كان محمد صلاح في الملعب هذه المرة. لعب «أبو صلاح». لكن صلاح (غير الجاهز) لا يمكن أن يصنع وحده العجائب. هذا المونديال، والحسابات مختلفة. سجل صلاح مرة، لكن الروس سجلوا أيضاً ثلاثاً. خسرت مصر، وكانت الخسارة قاسية. خسارة تعني العودة إلى البلاد، بينما ضَمِن الروس بنسبة كبيرة الوجود في دور الـ 16.بدأ الروس المباراة بضغط هجومي. كان واضحاً أن الروسيين مرتاحون استناداً إلى النتيجة الكبيرة بهزيمتهم السعودية 5-0 افتتاحاً. لعبوا بهدوء. مجدداً كان «اكتشاف» المباراة الأولى دينيس تشيريشيف الأكثر نشاطاً، بيد أن الوصول إلى مرمى محمد الشناوي لم يكن سهلاً في ظل التنظيم الدفاعي لـ «الفراعنة» فأكثر الروس من الكرات العرضية إلى منطقة «الصندوق» حيث أرتيم دزيوبا لكنها ذهبت أدراج الرياح.
مع مرور الدقائق استعاد المصريون توازنهم وبدأوا بمجاراة أصحاب الأرض. الكل يبحث عن صلاح لكن نجم ليفربول بدا مختفياً. معذور طبعاً «أبو صلاح» المبتعد عن الملاعب منذ فترة والذي بدا أنه يلعب بحذر خشية تجدّد الاصابة، خصوصاً أن الشكوك كانت تحيط بمشاركته أساسياً، فضلاً، طبعاً، عن الرقابة الدفاعية الروسية اللصيقة عليه. الروس طبعاً يعلمون أن صلاح قادر من «نصف كرة» أن يُنهي الأمور. لكن «الفراعنة» حاولوا تحديداً عبر رأسيتين لمروان محسن وتحركات محمود حسن (تريزيغيه).
الدميع لا يزال يبحث عن صلاح. البحث طال حتى الدقيقة 41 عندما وصلت الكرة لنجم ليفربول على حدود منطقة الجزاء فالتف وسددها لتمرّ قريبة من القائم الأيمن. هذا هو صلاح الذي انتظره الجميع. كانت تلك الفرصة الأخطر في الشوط الأول لكلا الطرفين، ومعها انتهى الشوط الأول. لكن الشوط الثاني لم يكد يبدأ حتى تلقّى المصريون ضربة موجعة وغير متوقعة عندما تابع أحمد فتحي الكرة خطأ في مرمى منتخب بلاده في الدقيقة 47. كان الهدف صاعقاً وبعثر الحسابات المصرية. آثار الهدف المفاجئ بدت جلية على الأداء المصري سلبياً والروسي إيجابياً. إزداد الهدوء الروسي. ومع الهدوء يكون التركيز، ومع التركيز تأتي الأهداف، وهذا ما حصل سريعاً في الدقيقة 59 بعد كرة عرضية من ماريو فرنانديز على الجهة اليمنى تابعها النشيط «الهداف» تشيريشيف. 2-0 لروسيا. لم تكن النتيجة متوقّعة أبداً وبهذه السرعة.
روسيا هي أول المتأهلين إلى الدور الثاني(أ ف ب )

أُحبط «الفراعنة». وفي الدقيقة 62 ازداد إحباطهم أكثر. كرة عالية تصل إلى دزيوبا الذي تخلّص ببراعة من ثنائي الدفاع المصري أحمد حجازي وعلي جبر وسدد الكرة إلى يسار الشناوي. 3-0 لروسيا. القاهرة تطفئ أضواءها في الأثناء. بدا أكيداً في تلك اللحظة أن المونديال انتهى. بقية الدقائق أصبحت مجرّد تأدية واجب. لكن صلاح حاول مجدداً، ونجح في الحصول على ركلة جزاء بعد الاستعانة بتقنية الفيديو في الدقيقة 73 ترجمها إلى هدف. الهدف المصري الأخير في المونديال سجّله للمفارقة مجدي عبد الغني من ركلة جزاء أيضاً في مرمى هولندا في مونديال 1990 لكن حينها تعادل «الفراعنة» مع بطلة أوروبا هولندا ماركو فان باستن ورود غوليت وفرانك رايكارد، أما هدف صلاح فلا نكهة له.
هكذا، انتهى الحلم المصري قبل أن يبدأ. سريعاً كُتبت نهاية «الحدوتة» المصرية في المونديال المصري. لم يبتسم النيل. لن يفرح المصريون اليوم... مونديال مصري للنسيان.