أزمة جديدة تقتحم حياة اليمنيين في الجنوب، تحديداً مدينة عدن، حيث العاصمة التي أعلنها الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، واحة للأمان. هذه المرة كان عنوان الاشتباكات مطار عدن الدولي الذي هدّد المؤتمن عليه وقائد قوات حمايته، العميد صالح العمري، المعروف بـ«أبو قحطان»، بوقف الملاحة الجوية فيه إذا لم تصرف «الشرعية» مرتبات قواته.
جراء هذا التهديد، أمر هادي ألوية الحماية الرئاسية، التي يقودها مهران القباطي وبسام المحضار، باستلام حماية المطار من العمري، لكن الأخير رفض التسليم. ورغم دخول وسطاء عديدين، تحوّل الخلاف كالعادة، إلى اشتباكات أظهرت بوضوح كل ما كان يقال عن الصراع الخفي بين السعودية من جهة، وبين الإمارات العربية من جهة أخرى، وحلفاء الطرفين.
الإمارات، كما تنقل مصادر محلية، طالبت من قواتها إبقاء العمري وقوات في إدارة المطار، وهو ما رأت فيه قوات هادي ونائبه علي محسن الأحمر، المدعومة سعوديا، «تمرّداً» على «القرارت الرئاسية»، وهو ما دفعها إلى محاصرة المطار، الأمر الذي تسبب في اندلاع معارك وقطع طرق. لم تصمت أبو ظبي على ذلك، فتدخّل طيرانها المروحي وقصف مواقع لقوات الحماية الرئاسية التابعة لهادي، فيما أعلن ما يسمى «ائتلاف المقاومة الجنوبية» تأييده لهادي، وطالب في بيان الإمارات بوقف «التدخّل العسكري في عدن».
ومعلومٌ أن الإمارات تشارك في تحالف العدوان بصفتها القوة رقم 2، وهي بسطت سيطرتها على مناطق الجنوب الحيوية (عدن، وحضرموت، وسقطرى)، وأنشأت قوتين عسكريتين بإشراف مباشر منها تمثّلت الأولى في «الحزام الأمني» في عدن وقوامها اثنا عشر ألف مقاتل بقيادة الشيخ السلفي هاني بن بريك، والثانية هي «النخبة الحضرمية» وقوامها أكثر من عشرة آلاف مقاتل يقودها اللواء فرج البحسني.
هذه التشكيلات والاعتقالات التي نفذتها بحق قيادات تابعة لحزب «الإصلاح» الإخواني في كل من عدن وحضرموت، أزعجت السعودية ورجلها الأول في اليمن، الأحمر، قبل أن تتحول في اليومين الماضيين الحرب الباردة إلى نار مشتعلة بين الطرفين، وساحة قتالٍ لا يُستبعد أن تُستخدم فيه الأسلحة الثقيلة وسلاح الطيران. وفي حال رضخ هادي وبقي «أبو قحطان» محكماً سيطرته على مطار عدن، سيجد الأول نفسه في تراجع مستمر وضعف كبير أمام القيادات التابعة للإمارات.
خلال تلك المواجهات، قُتل على الأقل ثلاثة جنود وأصيب ستة آخرون، في حصيلة معلنة، فضلاً على عدد آخر من الإصابات في محاور الاشتباكات الأخرى. ويمثّل ما يحدث علامة أخرى على عجز حكومة عدن عن فرض الأمن، وهو ما أشار إليه زعيم «حركة أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في خطابه الأخير قبل الأيام، حينما وجه رسائل داخلية شملت الجنوبيين، والآن يضاف عليها أنها المرة الأولى التي يتدخل فيها «التحالف» عسكريا في صراعات على السلطة داخل معسكر العدوان.
على خطّ مواز، كانت مصادر عسكرية تقول لوكالة «الأناضول» التركية، إن وحدات من قوات هادي «تستعد لمهاجمة بقايا خلايا تنظيم القاعدة» في محافظة أبين، جنوبي البلاد، على أن يكون ذلك بدعم من دول «التحالف»، جراء هجمات شنها مسلحو «القاعدة» على نقاط أمنية ومقار حكومية في الأشهر القليلة الماضية.

إيران تعزز حضورها في خليج عدن بتمديد عمل مدمرة وبارجة

في الجبهة المقابلة، أعلنت وزارة الدفاع، التابعة لحكومة «الإنقاذ الوطني» في صنعاء، التمكن من السيطرة على مواقع في مديرية نهم، شرق العاصمة صنعاء. ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن مصدر عسكري في الوزارة، قوله إن «أنصار الله» والقوّات المتحالفة معها «سيطروا على 12 موقعاً في جبال المدفون، والمنارة، والقتب، والمريحات، ويام، كانت تتمركز فيها قوّات هادي».
وذكر المصدر نفسه أن «ذلك جاء عقب مواجهات أسفرت عن سقوط 50 قتيلاً وجريحاً من الطرفين، وتدمير عربات عسكرية»، مضيفاً أن «أنصار الله» والقوّات الموالية لها «سيطروا أيضاً على ستة مواقع في حيد الذهب الاستراتيجي، المطل على مفرق الجوف».
في سياق آخر، اعتذرت «أنصار الله» عن إدراج «منظمة الأمم المتحدة للطفولة ــ يونيسيف»، ضمن المنظمات التي تم إنهاء عملها في المحافظات الخاضعة لسيطرتها. وقالت وزارة التخطيط والتعاون الدولي في «الإنقاذ»، أول من أمس، إن «إدراج اسم المنظمة في البيان السابق تم عن طرق الخطأ... المنظمة تقوم بمهامها، وبما لا يتعارض مع مصالح البلد». ويشار إلى أن آخر التقارير الأممية جاء على لسان «منظمة الأغذية والزراعة»، التابعة للأمم المتحدة (فاو)، قائلاً إن تقديرات إمدادات القمح في اليمن تشير إلى أنها ستنفد بحلول نهاية آذار المقبل.
إلى ذلك، قال قائد القوة البحرية الإيرانية، الأميرال حبيب الله سياري، إن «المدمرة الوند» و«بارجة بوشهر» في خليج عدن ستبقيان لخمسة أشهر، معلنا التمكن للمرة الأولى من عبور رأس الرجاء الصالح جنوب أفريقيا. ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية عن سياري أمس، قوله إن «ضمان الأمن في خليج عدن والبحر الأحمر ومضيق باب المندب هو من أهم القضايا اليوم بالنسبة إلى سلاح البحر الإيراني»، مشيرا إلى أن البحرية الإيرانية «ستستضيف في أوائل 2018 ملتقى قادة القوى البحرية للدول المطلة على ساحل المحيط الهندي، وستشارك فيه دول أوروبية بصفة مراقب».
(الأخبار)