صنعاء | تسبّب العدوان السعودي والحصار المفروض على اليمن بتدهور الوضع الصحي في المرافق الصحية والمستشفيات والمراكز الصحية الحكومية والخاصة، في البلد الذي يعاني أساساً مشاكل كبرى في البنية التحتية. ضاعفت الحرب من معاناة المستشفيات اليمنية التي تشكو نقصاً حاداً في الأدوية والمستلزمات الصحية إلى درجة كارثية، حيث تتزايد أعداد الضحايا كل يوم جرّاء عجز المشافي عن تقديم الرعاية الطبية اللازمة.
وجاء استهداف العدوان لمستشفى تابع لمنظمة «أطباء بلا حدود» في صعدة قبل أيام، مع الادانة الدولية التي تبعته، ليسلّط الضوء على ملف المستشفيات وانهيارها في اليمن جراء العدوان.
وبحسب تقارير إحصائية، تفتقر مستشفيات اليمن إلى العلاجات والأدوية الخاصة بالعمليات الجراحية والمحاليل الطبية اللازمة لها، بالإضافة إلى عدم توافر المشتقات النفطية والمحروقات التي أصبحت بفعل انقطاع الكهرباء ضرورية لتشغيل المستشفيات وسيارات الإسعاف. يأتي ذلك نتيجة العدوان والحصار غير الإنساني المفروض على البلاد منذ ثمانية أشهر، الأمر الذي أدّى إلى عدم القدرة على السيطرة على الوضع الصحي والطبي في إنقاذ المرضى وتقديم أبسط الخدمات لهم، في ظلّ الأعداد الكبيرة المتوافدة إليها من الشهداء والمصابين جراء غارات العدوان بصورة يومية، فضلاً عن الحظر الجوي والبحري للعدوان الذي يمنع دخول المساعدات الطبية والدواء ويحول دون نقل الضحايا من ذوي الإصابات الحرجة لتلقي العلاج في الخارج.

بدأت الأوبئة بالانتشار
في صعدة بسبب الغازات السامة التي يخلفها القصف

وبعد تجاوز العدوان وحصاره البحري والجوي والبري نصف العام، وصلت المنظومة الصحية في اليمن إلى وضع كارثي، أدى إلى انهيارها لدرجة مخيفة، حيث شحت المواد وانعدمت في المخازن والأسواق. المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة اليمنية، تميم الشامي، أكد في تصريح لـ «الأخبار» أن عدد المشافي والمراكز الصحية التي استهدفها العدوان السعودي والتي تأثرت بشكل جزئي أو كلي في عموم محافظات اليمن، وصل إلى 289 مشفى ووحدة صحية، منها 200 وحدة صحية، ما أثّر بدوره على الكوادر الصحية التي اضطرت إلى النزوح من مكان الحدث بعدما أصبحت المشافي مدمرة.
مستشفيات ومراكز العاصمة صنعاء هي الأخرى لم تعد قادرة على استيعاب الجرحى والمصابين جراء المجازر التي يرتكبها العدوان يومياً بحق سكانها. وكانت وزارة الصحة قد ناشدت المنظمات الدولية الصحية والإنسانية، التعاون مع الوزارة وتوفير المستلزمات الطبية والعلاجية والكوادر الطبية للمستشفيات للمساعدة على إنقاذ حياة المرضى الذين يفتقرون للعناية اللازمة بسبب هذا العدوان والحصار الذي تسبب في تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد. وأضاف الشامي أن هذا العدوان والحصار أدى إلى عدم قدرة المستشفيات والقطاعات الصحية التي تغصّ بالضحايا على تقديم الرعاية الصحية لهم ما تسبب بمعاناة كارثية وإنسانية، كما أكد الشامي أن «أكبر بنك للدم في العاصمة صنعاء مهدد بالإغلاق بسبب نفاد النفط والإمدادات الطبية، وخصوصاً في بعض المناطق الأكثر تعرضاً لغارات العدوان».
أما محافظة صعدة، فوضعها استثنائي، حيث استهداف العدوان مستشفياتها ومراكزها والبنية التحتية وكل مقومات الحياة فيها، على نحو متعمد. وبحسب الإحصائيات الأخيرة ظهر أن أكثر الشهداء في هذه الحرب، هم من صعدة. الدكتور محمود اسحاق واحد من الذين يعملون في مستشفيات المحافظة، أكد لـ «الأخبار» أن الأوبئة بدأت بالانتشار فيها بسبب الغازات السامة التي يخلفها القصف المستمر للعدوان، فضلاً عن المجازر التي يرتكبها العدوان بحق أبناء المحافظة واستهدافه للجسور وناقلات النفط والمواد الغذائية والأدوية وكل ما يُنقل عبر الخط الرئيسي الرابط بين العاصمة وصعدة.
من جهته، يقول المتحدث الرسمي للصحة، تميم الشامي، إنه يجري توفير الاحتياجات للجرحى والمصابين في المناطق المتأثرة على نحو كبير جداً مثل حالة صعدة، بحسب الإمكانات الموجودة. ولا تجري حالياً سوى تغطية نحو عشرة في المئة من احتياجات المحافظة، التي لا تصل أحياناً إليها بسبب الصعوبات والمعوقات التي تواجه الوزارة بسبب انقطاع التواصل مع المنظومة الصحية في صعدة بسبب قصف العدوان لشبكة الاتصالات والجسور والبنية التحتية.
وفي هذا السياق، يشير الدكتور اسحاق إلى أن عدداً من الكوادر غادروا بسبب العدوان لأن هناك أسراً بأكملها دُمرت منازلهم على رؤوسهم وقتل المئات من أبناء المحافظة بفعل الطيران. وهذا كان السبب الوحيد في مغادرة البعض، ويضيف: «ولكن الحمدلله قمنا بتغطية بعض الأقسام ببعض الكوادر حتى يستمر العمل ولا تتوقف».
وكان منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، يوهانس فان دير كلاو، قد أوضح مطلع الشهر الجاري أن مستوى الوضع الصحي والإنساني في اليمن وصل إلى مستوى متدنٍ، حيث وصل عدد الذين لا يحصلون على العناية الصحية الكافية إلى 15 مليون شخص من إجمالي السكان البالغ عددهم 25 مليون بسبب عدم قدرة المرافق الصحية على القيام بواجبها لوقوعها في أماكن الصراع ونقص الكوادر الطبية والمحروقات والأدوية.