الدوحة | علّقت الأرجنتين وقائدها ليونيل ميسي نجمتهما الثالثة على القميص الأزرق والأبيض بعد إحرازها لقب كأس العالم لكرة القدم على حساب فرنسا. أعادت الأرجنتين الاعتبار إلى قارة أميركا الجنوبية بعد عشرين عاماً من الغياب، مختتمة المونديال الاستثنائي الذي نظمته قطر بنجاح كبير.تقول كلمات أغنية لطالما رددها الجمهور الأرجنتيني خلال مونديال قطر، إن منتخب الأرجنتين وبعدما أحرز لقب كأس كوبا أميركا في البرازيل، سيحرز لقب كأس العالم. سيحدث هذا تحت أنظار القائد التاريخي دييغو مارادونا في السماء حيث ترقد روحه. سيشاهد مارادونا قائد المنتخب ليونيل ميسي يرفع الكأس.
فاز الأرجنتيني ايميليانو مارتينيز بجائزة أفضل حارس

كلمات الأغنية «النبوءة» تحققت أمس. مونديال 2022 أرجنتينياً. خلاصة 64 مباراة أقيمت على مدى 28 يوماً بدأت من ملعب البيت وانتهت بملعب لوسيل. في المدينة الرائعة المستحدثة مع ملعبها التحفة، وأمام حوالى 89 ألف متفرج رفع «جنرال» الأرجنتين ليونيل ميسي الكأس الذهبية الأغلى، بعد أن حقق جائزة أفضل لاعب في البطولة. رفع الكأس تحت أنظار القائد التاريخي دييغو مارادونا في سمائه.
فاز انزو فيرنانديز بجائزة أفضل لاعب شاب

لم تسرق الأرجنتين لقب كأس العالم. استحق قائدها ميسي أن يتوّج إنجازاته الكروية بلقب المونديال. نجح «البرغوث» كما يسمى في وضع حدّ للمقارنة بينه وبين مارادونا. عالج ليونيل «عقدة النقص» التي لطالما كانت حاضرة في ظل عدم إحرازه لقب كأس العالم.
هناك مقولة قد تكون صحيحة بأنه مهما حققت من ألقاب، فإذا لم ترفع كأس العالم فهناك نقص كبير. ليونيل ميسي أنهى الجدل الكبير وتوّج نفسه نجماً مطلقاً لكرة القدم لسنوات طويلة في المستقبل، إذا لم نقل للماضي أيضاً.

«نيو بوينس أيريس»
كان من الظلم أن لا تحرز الأرجنتين لقب كأس العام 2022 في قطر. فهذا المونديال كان بجزء كبير منه مونديال الأرجنتين. وكانت جماهير منتخب «التانغو» نجمة المدرجات والشوارع والساحات في الدوحة. صبغ الأرجنتينيون قطر العاصمة القطرية باللونين الأزرق والأبيض. تحوّلت الدوحة وتحديداً منذ صباح يوم أول من أمس إلى فرعٍ جديد لبيونس أيريس. أنشأ الأرجنتينيون «نيو بوينس أيريس».
لم تنم القرية الأرجنتينية ليلة أول من أمس. ليس هناك تسمية حقيقية لقرى مشجعي المنتخبات، لكنه مصطلح أطلق على المنطقة التي أقام فيها معظم الجمهور الأرجنتيني خلال المونديال العربي. هذا اللقب هو نتيجة للأجواء المجنونة التي كانت تعم قبل وبعد مباريات المنتخب الأرجنتيني.
تحولت الدوحة يوم أمس إلى بوينس أيريس جديدة بفعل الجمهور الأرجنتيني الكبير


ويوم أمس لم يكن سهلاً وصف الأجواء في ملعب لوسيل قبل وخلال وبعد المباراة. جمهور أرجنتيني مجنون ومتحمس... «جائع» للقب. لم يهدأ طوال دقائق المباراة الـ120.
«أكل الجو» من الجمهور الفرنسي الذي صُدم بأداء فريقه في الشوط الأول، والنتيجة التي انتهى عليها هذا الشوط مع تقدم الأرجنتينيين بهدف ميسي من ركلة جزاء، والهدف الثاني الذي أحرزه أنخل دي ماريا.

حقق مبابيه جائزة الهداف برصيد 8 أهداف

قد يكون مفهوماً أن يتعاطف أي سائح أو مشجع مع الأرجنتين خلال المباراة، في حال كان أرجنتينياً أو لاتينياً أو محباً لمنتخب الأرجنتين. لكن السؤال لماذا يتعاطف أي شخص تواجد في قطر أمس لمتابعة النهائي، مع هذا المنتخب، إذا لم يكن مشجعاً لمنتخب التانغو؟
الجواب بكل بساطة هو الجمهور الأرجنتيني. هذا الجمهور الذي ملأ شوارع الدوحة منذ ساعات الصباح الباكر. الأغاني الأرجنتينية لم تغب طوال النهار. في الشوارع، في الساحات، في المترو، في الطريق إلى الملعب سيراً على الأقدام... الأرجنتينيون حاضرون.

رقصت الدوحة أمس التانغو طويلاً على إيقاع الجمهور الرائع. احتفلت باختتام المونديال الأنجح في التاريخ برأي كثيرين. لم يكن ممكناً للقطريين أن يحتفلوا بعيدهم الوطني أمس بأفضل من اختتام المونديال الرائع الذي استضافته قطر. ولم يكن أفضل لمونديال قطر من أن يكون بطله منتخب الأرجنتين ونجمها ميسي.
انتهت المباراة الرابعة والستين وأصبحت الأرجنتين بطلة لكأس العالم للمرة الثالثة، حارمة فرنسا من تحقيق إنجاز الاحتفاظ باللقب للمرة الأولى منذ العام 1962 حين حققت البرازيل ذلك.

غصّة فرنسية
يحق للفرنسيين أن يحزنوا لعدم إحراز اللقب والمحافظة عليه. فمنتخب «الديوك» كان من أفضل المنتخبات في المونديال. وليس مبالغة القول إنه المنتخب الأكثر ثباتاً على صعيد المستوى.
ولعل الغصّة الفرنسية جاءت أكبر بعد أن نجح الزرق في تعديل النتيجة عبر «انتفاضة» خاطفة في ظرف دقيقة واحدة خلال الشوط الثاني، عبر نجم فرنسا الأوحد كيليان مبابي الذي سجّل الهدف الأول من ركلة جزاء في الدقيقة 80 والثاني بعد دقيقة واحدة.
هدرت مدرجات الفرنسيين بهتاف أغنية «Allez les Bleus» لـتحفيز اللاعبين.

استفاق الفرنسيون مرة أخرى في الوقت الإضافي وأيضاً عن طريق مبابي الذي عادل النتيجة بعد تقدم الأرجنتين بفضل هدف ميسي. جنون مطلق في الدقائق الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني انتهى بالذهاب إلى ركلات الترجيح التي ابتسمت للأرجنتينيين.
فشل الفرنسيون في الأمتار الأخيرة، وقد تكون لذلك أسباب عدة. ومن الممكن أن يكون أحد هذه الأسباب لا يتعلّق بالفرنسيين بل بقوة عليا أرادت أن يفوز الأرجنتينيون باللقب، وأرادت أن يحمل ميسي الكأس الذهبية. فكان ما كان، وأصبحت الأرجنتين بطلة العالم لأربع سنوات مقبلة، لتعم الأفراح في بوينس أيريس وغيرها الكثير من مدن العالم.