لم يستحق المنتخب المغربي الخسارة أمام نظيره الفرنسي مساء أمس. الإصابات عقّدت حسابات «أسود الأطلس»، بعد أن سحب المدرب وليد الركراكي المدافع القوي نايف أكرد قبل دقائق من بداية اللقاء نتيجة عدم تعافيه من الإصابة، وأشرك أشرف داري، ثم عاد بعد وقت قصير على الانطلاقة وأخرج المدافع الآخر، القائد رومان سايس بسبب عدم قدرته على الإكمال نتيجة تجدد الإصابة في الفخذ الأيمن، وأشرك مكانه سليم أملاح. صماما أمان المنتخب المغربي أثّرا بشكل كبير على المجموعة، والأكيد أن تواجدهما بكامل لياقتهما كان قد غيّر كثيراً من مستوى المغرب، وبالتالي من مجريات اللقاء.الإصابات جزء من اللعبة بلا شك، ولكنها في سيناريو نصف نهائي المونديال ظلمت المغرب كثيراً. والجدير قوله أيضاً، أن المدرب المغربي وليد الركراكي وجهازه الفني أثروا سلباً على الفريق في بداية المباراة، نتيجة الإرباك الذي خلقوه بسبب عدم تقييمهم الصحيح للإصابات، كما أنهم خسروا تبديلاً مبكراً. ولم يكن مفهوماً ما فعله الركراكي في الشوط الثاني عندما أخرج أملاح البديل أصلاً، وأشرك عبد الصمد الزلزولي.
البداية كانت بطيئة من جهة المغرب، فسجلت فرنسا عند الدقيقة (5) عن طريق لوكاس هيرنانديز بعد سوء تمركز دفاعي، وخطأ بالتغطية من اللاعب جواد الياميق. خلق هداف فرنسا أوليفييه جيرو فرصة خطرة على مرمى ياسين بونو لكنها انتهت عند القائم الأيمن.
هدف وفرصة محققة، استفاق على إثرهما المغاربة، واستعادوا تركيزهم بخاصة على مستوى الدفاع وخط الوسط. وبعد مرور 20 دقيقة خلق المغرب أولى فرصه عبر تسديدة مركزة من المتألق عز الدين أوناحي، تصدى لها الحارس الفرنسي هوغو لوريس. حاول الفرنسيّون إقفال مناطقهم، إلا أن حكيم زياش ورفاقه واصلوا الضغط وخلقوا العديد من الفرص كان أبرزها قبل دقائق على النهاية عبر جواد اليامق، الذي لعب كرة «أكروباتية» عكسية تصدى لها لوريس والقائم الأيمن للفرنسيين.
(أ ف ب )

وكان لافتاً الروح القتاليّة العالية لـ«أسود الأطلس» بخاصة «النفاثة» سفيان أمرابط الذي خلق العديد من الفرص، وأغلق المساحات في وسط الملعب، وأرهق الفرنسيين. هذا الأداء المميز للمغاربة استمد قوته من الدعم الجماهيري الكبير داخل الملعب.
وكما انتهى الشوط الأول بدأ الشوط الثاني مع ضغط مغربي متواصل، إلا أن أشرف حكيمي ورفاقه فشلوا بتحويل أي فرصة إلى هدف. هاجم المغاربة ولعبت فرنسا على المرتدات، بخاصة عبر السريع جداً كيليان مبابيه. البديل عبد الرزاق حمدالله أضاع كرة خطرة جداً ليعيد إلى الأذهان الكرة التي أضاعها أمام البرتغال. وثم عاد اللاعب لإضاعة فرصة محققة عند الدقيقة (90 + 2) بطريقة عجيبة.
الفرص الضائعة دفع ثمنها المغرب بعدما تلقى الهدف الثاني عند الدقيقة 79 عبر راندال كولو مواتي بعد سوء تمركز دفاعي أيضاً من قبل الدفاع.
خسر المغرب ولكنه لم يكن ندّاً ضعيفاً أبداً خلال المباراة، بل على العكس تماماً خلق العديد من الفرص، إلا أن التركيز الذي امتاز به اللاعبون خلال مباريات بلجيكا وإسبانيا والبرتغال كان غائباً تماماً يوم أمس. وفي مباريات كهذه من يرتكب أخطاء أقل يفوز بالمباراة وهذا ما فعله الفرنسيون.

بناء على الإنجاز
لم ينتهِ المونديال بالنسبة للمنتخب المغربي، فهو سيواجه كرواتيا يوم السبت المقبل في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع. وتحقيق مركز ثالث في كأس العالم سيكون إنجازاً كبيراً للمغاربة، يضاف إلى رقمهم الاستثنائي كونهم المنتخب العربي والأفريقي الأول في التاريخ الذي يتأهل إلى المربع الذهبي في نهائيات كأس العالم.
(أ ف ب )

المغرب شرّف كل العرب والأفارقة في المونديال القطري، فهو أسقط منتخبات كبيرة جداً وأبطال عالم سابقين، كما أن أداءه البطولي سيلهم كثيرين في آسيا وأفريقيا من أجل التطور والمشاركة في النسخ المقبلة من أجل التأهل وتحقيق الإنجازات وليس من أجل المشاركة فقط.
والأكيد أن هذه النسخة من كأس العالم ستعطي المغرب دفعة كبيرة على صعيد تطور كرة القدم لديها، وبناء جيل مميز من اللاعبين القادرين على اللعب في أعلى المستويات، وبالتالي تسجيل مشاركات مشرّفة في كأس العالم 2026 و2030.
المغرب استحق ما حققه في النسخة الحالية بفعل لاعبيه المميزين، وروحه القتالية العالية. وما هو أكيد أن لاعبي المنتخب المغربي المحترفين مع أندية متوسطة في إيطاليا وفرنسا سيحصلون على عروض احترافية مع أندية الطليعة في الدوريات الكبرى نتيجة لتميّزهم.