غارة جوية قاتلة استهدفت المجموعات المسلحة في منطقة سدبأ شرقي مدينة الحزم في الجوف، أدت الى مقتل وجرح نحو 45 مسلحاً، معظمهم ينتمون لحزب «الإصلاح» في مؤشر جديد على تفاقم الصراعات والخلافات الداخلية يين أركان التحالف السعودي وداخل الفصائل المسلحة المتعددة الولاءات والانتماءات. وظهرت هذه الصراعات في مدينة مأرب أيضاً بتجدد موجة اغتيالات القيادات البارزة في صفوف مسلحي حزب «الإصلاح» ولدى جماعات أخرى، في صراع حقيقي يعكس مجدداً تناقض مشاريع الحلفاء.
وأكدت مصادر خاصة لـ»الأخبار» مقتل 29 مسلحاً وإصابة 15 آخرين بجروح خطيرة قي غارة استهدفت رتلاً عسكرياً للمسلحين متوجهاً من منطقة سدبأ إلى أطراف مديرية المتون في وقت مبكر من صباح يوم الجمعة بينهم قيادات بارزة.
وعلمت «الأخبار» بأن من بين القتلى القيادي في حزب «الإصلاح» يحيى مبارك النوفي والقيادي أمين القباسي. ونشرت وسائل إعلام مقربة من حزب «الإصلاح» في محافظة الجوف أسماء 25 قتيلاً، متهمة دولة الإمارات بالاستهداف المباشر والمتعمد لعناصرها، في حين فضلت القنوات والمواقع الرسمية لحزب «الإصلاح» الصمت عن المجزرة والتكتم عن نشر الخبر، الأمر الذي قوبل بلا مبالاة من قبل قيادة التحالف السعودي التي لم تعلق على الحادثة.
ويرى مراقبون أن الغارة تأتي في سياق تحجيم دور حزب «الإصلاح» بعد طرده أخيراً محافظ الجوف المعين من هادي والموالي للإمارات حسين العجي العواضي، حيث اقتحمت مجموعات تابعة لـ»الإصلاح» مكتبه على خلفية خلافات مالية بسبب عائدات ورسوم تفرض على شاحنات النفط والغاز المباعة في السوق السوداء، الأمر الذي اضطر المحافظ الموالي لهادي إلى مغادرة المحافظة والاعتكاف في السعودية. واستهدفت الغارة الجوية كتيبة تتبع القيادي في «الإصلاح» المدعو أمين الوائلي الرجل المقرب من علي محسن الأحمر.
وتمكن الجيش و»اللجان الشعبية» من إسعاف سبعة جرحى من المسلحين الذين استهدفتهم الغارة، وجرى التحفظ عليهم، حيث فرت أعداد كبيرة من المسلحين من مواقعها بعد الضربة تاركةً جثث قتلاها وجرحاها وسادت حالة من الانهيار التام في صفوفهم. وتفيد مصادر بانسحاب أعداد كبيرة من المسلحين من الجبهات القتالية الأمامية إحتجاجاً على الحادثة.
تكتمت وسائل إعلام «الإصلاح» على المجزرة

وتزامنت الغارة مع هجوم كبير للمسلحين على مديرية المتون في الجوف، حيث تصدى الجيش و»اللجان» للهجوم وتمكنا من السيطرة على موقع التبة السوداء الاستراتيجي الواقع بين منطقة سدبأ وجبل حام الأسفل في مديرية المتون.
وعلى الرغم من أن الغارة ليست الأولى، إذ سجل عدد من الغارات الشبيهة في الأشهر السابقة، إلا أنها الأكثر دموية وتأتي في ظل توتر كبير وصراع ميداني خفي بين فصائل متناثرة تنفذ مشاريع دول خارجية.
وفي مدينة مأرب، معقل المجموعات المسلحة التابعة لحزب «الإصلاح»، برزت في الآونة الأخيرة موجة من الاغتيالات لقيادات ميدانية وعسكرية مهمة ذات إنتماءات مختلفة، كان آخرها حادثة إغتيال رئيس عمليات وزارة الدفاع في حكومة هادي العميد الركن علي محمد الحنشلي العواضي في قضية غامضة لم تتضح تفاصيلها.
وأوضحت المصادر أن مسلحَّين مجهولين باشرا إطلاق النار على المدعو العواضي ما أسفر عن إصابته بجروح قاتله توفّي بعدما نُقل للمستشفى يوم الجمعة الماضي.
ويعد العواضي من القيادات المحسوبة على حزب «الإصلاح»، وكان يشغل رئيس أركان المنطقة العسكرية السادسة، الأمر الذي دعا قيادة مسلحي «الإصلاح» إلى عقد إجتماع طارئ برئاسة المحافظ المعزول سلطان العرادة والدعوة إلى تشكيل «حزام أمني» لوقف موجة الاغتيالات.
وقد اغتال مسلحون مجهولون قبل ثلاثة أيام أحد قيادات حزب «الإصلاح» والمرافق الشخصي لعبد المجيد الزنداني المدعو حمزة مبهيط في منطقة المطار في مدينة مأرب. ومعروف أن مبهيط كان قد شارك في الحرب السورية.
وشهدت الفترة الأخيرة خلافاتٍ حادة بين المجموعات المسلحة المدعومة سعودياً، حيث يشكو مقاتلون من عدم تسلّم أي مخصصات مالية منذ سبعة أشهر، باستثناء مخصص شهر واحد، جرى صرفه في بداية شهر رمضان. واتهمت قيادات بارزة في «الإصلاح» باختلاس مبالغ مالية هائلة وسرقة مخصصات الأفراد.
وهذا العجز المالي دفع بوفد عسكري سعودي كبير برئاسة نائب قائد القوات البرية السعودية، الأمير فهد بن تركي، إلى زيارة معسكرات المسلحين للملمة الخلافات وبحث المشاكل التي تواجه الفصائل المتناحرة. وعلى الرغم من أن الأمير السعودي جاء خالي الوفاض، فقد وعد بتقديم الدعم اللازم للمسلحين محذراً إياهم من التراجع الميداني.