أربك العدوان السعودي على اليمن مجالات الحياة كافة، وكان لقطاع التعليم العالي حصة كبيرة من هذا الإرباك الذي سرعان ما تحوّل إلى تكيّفٍ مع الحالة الأمنية الجديدة. ففي الأشهر الأولى من الحرب، توقفت الجامعات عن العمل، قبل أن يُعاد فتحها وإنقاذ العام الأكاديمي، وهو ما عززته عزيمة الطلاب الذين درسوا في ظروف أمنية خطرة.ويتحدث الطلاب الجامعيون عن تجربتهم خلال الحرب، ثم خلال التهدئة العسكرية التي دخلت حيّز التنفيذ قبل شهرين، بالتزامن مع انطلاق محادثات الكويت. يقول مصطفى المليكي لـ«الأخبار» إن التعليم تراجع كثيراً في الآونة الأخيرة، خصوصاً في بداية الحرب حين كان اﻷهالي يمنعون أبناءهم من الحضور إلى الجامعات خوفاً عليهم، ما أدى إلى تعليق العملية الدراسية، وقد انعكست أجواء الحرب والخوف على أكثر الطلاب والمدرسين، ما أوجد انفلاتاً وتهاوناً في الانضباط.
إلا أن آثاراً كثيرة أصابت الدراسة الجامعية، كما تقول عبير المطاع، التي أشارت إلى تأخير الدراسة في بعض الكليات وتأخر بعض الطلاب في حضور المحاضرات بفعل التحليق المستمر للطيران والقصف، بالإضافة إلى تعليق الدراسة من قبل الجهات المعنية أكثر من مرة.
بدوره، يرى همام الحمزي أن الجامعات في المناطق الشمالية لم تتأثر مثل جامعات الجنوب والمناطق الوسطى والشرقية بفعل وجود حرب شوارع. وتوقفت الجامعات والكليات بشكل شبه تام في مناطق مأرب وتعز والجوف، برغم الجهود التي تبذلها الوزارات المعنية للمحافظة على سير العملية التعليمية في كل المحافظات.
استهدف التحالف السعودي 12 جامعة وكلية خاصة

همام الذي يدرس في كلية الإعلام في جامعة صنعاء، لا يرى فرقاً كبيراً بين الأوضاع الأمنية قبل إعلان وقف إطلاق النار وبعده. وقال إنه «لا يوجد هناك شيء اسمه وقف إطلاق النار إلا في الإعلام الخليجي وأروقة مجلس الأمن، أما في الواقع فلم يلتزم المرتزقة وقف إطلاق النار»، مضيفاً: «لكي أكون منصفاً في كلامي، فقد أوقفت الطائرات المعادية القصف على بعض المواقع وكثفتها في مواقع أخرى».
من جهته، أكد المسؤول في ملتقى «الطالب الجامعي»، أيوب إدريس، أن الدراسة الجامعية في اليمن شبه منتظمة وأن وقف إطلاق النار ساعد في عودتها بشكل طبيعي أكثر، برغم أن العدوان ومرتزقته حاولوا أكثر من مرة إفشال العملية التعليمية، آخرها الإضراب الذي دعت إليه نقابة هيئة التدريس المحسوبة على حزب «الإصلاح» وحلفاء العدوان، ما سبّب وقف العملية التعليمية في بعض كليات جامعة صنعاء. وكشف إدريس عن أن بعض الطلاب لم يستطيعوا مواصلة الدراسة بسبب الحرب وبُعد المسافة وعسر الحالة المادية، فاستمرت الدراسة وتغيّب بعض الطلاب والدكاترة والموظفين. وأضاف أنه «عندما كانت الغارات الجوية للعدوان تشتد على العاصمة حيث سقطت صواريخ قرب الجامعة، كان ذلك يسبّب هلعاً بين الطلبة والطالبات، فكانت تتوقف الدراسة أحياناً ثم تعود من جديد».
ويضم اليمن نحو سبع جامعات حكومية فقط رغم الأعداد الكبيرة لمتخرجي الثانوية الذين يصل متوسطهم إلى نحو 100 ألف طالب سنوياً، ما أسهم في وجود جامعات خاصة غير مطابقة للمعايير الأكاديمية، الأمر الذي يمثل تحدياً أمام جودة التعليم العالي في البلاد. وأوضح رئيس جامعة صنعاء، فوزي الصغير، أن التعليم العالي في اليمن، سواء أكان جامعات أم كليات تخصصية تعرّض لاستهداف ممنهج من قبل العدوان، حيث قصفت كلية الطب في جامعة الحُديدة، ما أدى إلى تدميرها كلياً، فضلاً عن استهداف نحو 12 جامعة وكلية خاصة أخرى في صنعاء.
وأضاف في حديثٍ إلى «الأخبار» أن بعض هذه الكليات لم تفتح حتى الآن لأنها لا تستطيع تقديم خدمتها التعليمية للطلاب الذين لجأ بعضهم إلى الالتحاق بجامعة صنعاء.