من بقية الأصوات. صاروا تحت المراقبة سريعاً. كان أول «ترصد» للألتراس أهلاوي ــ بشهادة بعض الأعضاء ــ في فترة 2011 بعد قيام أحداث 25 يناير، تحديداً بعد حادثة حرق رايتهم من قبل مشجع ينتمي إلى ألتراس «وايت نايتس»، الغريم «الزملكاوي» التقليدي. نتج عن تلك الحادثة تحرك الأجهزة الأمنية للتحري عن تلك الرابطة وأعضائها. طبعاً، لم يكن هذا هو السبب الوحيد. ولكنه كان أحد الأسباب المصاحبة التي فتحت عيون الأمن. فالأمر أيضاً كان يتعلق بأحقيتهم في دخول الإستاد ومعاملتهم معاملة كريمة. الألتراس كجماعة تؤمن بالمساواة بين كل طبقات المجتمع، بينما كان الأمن يتبنى سياسات «تفريقية». فجمهور المنصة والمدرجات الأخرى «غير الدرجة التالتة». يخضعون لتفتيش أقل من مشجعي جمهور الدرجة الثالثة الأدنى من حيث قيمة التذكرة وغير ذلك. كانوا يتعرضون لتفتيش دقيق، ويمنع اصطحابهم للمتعلقات أو البانرات (Banners)، حتى أن أول إعلان رسمي عن رابطة ألتراس أهلاوي شهد مناوشات بين أفراد الشرطة وأعضاء الرابطة، قبل تعليق البانر الرئيسي. كان التعامل الأمني سيئاً للغاية، ويفسّر الطبيعة القاسية للأمن ومحاولاته لبسط الهيمنة، مقابل تمرد جماعي تشكّل في الألتراس. تطور الأمر إلى استدعاء «كابوهات» (زعماء) الألتراس للاستفسار ومعرفة الشعارات التي سترفع وستنشد في المباريات. كل ذلك كان سبباً في الخلاف الدائم بين الألتراس من جانب والشرطة من جانب آخر. أول اشتباك «جدي» مباشر للشرطة مع الألتراس كان في موسم 2008 ــ 2009 خلال مباراة بين النصري البورسعيدي والنادي الأهلي.

الهتاف ضدّ الحضري
كان توجه رموز النظام الأسبق وخاصة جمال مبارك، «الوريث المنتظر»، هو الوقوف على النقاط المؤثرة بالمجتمع والتأثير عليها واحتواؤها. ربما كانت الأندية الجماهيرية بمشجعيها أحد تلك النقاط. لكن الأندية الجماهيرية وعلاقاتها المعقدة مع الجمهور، إضافة إلى الاستقطاب الدائر بين الأندية المختلفة جعل الأمر صعباً. كان الأمر سيعني الوقوف إلى جانب نادٍ في وجه نادٍ آخر. وهذا رهان خاسر لا يربح. كان الخيار الأكثر سلامة هو الابتعاد عن تلك الساحة الشائكة. ولكن المنتخب الوطني أعطى الفرصة الذهبية للوقوف على مساحة واحدة من الجميع وكسب التأييد، حينما بدأت سلسلة الإنجازات الخاصة بالجيل الذهبي، من كأس الأمم الإفريقية لعام 2006 إلى نسخة 2008، ثم الأداء المشرف بكأس القارات في 2009، والذي سبق المرحلة الأخيرة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم. تعلقت القلوب بالساحرة المستديرة ومعها أهداف القيادة السياسية. التفوا جميعاً حول المنتخب رسمياً، وتصدر السياسيون المشهد الإعلامي بظهور أكبر من ظهور نجوم الكرة أنفسهم. حضروا على مستوى «الكوادر» في مباراتي الجزائر في القاهرة والمباراة الحاسمة بالسودان. ولم يظهر الألتراس بالصورة بكل قياداته، ذلك لأن عقيدة الألتراس تلتف بشكل كامل حول تأييد الكيان المتمثل في النادي فقط لاغير. لم يشاهدوا المنتخب المصري بوصفهم منتسبين إلى «ألتراس» بل كمصريين. لكن حضور أفراد منهم وهتافهم ضد عصام الحضري أسهم في تصعيد غير مألوف. عُدّت الظاهرة سابقة، أي أن يهتف أحد المشجعين المصريين ضد لاعب من المنتخب الوطني. وذلك بسبب أزمة الحضري مع الأهلي، حيث كان شحاته (المدرب الذي استدعى الحضري لتمثيل المنتخب) وجهاً غير محبوب بالنسبة إلى الرابطة، لأنه ينتمي إلى النادي الغريم، ولأنهم يقولون إنه أجبر اللاعبين على الانضمام إلى نادي الزمالك، أو لأنه ضم لاعبين للمنتخب المصري من الزمالك، لم يكونوا في رأيهم بالمستوى المطلوب. بالهتاف ضدّ الحضري، وضع الألتراس نفسه في خانة أكثر خصوصية، جعلته بطاقة مؤجلة لمدى طويل، لا يُستحب استعمالها، ولا تأثير لها على الرأي العام إلا في ما يتعلق بجمهور الأهلي ومشجعيه غير المنتمين للرابطة، المشجعين العاديين. ولكن مع اقتراب حلم الوصول غلبت المشاعر الوطنية أي انتماء آخر، من دون أي مخالفة لتقاليد الرابطة. حضروا مجدداً بكثافة كبيرة، لكن كمصريين.

الشعب المقهور
شهدت فترة ما بعد مباراة مصر والجزائر أحداثاً استغلها الإعلام (الرسمي) الموجه لصالحه، ليحدث حالة من الشحن ضدّ الجزائر، لصرف النظر عن فساد النظام وأحوال المصريين المعيشية الصعبة. أدى ذلك إلى أزمات كبيرة بين البلدين على المستوى الدبلوماسي، أيدتها القيادات السياسية لغاية خبيثة: رفع رصيد الوريث المنتظر لدى الشعب المصري المقهور لضياع حلمه بالتأهل إلى المونديال مرة أخرى. لم يسجل الألتراس في تلك القضية موقفاً يضعه في خانة الحليف للنظام أو العدو. ظلوا جماعة من المشجعين تختلف مع غيرها من الجماعات المشابهة، ومع الأمن، ليعتقل بعض أعضائها ويتعرضون للتعذيب أحياناً، في سبيل شغفهم. وربما كانت احتجاجات 25 يناير الحدث الذي ألقى بالضوء على جميع التيارات التي تعمل خارج بقعة السلطة. ورغم تنديد بعض المشاركين في احتجاجات يناير، قبل الحدث، بالألتراس إعلامياً، وتصنيفهم كمثيري شغب، صار هؤلاء أعضاء تنظيماً قادراً على إحداث فرق، نظراً إلى التجانس الملحوظ فيما بينهم. 25 يناير أظهرت قوتهم وتأثيرهم الحقيقي. لم يتفاوضوا مع أحد أطراف النظام الحكم من عمر سليمان أو المجلس العسكري أو غيره. وهذا عكس ما فعل تنظيم الإخوان المسلمين، مما جعل رصيد الألتراس أكبر في نظر القوى الثورية وفي نظر الشعب. وجودهم رجح الكفة بخبراتهم التنظيمية وتحركهم ككتلة واحدة. كانت خبرتهم سبباً في نجاح احتجاجات يناير في تحقيق معظم أهدافها وإسقاط نظام مبارك. المرحلة التي ستتبع يناير، بالنسبة لألتراس أهلاوي أو ألتراس وايت نايتس، ستكون مرحلة محورية في تحديد مصير الرابطتين، نظراً لاحتكاكهما بالدولة كونهم الروابط الناشطة في العاصمة التي تتمركز فيها كل أجهزة الدولة وهيئاتها. ما بعد يناير كان صعباً. انتشرت القنوات الدينية المختلفة المؤيدة للسلفيين والإخوان.
كانت الأطراف المفاوضة لكي تستقطب الألتراس معدودة: إما الإخوان المسلمون أو الأطراف المدنية

الفرق الموسيقية المستقلة التي لا تغني حسب ضوابط انتشرت أيضاً، وكذلك الأفلام الوثائقية والبرامج كسرت سقف النظام السابق، وظهرت المطبوعات المهاجمة للفلول وأفراد النظام السابق. وحكي عن محاكمة أخلاقية للشرطة. كل هذا وأكثر حدث، كانت فترة تغيرات كبيرة، أظهرت جميع التيارات بالمجتمع وتعددت فيها الأحزاب السياسية لأول مرة. لكن الألتراس لم ينس شغفه الأول. عاد الألتراس إلى الملاعب ــ مكانه الطبيعي ــ بعد استئناف البطولات المحلية. عادوا للهتافات التي ظهرت بصور أكثر جرأة. كثرت صداماتهم مع «الداخلية». ظهر العديد من أعضائهم في احتجاجات وتظاهرات شعبية، كأحداث «محمد محمود» بصيغة رسمية. حتى أن أول شهيد يتوفى في محمد محمود اعتُِبر أول شهيد للرابطة. خلف الأبواب الخلفية كان الإخوان وغيرهم من الفصائل الدينية والمدنية السياسية يحاولون استقطاب الألتراس.

ما بعد بور سعيد
بدأت تظهر بوادر أول انشقاق بعد سقوط مبارك. فالألتراس رابطة تأسست في ظل النظام السابق. كل ما يجمع أعضاءها كان الانتماء الكروي لنفس الفريق، لكن هذا كان بالماضي. ظهر متنفس للتعبير السياسي ولم يعد الانتماء لفصيل سياسي تهمة تلاحق صاحبها. تصدرت السياسة المشهد. ومعها خطف بريق الشهرة وجوه بعض القيادات الشهيرة على المدرجات. الأعضاء العاديون صاروا يعتبرون أن من حقهم الانتماء لفصائل سياسية مختلفة. كانت الأطراف المفاوضة لكي تستقطب الألتراس معدودة، إما الإخوان المسلمون أو الأطراف المدنية. وقد كان الإخوان أكثر جدية نظراً إلى قدرتهم على التنظيم، وشعبيتهم التي اكتسبوها من العمل. كذلك، ظهرت الأحزاب المدنية. أبرز الأخبار التي راجت، كانت تتعلق بمفاوضة أطراف لقيادات الألتراس من أجل دعمهم مادياً مقابل إشراكهم في الحياة السياسية، وأغلبها كان يرتبط بأسماء خيرت الشاطر وأبنائه، الذين كانوا ينتمون لسن يسمح لهم بالتقارب مع أفراد الألتراس. في أية حال، لم ينتظر مشاهدو العرض المسرحي كثيراً حتى تصل الأحداث إلى الذورة. سرعان ما وقعت مذبحة بورسعيد، والتي راح ضحيتها 72 شهيداً من الرابطة، قتلوا وسط تجاهل أفراد الأمن الذين وقفوا يشاهدون. كان «البلطجية» حاضرين. مجزرة بور سعيد رسمت صورة «الإخوان» بالنسبة إلى الألتراس. فالإخوان لم يستطيعوا فعل أي شيء. كانوا يخافون أن تضيع فرصة الحكم بعد ثمانين عاماً من الانتظار، ولم يكونوا قادرين على دفع ثمن «النقاش» حتى في المذبحة. لم يكونوا على استعداد للتنديد، قبل أن يحاكموا أصلاً. سُلِّمت بعض الأسماء ككبش فداء ومددت فترة المحاكمات حتى أميتت القضية تماماً. وأخيراً، حصل المتهمون أغلبهم على البراءة وعلى أحكام مخففة. الأسوأ، هو استغلال إعلام النظام اللاحق للمذبحة لشحن الرأي العام ضدّ الألتراس. وهكذا، انطفأت الكرة عموماً في مصر بعد ما حدث. مُنعت الجماهير من حضور المباريات على مستوى جميع الأندية في بطولات الدولة الرسمية. حتى المباريات الإفريقية الهامشية أيضاً. ولم تستثن إلا مباريات الأدوار المهمة والنهائية، التي هدد الفيفا والكاف بإلغائها أو نقلها إن لم يحضرها جمهور يليق بالمسابقات.

هل يحق الاحتفال على دماء الشهداء؟
كرة القدم نفسها لم تعد قياساً لحالة المصريين، الذين استنزفوا تماماً في أحداث سياسية مرت بسرعة شديدة. المنتخب الوطني كان يخرج من التصفيات المؤهلة للبطولات المهمة تصفية وراء الأخرى ولم يكن أحد يبالي. ميزانية اتحاد الكرة لم تعد كسابقتها في عهد مبارك ووريثه وأعوانهما. اقتحم اتحاد كرة القدم، وسُرِقت بعض المتعلقات في سابقة لم تحدث من قبل. حتى الهزيمة بسداسية التي مني بها المنتخب أمام غانا والتي تعتبر من أثقل هزائمه على مر التاريخ، مرت مرور الكرام. الأهلي فقط استطاع تحقيق دوري أبطال إفريقيا، عائداً بالنجمة الثامنة، محافظاً على الريادة الأهلاوية للساحة الإفريقية. ولكن حتى ذلك الإنجاز كان ولأول مرة في وسط جمهور الرابطة محل جدل. هل يحق الاحتفال على دماء الشهداء؟ حتى النجوم صنفوا. أبو تريكة نال مكانته في قلوب كل فرد بالرابطة لموقفه المباشر الواضح المندد بما حدث ببورسعيد. وضع بعض اللاعبين بخانة المغضوب عليهم، حتى أعضاء مجلس الإدارة صنفوا في خانات. الإدارة، على الجانب الآخر، ظلت إلى جانبهم. تكرم كل سنة في الذكرى السنوية أمهات الشهداء وذويهم بالفرع الرئيسي للنادي بالجزيرة. تتضامن معهم وتتابع تطورات سير المحاكمات وترفض تسليم أي منهم للأجهزة الأمنية، أو تيار الإخوان، إلا أن خللاً ما بدأ يظهر. الرسالة المباشرة الأخيرة التي وجهت للألتراس قبل المضي في سلسلة اعتقالات قسرية أو تقيد أو تشويه للرابطة أو اعتبارها رابطة غير قانونية، لم تمس ألتراس أهلاوي لكنها كانت من نصيب الألتراس «وايت نايتس». قتل منهم 20 فرداً عن طريق الحبس بين بوابات إستاد الدفاع الجوي، محاصرين بقنابل الغاز. تركهم الأمن يتكدسون، ما أودى بحياة المشجعين، في ظروف رهيبة. وكان ذلك بعد سنة من تولي مرتضى منصور رئاسة الزمالك، الذي عُرف بكرهه الشديد لرابطة الألتراس وتواطئه مع الأمن ضدّهم. بعد المجزرة تضامن جمهور الرابطتين. نددوا بما حدث في تظاهرات لوحق معظم المشاركين فيها أمنياً، وحاولوا إحياء الذكرى، لكن من دون جدوى فقد أحكم الخناق عليهم تماماً. رغم كل ذلك ظلت رابطة ألتراس أهلاوي تحتفظ ولو ببارقة أمل واحدة، فالإدارة ظلت تقف إلى جانب الأهلي. لم يصنف الألتراس بعد كجماعة إرهابية، إنما جماعة أسست من دون أسس قانونية، وهذا يسلبهم متعة ارتداء «تي شيرت» في الشارع، أو حق الهتاف بأناشيدهم. لكنهم ظلوا يحافظون على وجودهم الافتراضي آمنين ــ ولو جزئياً ــ مع حملات أمنية، شملت إغلاق مواقع صحافية وسياسية مختلفة، وصدور قوانين خاصة بالتظاهر. ولكن، «لسا جوا القلب أمل».

الضربة القاضية
بعد كل شيء، أتى «بيبو» أسطورة النادي الأهلاوي ومعشوق الجماهير وتلميذ صالح سليم رمز المبادئ. استبشر به الجميع خيراً وأولهم رابطة الألتراس التي أعلنت نيتها بالتزام القوانين العامة والنظام للعودة للمدرجات، بعد اليأس من أي تغير مقبل، إلا أن ضربتين موجعتين أتيتا من ناحية الخطيب (بيبو). تحطم كل شيء. «الخبطة» الأولى كانت بتسرب أخبار عن تسليم الخطيب لقوائم تحمل بيانات عن مشجعين للنادي، لجهات أمنية تلاحقهم. صدم الخبر الألتراس، والجمهور الأهلاوي العادي، وجمهور الكرة في مصر عموماً. ورغم عدم نفيه أو تأكيده، إلا أن شائعة كتلك، ظهرت منطقية في ظل النظام الحالي. تركت شرخاً كبيراً في علاقة النادي بالرابطة وبالجمهور. أما «الخبطة» الثانية فتعلقت بإهداء الأمير تركي آل شيخ الرئاسة الشرفية. رغم أن ذلك بدا طبيعياً إلا أن حساسية المواطن المصري من فكرة «البترو دولار» الآتي عن طريق الخليج، وتدخلات الأمير المتتالية في شؤون النادي العريق، وتصريحاته التي نالت من العديد من اللاعبين، وساهمت في قتل الروح المعنوية، كل تلك الفوضى استلزمت التدخل. لم ترد الإدارة على تصريحات تركي، ولكنها فاجأته بإعفائه من الرئاسة الشرفية، ليجول بين صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في بيانات مختلفة يفضح فيها علاقته بالإدارة وقدر الأموال التي دعم بها النادي، والخطة التي وضعها لتدعيمه، محدثاً جلبة لا تليق بنادٍ تاريخي وكبير مثل النادي الأهلي القاهري.
في خضم كل هذا أعلن ألتراس أهلاوي، على صفحته الرسمية على فيسبوك، حلّ الرابطة، وانتهاء نشاطها نظراً «إلى ظروف تحول بين إكمال الرابطة لرسالتها في الملاعب». مرت بضعة أيام وأعلن ألتراس وايت نايتس حل الرابطة أيضاً لأسباب مشابهة. رحلا بهدوء تام في بيان هادئ وبلا صخب. الأمر الغريب هو اقتصار المهتمين على نشطاء وحقوقيين وصحافيين مستقلين وإعلاميين شامتين، حتى وسيط التواصل الاجتماعي الذي كان أكبر منابر الألتراس لم يجد له صدى واسع لغير المهتمين بأخبار المشجعين. انشغل الجميع بتجهيزات المنتخب، الذي وصل بشق الأنفس إلى كأس العالم، في ظل تردي مستوى فرق القارة، وآخر تطورات قضية تركي آل شيخ. هل نسي المصريون الكرة؟ كان ذلك ليكون منطقياً، لولا ظهور بطل شعبي جديد في كرة القدم. محمد صلاح أعاد الأمل للمصريين.