صنعاء | في أيلول 2014 ثار الشعب اليمني بكل أطيافه ومكوناته وفئاته من واقع معاناة وأوجاع وأوضاع كارثية نتيجة نفوذ واستبداد وطغيان مراكز نفوذ داخلية مسيطرة على الحكم تعمل لمصلحة دول خارجية ما تسبب في مشكلات كثيرة وكبيرة.
لم يكن بإمكان الشعب اليمني الصبر ولا التغاضي عن مشكلة أساسية ومهمة متمثلة في فقدان السيادة والقرار الأمر الذي يمثل خطورة تتهدد البلاد واستقلالها. وبالفعل كان اليمن يتجه نحو الفقدان الكامل للاستقلال ونحو التحكم الكامل في كل شؤونه على يد القوى الخارجية حيث كانت منظومة الحكم قد تحولت إلى مجرد أداة ودمى تحركها قوى الخارج الأميركية والسعودية لتفرض كل ما تشاء وتريد على الشعب اليمني.
ووصل الواقع الذي كان قائماً إلى أن كل ما يفرض ويقرر في شؤون البلاد من منظومة الحكم كان يرسم وفق مصالح تلك الدول، أما الشعب اليمني فكانت مصالحه وأولوياته واستحقاقاته خارج اهتمام منظومة الحكم نهائياً. ولم تعد منظومة الحكم تلتفت بأي شكل من الأشكال إلى الشعب الذي كانت معاناته تزداد والبؤس والحرمان يزدادان يوماً إثر يوم نتيجة المسار الذي تتحرك وفقه تلك المنظومة بإشراف القوى الخارجية. مسار ذهب بالبلاد نحو فقدان الكرامة من خلال ترويض الشعب على قبول الانتهاك للسيادة على يد الطائرات بلا طيار التي لم تكن تتوقف عن التجول في أجواء اليمن، وقتل أبنائه في معظم المحافظات بهدف التهيئة في نهاية المطاف للغزو الخارجي والاحتلال الذي يقبله الشعب اليمني تحت عناوين إنقاذية، بعدما مُكّن تنظيم «القاعدة» من البلد وانهار اقتصاده وأمنه ولم يبقَ فيه أي حكم قوي وعادل، فيما تسعى الدول الغازية إلى تأمين مصالحها والسيطرة التامة على اليمن وثرواته المختزنة في باطنه والاستفادة من موقعة الجغرافي المهم في صراعاتها الإقليمية والعالمية.
كل ذلك دفع بالشعب اليمني إلى ذلك التحرك الواسع والزخم الكبير في الثورة الشعبية التي توجت بذلك الانتصار العظيم في يوم 21 أيلول 2014 الماضي مسقطة كل مراكز وقوى النفوذ الداخلية المهيّمنة على مقدرات وثروات اليمن والمسخرة سيادته وقراره للخارج.
في ذلك اليوم انتصر الشعب لمظلوميته وحقق إرادته وحرر سيادته وقراره، ما أفقد القوى الخارجية صوابها لتتجه في نهاية المطاف إلى اتخاذ قرار شن عدوان شامل وحصار ظالم على الشعب اليمني فتدخلت تلك القوى المتمثلة بثلاثي الشر والعدوان والإجرام والاستبداد والطغيان أميركا وإسرائيل والنظام السعودي، وحشدوا معهم ما حشدوا من أذيالهم ومرتزقتهم وأيديهم الإجرامية لعدوان كبير على اليمن. أعلنوا بدء عدوانهم من واشنطن عبر سفير آل سعود لدى أميركا بهدف تحقيق ما فشلوا في تحقيقه عبر أدواتهم وهو احتلال اليمن والسيطرة المباشرة والتنكيل والانتقام من هذا الشعب الذي بخر حلمهم وأسقط طموحهم.
وبهذا الشكل شنوا عدوانهم الكبير والشامل الذي دخل شهره السابع والذي يصعب نقل صورة عن فظاعته ووحشيته وبربريته في مقال أو حتى في كتاب لأنه عدوان لم يسبق مثله في التاريخ فعلى مر التاريخ لم نقرأ أن شعباً تعرض لغزو يسعى إلى إبادته كما يحدث لليمن.
ولهذا فإن الشعب اليمني من أجل ضمان وجوده وحقه في الحياة ومن أجل ضمان استقلاله وحفظ كرامته وحريته سيدافع ويواجه ويصد المعتدين مهما كانت إمكاناتهم ومهما كان إستكبارهم ومهما كانت وحشيتهم ومهما كان إجرامهم. وصمود الشعب اليمني الأسطوري الذي أذهل العالم طوال نصف عام من العدوان الشامل دليل قاطع على أنه لن يستسلم وعلى المعتدين أن يعوا أن ما لم يحققوه في ستة أشهر من العدوان لن يحققوه حتى في مئة عام وأنه لا خيار أمامهم سوى الهزيمة ولا خيار أمام اليمن إلا النصر.