■ بعد انتهاء خمسة أسابيع من المشاورات ما الذي توصلتم إليه مع الطرف الآخر؟

حتى الآن لم يحصل شيء نستطيع أن نسميه تقدما ملموسا أو حقيقيا.


ولكننا شهدنا مشاورات مستفيضة في مختلف القضايا السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية إلى جانب بحث تأليف حكومة وحدة وطنية، وكان التركيز الأكبر على الجانب السياسي والأمني واستمرار تثبيت الأعمال العسكرية. وللأسف لم نستفد من كل الوقت الذي أمضيناه في الكويت بسبب تعليق وفد الرياض مشاركته وانسحابه ثلاث مرات من دون سبب حقيقي، إنما بسبب التعنت والمماطلة ومحاولة إفشال المشاورات عبر أسباب غير عملية.


■ ما الذي يبقيكم في المفاوضات بعد هذه الفترة من دون نتيجة تذكر؟

نحن نعدّ أنفسنا الآن في مهمة وطنية وفي جزء من المعركة الشاملة لمواجهة التحدي الأكبر ضد الشعب اليمني. ولهذا، طالما هناك من يستمع لوجهة نظرنا ويتلمّس حقيقة ما يجري، فإن من واجبنا التوضيح وتفنيد الأكاذيب والشائعات. وطالما أن الأمم المتحدة تطلب بقاء الجميع للنقاش وللاستماع إلى وجهات النظر وتقارب الأفكار، مثلما هو حاصل حالياً، فهذا من صلب مهمتنا ولا مشكلة لدينا في الوقت طالما هناك تقدم في الأفكار والمقترحات، والنقاش يدخل في صلب القضايا الرئيسية.


■ ما هي أبرز العقبات التي لا تزال في طريق الحوار مع الطرف الآخر؟

إن الطرف الآخر لا يمتلك قراراً، والرؤية غير واضحة أمامه. فتارةً يعلّق المشاركة ويرفع سقف الموقف ويضع شروطاً، ثم يغيّر في اليوم الثاني موقفه تماماً ويتراجع بمسببات أخرى. هذا الموقف يعكس مواقفهم السياسية، بما هي تعبيرٌ عن الموقف الخارجي والرغبة الخارجية أكثر من رغبة الشعب اليمني. كذلك، فإن أبرز المشاكل الحاصلة لديهم هي عدم قناعتهم أصلاً بالحل السياسي والتفاوضي، فهم ما زالوا حتى اللحظة يراهنون على الحرب ويفصحون عن ذلك صراحةً لكونهم يرون أن العالم يقف إلى جانبهم. فلا مشكلة لديهم في توفير الأموال أو السلاح الحديث، كما أن «التحالف» يقاتل نيابةً عنهم. فما هو الدافع الذي سيفرض عليهم الرغبة في الحل السياسي طالما هم في الخارج مع أسرهم وأولادهم، فيما اليمنيون هم من يعانون، وغيرهم من يدفع الثمن مادياً وإنسانياً واقتصادياً.


■ هل يمكن توقع انهيار قريب للمحادثات وخصوصاً في ضوء التصعيد الميداني؟

الميدان انعكاس للهروب من الحلول السياسية ولرغبة واضحة باستمرار الحرب، تلبيةً لرغبة حفظ ماء الوجه والانتقام. فإذا استمروا بهذه العقلية المتسلّطة ولم يجنحوا إلى السلم، فبالتأكيد سيكون الحوار عقيماً وبلا جدوى.


■ ما حقيقة قبولكم بعودة شرعية عبد ربه منصور هادي إلى نهاية المرحلة الانتقالية؟ وما مضمون «خريطة الطريق» التي اقترحتموها وعرضتموها على المجتمع الدولي؟

لم تناقَش هذه المسألة. ولكننا نطرح أن تكون السلطة في البلد توافقية بموجب المبادرة الخليجية، فيما تخوض القوى السياسية حواراً سياسياً بموجب قرارات مجلس الأمن. وتُعدّ الشراكة مطلباً وطنياً بموجب مخرجات الحوار الوطني. والسلطة في البلد لا تستثني أي مسؤولية بما فيها سلطات الرئاسة والحكومة والأمن. ونحن نطرح أن تتضح المسألة في ما يخص المرحلة الأولى، وكذلك الصلاحيات فيها ومدتها. ومن ثم نصل إلى مرحلة انتقالية واضحة المعالم يجري فيها إيجاد مخارج قانونية وتثبيت دستوري لكل ما نتفق عليه، حتى لا يستخدم أحد أي سلطة ضد التوافق، ولا سيما أن الثقة معدومة بالطرف الذي هو جزء ثابت من الحرب، ولهذا لن نأمن لهم في إدارة البلد أو الاستمرار في قيادة البلد إلى الهاوية بالشكل الذي يريدون. ونعتقد أن الضمانات يجب أن تكون مرتبطة بلجنة يشارك فيها الجميع، وتُتخذ القرارات عبرها وبالتوافق، وأن تكون اللجنة العسكرية والأمنية أيضاً توافقية في التشكيل والقرارات. وفي الوقت نفسه، لا نتحدث عن استثناء أحد أو استبعاده ولكن ندعو إلى مشاركة الجميع بالتوافق السياسي باعتبار ذلك القضية الأهم التي يبنى عليها أي حل في المستقبل.


■ كيف تعاطى المجتمع الدولي مع مقترحاتكم ورؤاكم ولا سيما «خريطة الطريق»؟

يختلف تقييم المجتمع الدولي من بلد إلى آخر. ومن يتحكم في مسار الأمور هو الولايات المتحدة الأميركية ومعها بريطانيا حفاظاً على مصالحهما مع السعودية. أما باقي الأطراف الدولية، فلا يبدو دورها ذا تأثير بالغ، وعموماً نحن نسمع في الجلسات تفهماً لبعض ما نطرحه وملاحظات على البعض الآخر، اضافة إلى عدم تفهم بعض الطروحات وهذا أمر معروف في النقاشات، ولكن في المجمل الجميع يدرك أننا جادّون وأن الرؤية التي قدمناها كانت شاملة وفيها نوع من التعقل والإنصاف والمنطق، وأننا نوجِد أفكاراً عندما يُسدّ الأفق ونبحث عن مخارج منطقية وعادلة كلّما صعُب الأمر.



الجنوب يتعرّض لحالة

خطرة من الابتزاز

ومصادرة الحقوق


■ لماذا يتعاطى الطرف الآخر مع تنازلاتكم بحذر. وكيف تفسرون تقلّب مزاجه أخيراً وخصوصاً بعد عودته من قطر؟

الطرف الآخر يتغير مزاجه بتغير مزاج داعميه، ويتناقض كلما لزم الأمر. فبعد تدخل أمير الكويت لدى وفد الرياض لحثهم على العودة إلى الحوار، رفضوا الدعوة وسافروا إلى قطر حيث أعلنوا لاحقاً العودة إلى المشاورات بعد تدخل أمير قطر، متجاهلين أن هذا الموقف «غير أخلاقي» بحق دولة الكويت التي تستضيف المحادثات وبحق أميرها أيضاً. وعموماً نحن لا نستغرب هذه المواقف المتقلبة، فقرارهم ليس بأيديهم وإنما بأيدي أطراف أخرى، هي من تجعل منهم وسيلة لإرسال رسائل سلبية بحق أي طرف دولي. ولو كان لديهم ذرة من التعقل لعادوا بعد تدخل أمير الكويت، أو على الأقل كان حريّا بهم الإشارة إلى دور أمير الكويت الذي طلب منهم ذلك، ولكنهم وفقاً لحساباتهم هم يقفون مع الأقوى والفاعل والمؤثر، ولا تعنيهم الاعتبارات الأخرى.


■ أثير أخيراً جدل بعد تصريحات صحافية لكم في وسائل إعلام خليجية، عن علاقتكم بإيران. كيف يمكن وصف العلاقة بين حركة «أنصار الله» وإيران اليوم؟ وما هو موقف الجمهورية الإسلامية من المحادثات الحالية ومن التفاهمات السابقة بينكم وبين السعودية؟

لكل وسيلة إعلامية أسلوبها في إبراز الخبر والترويج له وأخذ المناسب منه، هذا أمر معلوم في العمل الإعلامي. وعلى أثر التفاهمات مع السعودية، ربما كان لهذه التوضيحات قراءة في غير مكانها. عموماً، منذ أنشأنا مجلساً سياسياً لـ«أنصار الله» فتحنا علاقة رسمية مع الإخوة في إيران وغيرهم من الأطراف الدولية. وعلاقتنا مع إيران تأتي انسجاماً مع الموقف المناهض للمشروع الأميركي والصهيوني في المنطقة، وما عدا هذا هو تفسير زائد وغير دقيق. ولهذا كانت توضيحاتنا ترد على الاتهامات المعروفة في الوسط الخليجي بأن ما يجري في اليمن هو تنفيذ لأجندة إيرانية وأننا نمثل تلك الأجندة؛ لأن السكوت على ذلك قد يعدّه البعض كافياً لشنّ العدوان على اليمن. لهذا، أكدنا أن ذلك الكلام غير صحيح، وأننا أصحاب قضية ومشروع وأن الحرب على اليمن ليس لها أي علاقة بمواجهة النفوذ الايراني كما يقولون. إنما هي عدوان سافر من دون أي حق. وعندما نتحدث عن الوضع الحالي، وخصوصاً الجانب الاقتصادي منه، فنحن نعبّر عن عتبنا على التقصير الرسمي الايراني تجاه القضية اليمنية وعلى رأسها الجانب الاقتصادي. أما بالنسبة لموقف إيران من المشاورات، فالإيرانيون أعلنوا دعمهم للسلام والتسوية السياسية وأنهم ضد الحرب منذ اللحظة الأولى.


■ قلتم أخيراً إنه على القوى الوطنية تأليف حكومة لخدمة الشعب ومواجهة التحديات إذا فشل الحل عبر المشاورات. لماذا لم تؤلَّف الحكومة منذ البداية؟ وما الذي تغير اليوم حتى تتخذوا هذا القرار؟

تأليف حكومة لخدمة الشعب ومواجهة التحديات التي تطرأ على الساحة اليمنية الاقتصادية والأمنية وغيرها من القضايا بات أمراً ملحّاً أكثر من أي وقت مضى. لهذا كانت القوى الثورية والوطنية تترك المجال للتفاهم السياسي والحوار، وربما لبعض الاختلاف في وجهات النظر بين القوى الوطنية. ولكن في هذه المرحلة بات الجميع يشعر بأهمية تأليف حكومة لعدم ترك الفراغ مفتوحاً إلى الأبد، ولكي لا تستفيد منه جهات باتت عدوة للشعب اليمني تتحرك ضده وتمارس بحقه أبشع انواع التعسف من حيث الحصار وتبرير العدوان.


■ الجنوب يشهد وضعاً مختلفاً اليوم بعد التطورات الأخيرة، ولا سيما مع تعزيز النزعة الانفصالية. باعتقادكم كيف ستؤثر الأبعاد الجديدة لقضية الجنوب في حلّها من ضمن حلّ الأزمة اليمنية؟

الجنوب يتعرّض لحالة خطرة من الابتزاز ومصادرة الحقوق وتضييع القضية الجنوبية. موقفنا لن يتغير لناحية الوقوف إلى جانب إخواننا في الجنوب لمناصرة قضيتهم والمطالبة بحقوقهم. وباعتقادنا فإن التوسع الأجنبي عبر المدّ العسكري المتزايد في الجنوب وانتشار «القاعدة» و«داعش» كان أمراً متوقعاً نتيجة الاحتلال، وقد حذر السيد عبد الملك الحوثي منه منذ اليوم الأول. لهذا نلمس اليوم أن الاحتلال يبحث عن مصالحه في الجنوب من حيث السيطرة على القرار السيادي والإدارة والأمن والاقتصاد.

أما بالنسبة للحل السياسي، فنحن نرى أن الحل العادل للقضية الجنوبية يبدأ بتنفيذ «النقاط العشرين» ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وإيجاد صيغة توافقية تحلّ القضايا المطلبية والسياسية للناس. وأعتقد أن الأزمة في اليمن ليست جنوبية ولا شمالية، بل أزمة وطنية، جاءت الحرب ووجود قوات الاحتلال ليزيداها تعقيداً، ويُضيفا بعداً آخر للصراع تستغله بعض القوى الدولية التي لها أطماع خاصة في إثارة النعرات المناطقية.


■ هل المشاركة في أي حل أو إطار سياسي ممكن في ظل وجود قوات أجنبية على الأراضي اليمنية، ولا سيما الوجود الأميركي؟

الوجود العسكري الأجبني في اليمن مرفوض سواء كان أميركياً أو غير أميركي، لكون ذلك انتهاكا صارخا للسيادة الوطنية والاستقلال في القرار. ولهذا نحن وضعنا في الرؤية السياسية والأمنية موقفاً واضحاً يدعو إلى ضرورة إخراج القوات الأجنبية من اليمن.