قبل بداية مشوار المونديال توجه مئات المشجعين الإيرانيين من مختلف مناطق العالم بما فيها إيران إلى مدينة سانت بطرسبرغ لمتابعة المنتخب الإيراني عن قرب. انتظر الإعلام «الغربي» ظهور «كليشيه» ينتظرها في كل مونديال أخيراً: المرأة الإيرانية غير المحجبة. لكن، خارج العقل «الاستشراقي»، يبقى المشهد عادلاً وجميلاً. سحر الجمهور الإيراني «الأنيق» سانت بطرسبرغ منذ وصوله إلى المدينة. غير المحجبات اللواتي «يتغنى» بهن الإعلام الغربي، للتصويب ضدّ النظام في إيران، احتفلوا عشية مباراتهم مع المغرب بخماسية روسيا غير المتوقعة في شباك المملكة العربية السعودية. سعادتهم بهذا الإنجاز، غلبت حتى احتفالات الروس أنفسهم. في مسيرات تشجيعية صعوداً ونزولاً في شارع «نيفسكي بروسبكت» الأكثر شهرة في العاصمة الشمالية، رقص الرجال والنساء. محجبات وغير محجبات، رقصاً طبيعياً.
ولكن، مثل هذه الأنشطة محظورة في بلادهم. وعلى رغم قرار السلطات الإيرانية حظر مشاهدة مباريات كأس العالم 2018 في الأماكن العامة، إلا أن هذا الأمر لا يزال موضع خلاف داخل السلطات. ولا يوجد «مطاوعة» في إيران، ولا يوجد صورة «نمطية» للإيرانيين، يمكن للعالم الغربي (والليبراليين العرب) أن «يفصّل» على قياسها. للإنصاف أيضاً، من غير المحتمل أن يكون ظهور المرأة في لعبة كرة القدم محظوراً، إذا ما تم منعها من دخول الملاعب، كما هي الحال في إيران. كانت المدينة الروسية بمشجعيها ومشجعاتها كالجوقة مرحة وأجمل مما كان متوقعاً.
وفي استاد سان بطرسبورغ الذي احتضن مباراة المغرب وإيران، بدا أن الكثير من المشجعات الإيرانيات اللواتي يرتدين الحجاب، يرفعن لافتات تحتج على منع إيران النساء من متابعة المباريات في بلادهن. وهن محجبات في روسيا.
في 2005 سمحت السلطات للنساء بحضور مباراة في كرة القدم


الغريب في الأمر، أنه وفي عام 2005 سمحت السلطات الإيرانية لمجموعة من النساء وللمرة الأولى بحضور مباراة في كرة القدم تجري على ملعب «ناكيش جاهان» في وسط إيران. وسمح لخمس عشرة امرأة يعملن في مجال التدريب والتحكيم وبعض اللاعبات بمتابعة المباراة التي جمعت فريقي «سيبهان أصفهان» والوحدة السوري ضمن منافسات دوري أبطال آسيا. خصصت لهن مقاعد منفصلة عن أماكن جلوس الرجال. آنذاك طالبت دوائر «إصلاحية» في إيران بعدم تجريم المرأة لحضورها المباريات وأنه يجب أن يسمح لها بالحضور إلى الملاعب مع عائلاتها.
مباراة إيران مع المغرب فرضت نفسها كإحدى أهم مباريات كأس العالم مع الجو الكرنافالي الصادر عن المشجعين والمشجعات. وفي النهاية، كان الهدف المباغت في الوقت بدل الضائع كافياً لضمان فوز إيران الثاني فقط في تاريخ كأس العالم. في تصريح لأحد المشجعين يقول: «هذا الفوز أعطاني الأمل في أن تحصل إيران على كأس العالم في يوم من الأيام. وسيكون الجميع قادراً على مشاهدته، حتى النساء».