عدن | مع مرور الوقت، تتحول مدينة عدن إلى ملاذ آمن لتنظيمي «القاعدة» و«داعش» في اليمن، من دون أن تتخذ قوات «التحالف» وحكومة الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي أي خطوات عملية لوقف تمدد التنظيمين في المدينة.ومنذ انسحاب الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» من المدينة، وعدن تغرق أكثر في الفوضى الأمنية، التي تتجسد في الاغتيالات اليومية والسرقات وفرض قوانين «القاعدة» و«داعش» على الأهالي.

مصدر كشف لـ«الأخبار» أن فصيلاً مسلحاً منضوياً في ما يسمى «المقاومة الشعبية» نهب معدات ضخمة وآلات من موانئ المنطقة الحرة في عدن، وقام بعد ذلك بعرضها للبيع في جوار سور المنطقة الحرة، وتحت نظر الحكومة.
«الأخبار» تقصّت الحقائق من خلال الميدان لمعرفة كيف تحصل كل هذه المآسي في ظل وجود أكثر من خمس قوى على الأرض (قوات التحالف، فصائل المقاومة، تنظيم القاعدة، تنظيم داعش، العناصر السلفية)، قاتلت الجيش اليمني في وقت سابق بحجة تثبيت الأمن في عدن، لكن الأمن غاب كلياً في عهدها.

قوات «التحالف»

تكشف خارطة انتشار قوات «التحالف» أنها تعمل بشكل مشتّت، وتنتشر هذا القوات في عدن وفق الآتي:
ــ القيادة الإماراتية، ومقرّها منزل الشيخ صالح بن فريد العولقي في مدينة البريقة، والذي تم استهدافه في التفجير الذي تبنّاه تنظيم «القاعدة».
ــ فندق القصر الواقع في مدينة أبو حربه، وكانت تقطن فيه حكومة خالد بحاح التي فرّت إلى الرياض إثر تلقيها تهديدات بالتفجير.
ــ معسكر الدفاع الجوي، في بئر ناصر، حيث توجد عربات ومعدات عسكرية تابعة للإماراتيين، وكانت قد استُهدفت، لكن السيارة المفخخة انفجرت بالقرب من سور المعسكر، من دون أن تتمكن من اجتياز الحواجز.
ــ كذلك يتوزع عدد من الآليات العسكرية الإماراتية في بعض المناطق، كالمعلا، لحماية الميناء وحماية بعض المنآأت الحكومية، كذلك فإن بعضها يرابط في بعض الأحياء غير المزدحمة بالمساكن.
أما بالنسبة إلى القوات السودانية التي وصلت أخيراً إلى عدن عن طريق البحر، فقد انتشرت في بعض الأمكنة التي كانت تنتشر فيها القوات الإماراتية، وتحديداً في مدينة الشعب التي انسحب منها الإماراتيون خوفاً من خوضهم حرب شوارع مع «القاعدة» و«داعش».
كذلك أكد شهود عيان أن القوات السودانية تمركزت أيضاً في معسكر خالد بن الوليد في منطقة البريقة، تمهيداً لنقلهم إلى محافظتي تعز وإب الشماليتين، كما تشير المعلومات.
وكشف الناطق باسم ما يسمى «الجيش الوطني»، العميد سمير الحاج، عن ترتيبات لوصول دفعة أخرى من القوات السودانية قوامها 6 آلاف جندي، إلى ميناء عدن، خلال الأيام المقبلة.
ولمّح الحاج، في تصريحات، إلى قرب انضمام قوات برية أخرى من المغرب إلى العمليات العسكرية في اليمن.

تنظيم «القاعدة»

تكشف المعلومات أن تنظيم «القاعدة» هو المسيطر الرئيس على معظم مساحات جغرافيا عدن، ويمارس عناصره أعمالهم جنباً إلى جنب مع قوات «التحالف» وما يسمى «المقاومة الشعبية» و«الحراك الجنوبي».

الحديث عن الحل السياسي تزامن مع فشل قوات التحالف في فتح ثغرة على الواقع الميداني

ويتوزع عناصر «القاعدة» في معظم مديريات عدن: المعلا، خور مكسر، التواهي، صيرة، البريقة، دار سعد، المنصورة، الشيخ عثمان.
وبحسب معلومات واستقصاء دقيق، فإن عناصر «القاعدة» ينتشرون في مديرية دار سعد، لا سيما في جوامعها، ومنطقة «الفيوش»، وعدد من الشواطئ التي تربط مديريات عدن بعضها مع بعض، وتقيم حاجزاً كبيراً على امتداد شواطئ عدن يمنع اختراقه، في محاولة لمنع الأسر والعوائل من التنزّه، وتسهل مراقبتهم وحصر أعدادهم.
لم يكتف «القاعدة» بالوجود الكثيف، وبشكل علني، في عدن، بل عمد «التنظيم» إلى التدخل في تسيير شؤون المناطق التي يسيطر عليها، ولم يجرؤ أحد على الاعتراض عليه، وكان من أبرز ما قام به تشكيل هيئة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
عدد من شباب المنطقة، وكذلك من مرتادي السواحل، دفعوا حياتهم ثمناً لصلف «القاعدة»، تحت مظلة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، هذه الهيئة التي حلت محل أجهزة الأمن والقضاء، ونصبت نفسها مكان الدولة. كذلك يجري تشكيل خلايا من الشباب الموالي لـ«القاعدة»، للانتشار في الأماكن التي يرتادها الأهالي والقادمون إلى عدن، وتتحرك هذه الخلايا بشكل منظم، لمراقبة المتجولين برفقة عوائلهم أو أقاربهم.
تمدّد عناصر التنظيم وانتشارهم الكثيف في عدن خاصة والجنوب عامة أصبحا يشكلان عبئاً على السكان ويهدّدان حياتهم.
وتؤكد مصادر خاصة لـ«الأخبار» إقدام مجموعة من مسلحي «القاعدة»، خلال الأيام الأخيرة، على قتل شاب وفتاة، على أحد سواحل عدن، بحجة أن الفتاة كانت تسبح مع شاب، وهذا في شرعهم محرم. ولذلك، وفق حكمهم الذي نفذوه في الشابين، فقد استحقّا القتل رمياً بالرصاص، من دون أن يجرؤ أحد على الاعتراض. وانتهت القضية بالتكتّم الشديد من قبل أهالي الضحيتين، خوفاً من رد فعل التنظيم.
معلومات حصلت عليها «الأخبار» توضح أن معظم عناصر «القاعدة» الذين ينتشرون في عدن، هم من أبناء وشباب عدن العاطلين من العمل، وقد تم استقطابهم وتدريبهم وتسليحهم، ويجري توزيعهم وفق معرفتهم بالحارات والأماكن، ومدّهم بالسلاح وحق اتخاذ أيّ قرار يرونه يخدم أو يصبّ في مصلحة «القاعدة»، على اعتبار أن سلوك غالبية سكان عدن، إن لم يكن كل أهالي عدن، مخالف لشريعتهم.

تنظيم «داعش»

يتمتع تنظيم «داعش» بحضور كبير في جغرافيا عدن، لكنه يمارس مهماته ونشاطه بشكل سري وغير معلن. يوجد عناصر التنظيم بشكل كبير في أجزاء كبيرة من مديريات الشيخ عثمان. أكثر ما يقوم به التنظيم من أعمال هو التفجيرات والاغتيالات لعدد من كبار الضباط الجنوبيين والناشطين والشخصيات المعارضة لسياسية حكومة الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، كما حصل مع القاضي عباس العقربي الذي أعلن «داعش» المسؤولية عن اغتياله، بعد يوم واحد من العملية.
وتشير معلومات متطابقة إلى أن «داعش» يعمل في عدن بإشراف حكومي من قبل نجل هادي، جلال، من أجل تصفية الخصوم والناشطين المعارضين لسياسة والده من جهة، ومن أجل مواجهة «القاعدة» الذي يعتبره البعض الجناح العسكري لـ«الإخوان» في اليمن.

فصائل «المقاومة الجنوبية الشعبية»

تنقسم فصائل ما يسمى «المقاومة الجنوبية الشعبية» إلى جماعات متعددة هي: مقاتلو حزب الإصلاح، الحراك الجنوبي المسلح، مسلحو القبائل، العناصر السلفيون.
وحسب المعلومات المتوافرة، فإن عناصر «الإصلاح» يوجدون بكثرة في معسكر صلاح الدين، كذلك فإن للحزب مقار منتشرة في جميع مديريات عدن. وحسب مصادر في «المقاومة»، فإن عدد مقاتلي «الإصلاح» الذين سلّحهم الحزب في عدن يقدّر بحوالى 3500 مقاتل.
أما «الحراك الجنوبي المسلح» فيمتلك عدداً من المعسكرات في المنصورة وصلاح الدين وفي معسكر رأس عباس. ويقيم «الحراك» معسكرات التدريب لمقاتليه في مقر المنطقة الرابعة، تحديداً في التواهي.
كذلك يمتلك «الحراك» معسكرات كبيرة في محافظة الضالع، منها منطقة الشعيب، وقد سبق أن أعلن تخريج عدد من الدفعات العسكرية.

مقاتلو «القبائل»

يقاتل مسلحو القبائل الجنوبية تحت لواء «المقاومة»، من أجل الحفاظ والدفاع عن القبيلة، ويتلقون دعماً من جميع الأحزاب. وفي الأسبوعين الماضيين، حاول عدد منهم اقتحام معسكر بدر، والسطو على جزء من أراضي المعسكر، وحصلت اشتباكات بين عناصر القبائل وحراسة المعسكر، انتهت بتدخل شيخ قبلي قام بصرف مبالغ مالية للعناصر الذين حاولوا الاستيلاء على المعسكر، لينسحبوا منه.
لا يوجد مقاتلو «القبائل» في أماكن ثابتة، بل ينتشرون بحسب منطقة كل قبيلة، وحسب ما يطلب منهم وجهاء القبائل.

العناصر السلفيون

شارك العناصر السلفيون في قتال الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» مع فصائل «المقاومة». وينحصر وجودهم في منطقة الفيوش، نفس مكان وجود «القاعدة»، وكذلك في دار سعد، ويسيطرون على بعض الجوامع الكبيرة في عدن.