قامت القيامة بعد خروج المنتخب الإسباني المفاجئ والمبكر من دور الـ16 على يد صاحب الأرض المنتخب الروسي «المتواضع» مقارنة بغيره من المنتخبات المشاركة في البطولة. وإن كانت إسبانيا ليست وحدها من «كبار» الخاسرين، فإن ثمة أسباباً قد تجعلها «مرشحة» للخروج قبل غيرها. أسباب «تخفف» ذهولاً مبالغاً فيه من خروجها. بإمكاننا أن نستعرض عينة من التحليلات التي يمكننا «التكهّن» بأنها من أسباب خسارة منتخب «لاروخا» من روسيا وأسباب الأداء العادي في دور المجموعات لمنتخب يفترض أنه يملك إمكانيات مميّزة. بداية، ومن بين أهم الأسباب، الهبوط الذي شهده أداء حارس مرمى نادي مانشستر يونايند الإنكليزي دافيد دي خيا. دي خيا أنهى موسمه مع «الشياطين الحمر» في القمة على الصعيد الفردي. الجميع كان يتكلّم عن أن إسبانيا تمتلك افضل حارس في العالم. في المونديال الأمر اختلف كثيراً، رأينا أسوأ نسخة لدي خيا في كأس العالم. والسبب حتى الآن مجهول. ولمن يحب الأرقام، تصدّى حارس اليونايتد لكرة واحدة فقط خلال الأربع مباريات التي خاضها المنتخب الإسباني أمام كل من روسيا والمغرب وإيران والبرتغال. لنبتعد قليلاً عن الأرقام، فالكرة الضعيفة التي سددّها كريستيانو رونالدو باتجاه الحارس الإسباني، وعدم تصدّيه لها، أكبر دليل على عدم جاهزية دي خيا للمونديال.
فيرناندو هييرو لاعب ريال مدريد السابق لا يملك أية خبرة في التدريب

كما حال دي خيا، فلم يصل بعض لاعبي المنتخب الإسباني الأساسيين إلى أعلى مستوياتهم خلال المونديال. دافيد سليفا، أندريس إنييستا وداني كارفخال. هذا الثلاثي لم يقدّم المستوى الذي كان متوقّعاً منه خلال الأربع مباريات. فمن المنتخب الإسباني، لم يظهر سوى إيسكو لاعب ريال مدريد بالإضافة إلى البديلين إياغو أسباس لاعب سيلتا فيغو ورودريغو مورينو لاعب فالنسيا بأداء جيد. أمرُ آخر يجعلنا نعلم ما مدى سوء المنتخب الإسباني الذي ظهر في المونديال، فمنذ مونديال 2014 في البرازيل، لعب المنتخب الإسباني 11 مباراة في كأس العالم وفي بطولة «اليورو»، استقبلت شباكهم 17 هدفاً ممّا يوضّح لنا مدى الضعف الدفاعي الذي تعاني منه الكرة الإسبانية في ظل وجود قلبي الدفاع الذي لا يمسّهما أحد: جيرارد بيكيه وسيرجيو راموس. لطالما أعجبنا بالكرة الإسبانية وبهذه الثقافة، وبالـ«تيكي تاكا» والتمريرات القصيرة وغيرها من طرق اللعب الجميلة التي بدأها بيب غوارديولا مع برشلونة. 1114 تمريرة قام بها الإسبان في مباراة روسيا. وهو رقم قياسي في تاريخ كأس العالم، لكن هذا الأمر لم ينفع، وهذه التمريرات في عرض الملعب أثمرت بخسارة إنييستا ورفاقه. الخطة كُشفت، بدأت المنتخبات الأخرى تجد الحلول اللازمة لمثل هذه الطرق في اللعب ومن بينها طريقة المنتخب الإسباني.
ما افتقده المنتخب الإسباني في النسخة الروسية من المونديال، هو القائد. قائد الفريق الذي يوجّهه ويعطي التعليمات للاعبين. سيرجيو راموس لاعب لا يليق بأن يكون قائداً لمنتخب، ولا قائداً لفريق. يتلّقى راموس في كل مباراة يخوضها بطاقة صفراء أو حمراء. لاعب عصبي، ولا يتمالك نفسه. القائد كان مختفياً في التشكيلة الإسبانية. ومع غياب القائد، غاب المدرّب أيضاً عن إسبانيا. فبعد إقالة المدرب لوبيتيغي الذي لم يخسر في 16 مباراة درب فيها المنتخب الإسباني قبل يومين فقط من المونديال، اتجه الإتحاد الإسباني إلى تعيين مدرب «متواضع». فيرناندو هييرو، لاعب ريال مدريد السابق الذي لا يملك أية خبرة في التدريب. انتشله الاتحاد ووضعه على دكّة البدلاء ليكون مدرّباً. مدرّب يمتلك أفكاراً «محافظة» ولم يجرؤ على إشراك تياغو ألكنتارا أساسياً سوى في مباراة واحدة على حسبا إنييستا. الحال نفسه مع دافيد سيلفا. المواهب الموجودة على دكة البدلاء كتياغو وساوول اللذين قدما موسماً مميزاً مع فريقيهما بايرن وأتلتيكو كان يجب أن تمنح لهما الفرصة على حساب «أيقونات» المنتخب الإسباني التي بدورها لم تقدّم الشيء الجيد للـ«لا روخا».