البرازيل في ربع النهائي بعد مباراة صعبة أمام منتخب فاجأ الجميع في هذه النسخة من المونديال: منتخب المكسيك. وبالفعل، مباراة بدأت بضغط مكسيكي عالٍ، بالإضافة إلى الاستحواذ على الكرة تقريباً في أول 25 دقيقة من بداية المباراة. لم يستطع الظهير البرازيلي بديل كل من المصابين ألفيس ودانيلو، فاغنر مجاراة سرعة ومهارة إيرفينغ لوزانو إحدى أبرز المواهب التي لمعت في البطولة. ظهرت مراوغات وتمريرات ومحاولات للمنتخب المكسيكي، خصوصاً على الجهة اليسرى التي يوجد فيها لاعب «بي أس في» الهولندي لوزانو، ولكن لم يشكّل المكسيكيون الخطر الكبير على تياغو سيلفا وميراندا. حافظوا على الكرة في النصف الأول من الشوط الأول، في ظل غياب ثلاثي الهجوم البرازيلي عن المباراة حتى الدقيقة 30. ثم بدأ التحول. كشّر البرازيليون عن أنيابهم في ربع الساعة الأخير من الحصة الأولى، وبدأت تتوالى الفرص البرازيلية. تارةً من جيسوس، وتارةً من كوتينيو. شوط أول كان عنوانه الالتحامات والفرص المتبادلة من قبل المنتخبين من دون تشكيل خطورة واضحة على مرمى الحارسين (أوشوا وأليسون). وشهدت المباراة حمل مدافع باريس سان جيرمان (تياغو سيلفا) شارة القيادة للمرة الثانية في أربع مباريات لعبها المنتخب البرازيلي في المونديال. ربّما كان المدرب تيتي يعطي إشارة إلى أنه سيثبت على قائد ميلان السابق وباريس الحالي كقائد أوّل للمنتخب.في الشوط الثاني، ورغم عناد المدرب تيتي، وإصراره على جيسوس وعدم إعطاء الفرصة لفيرمينو مهاجم ليفربول، إلّا أن مستوى منتخب «السليساو» تحسن في الشوط الثاني، وتحديداً مع بدايته. بدا الأمر وكأن تيتي قدّم جرعة معنوية وحماسية للاعبيه في غرفة الملابس. ست دقائق كانت كافية لفك شيفرة الدفاع المكسيكي الذي كان بقيادة المدافع سالسيدو. بمراوغة سريعة من نجم تشيلسي ويليان، مرّر الكرة إلى زميله نيمار الذي لم يتردد في تسجيلها في المرمى الخالي بعد أن تخطّت حارس المرمى المميّز أوشوا لتجد أقدام نيمار.
اللاعب كارلوس فيلا «انتهى» بدنياً في العشرين دقيقة الأخيرة (أ ف ب )

من شاهد مباريات البرازيل التحضيرية ومباريات التصفيات وحتى في دور المجموعات من كأس العالم، يعلم مدى «الراحة» التي يتحلّى بها المنتخب بعد تقدّمه في النتيجة. فكما مباراة كوستاريكا، صحيح أن الهدف تأخر، إلّا أن حالة الضياع وعدم خلق الفرص قد اختفت بعد تسجيل كوتينيو للهدف الأول. وأصبح بإمكاننا مشاهدة منتخب البرازيل الحقيقي، والثنائيات والتمريرات القصيرة والمراوغات في المساحات الضيقة. وبالفعل، تلا هدف كوتينيو هدف ثانٍ لنيمار في تلك المباراة.
تكرر هذا الأمر في مباراة المكسيك، فبعد تسجيل البرازيل للهدف الأول، ارتاح المنتخب قليلاً، وبدأ باستفزاز منتخب الخصم عبر الاستحواذ على الكرة وبعض «المناوشات» التي لطالما عوّدنا إياها نيمار من سقوط و«حركات تمثيل» ليس لها أي فائدة سوى الاستفزاز. نأتي إلى السؤال الذي دائماً ما يطرح قبل أي مباراة للبرازيل ولمدربهم تيتي: لم الإصرار على غابرييل جيسوس؟ إصرار يقابله في الوقت نفسه إصرار على عدم إعطاء نجم ليفربول فيرمينو الفرصة. أداء سيّئ من لاعب مانشستر سيتي في المونديال حتّى الآن. وكأن بنا نشاهد لاعباً مختلفاً عن جيسوس مباريات التصفيات. هنا، ربّما كان لدوري الأضواء «الإنكليزي» دور في هذا الشأن، وتحديداً السيتي، عبر تعزيز ثقته بنفسه أكثر من اللازم، ما يؤدّي إلى «التكبّر» على لاعبي فريق الخصم. في النهاية، تبقى مجرّد تحليلات، في انتظار استيقاظ «تيتي» واعتماده على فيرمينو من البداية في خطوة سيصفها الجميع بـ«الشجاعة». خلال المباراة، حاول المنتخب المكسيكي تسجيل هدف التعادل، ولكن التّعب نال من لاعبيه، وتحديداً اللاعب كارلوس فيلا الذي «انتهى» بدنياً في العشرين دقيقة الأخيرة. في هذه الظروف، أتت «رصاصة الرحمة» التي اعتدنا مشاهدتها في مباريات المنتخب البرازيلي: هدف ثانٍ سجّله البديل فيرمينو عند الدقيقة 88 (دخل مكان فيليب كوتينيو) بعد تمريرة من نيمار حاول الحارس المكسيكي أوشوا التصدي لها. قدّمت البرازيل مباراة جيّدة مقارنة بمباريات دور المجموعات، إلّا أنه يبقى السؤال: هل يتمكّن تيتي من مواجهة فرق أقوى بمثل هذا الأداء؟ منتخبات كفرنسا وكرواتيا تتميّز بخطوط وسط قوية. الإجابة ليست بعيدة.