صنعاء | للعام الرابع على التوالي، يستقبل اليمنيون عيد الفطر في ظل العدوان والحصار المفروضَين على بلدهما منذ 26 آذار/ مارس 2015. حراك تجاري نشط ومتسارع تشهده أسواق العاصمة صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ، إلا أن ذلك لا يعكس تحسن الوضع الاقتصادي لمعظم اليمنيين الذين يعيش 80 في المئة منهم تحت خط الفقر، ويعاني قرابة 70 في المئة منهم من البطالة الصريحة والسافرة بسبب العدوان الذي استهدف بيئة الأعمال، وأدى إلى توقف الاستثمارات المحلية في مختلف أرجاء البلاد. تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، وتدهور القيمة الشرائية للعملة اليمنية التي فقدت أكثر من 130 في المئة من قيمتها أمام الدولار في السوق المحلية، كان لهما دور بارز في تغيير اتجاهات المستهلكين في السوق المحلية، وارتفاع أسعار الملابس بنسبة 60 في المئة عن العام الماضي. كما كانت للقيود التي تفرضها دول تحالف العدوان على الواردات إلى اليمن انعكاسات في شحّ المعروض من «الماركات» الحديثة وارتفاع أسعارها في السوق، وهو ما دفع بالعديد من «المولات» إلى الاكتفاء بعرض «ماركات» قديمة وبأسعار منافسة ومخفّضة. مصدر في الجمعية اليمنية لحماية المستهلك أوضح، في حديث إلى «الأخبار»، أن حالات الارتفاع الجديدة في أسعار الملابس في الأسواق اليمنية تعود إلى القيود التي يفرضها تحالف العدوان على الواردات إلى البلاد، والتي أدت إلى تراجع معدل استيراد الملابس هذا العام، وارتفاع سعر صرف الدولار أمام العملة اليمنية إلى 485 ريالاً للدولار الواحد.
ازدهار المنتج الوطني
ولا تقتصر تأثيرات العدوان والحصار على تراجع القدرة الشرائية لليمنيين، بل تشمل أيضاً تغيير اتجاهات المستهلكين بفعل انخفاض معدّل دخل الأسرة اليمنية إلى أدنى مستوياته منذ بدء الحرب. إذ، وللعام الثاني على التوالي، احتلّ الطلب على الملابس العسكرية، بمختلف «ماركاتها» ومصادر إنتاجها، مرتبة متقدمة، خصوصاً أنها تُعدّ من الملابس المتوسطة الثمن. وفيما اتجهت الشرائح الميسورة مالياً، والتي تمثل القلة، نحو اقتناء «الماركات» الحديثة من الملابس، نحت الشرائح الفقيرة والمعدمة باتجاه شراء الملابس الرخيصة الثمن والمحلية الصنع. وفي حين تركّز الطلب في أسواق الكساء على ملابس الأطفال في شكل كبير، لوحظ تراجع الطلب على ملابس الكبار نظراً لتردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
ومع اتجاه الدولة نحو سياسة «الاقتصاد المقاوم»، فرض المنتج الوطني من الملابس المتنوعة نفسه في سوق الكساء قبيل عيد الفطر، حيث ارتفع المعروض من الملابس المحلية الصنع والمتعددة «الماركات»، بما فيها «ماركات» حديثة تم تقليدها من قبل مصنعين محليين. كذلك، افتتحت الأسر المنتجة عدداً من المعارض خلال الأيام الماضية، وذلك في ظل الاهتمام بالمنتج المنزلي من قبل حكومة الإنقاذ وحركة «أنصار الله»، التي تدفع نحو رفع معدل الإنتاج المحلي، واستبدال المنتج الوطني بالمنتجات المستوردة للحد من التبعية الاقتصادية والاعتماد على الخارج.
تسبّب العدوان والحصار في تغيير اتجاهات المستهلكين


وبالنظر إلى أن الكثير من الأسر لا تستطيع تأمين كسوة العيد لأطفالها، عملت منظمات وجمعيات عدة في العاصمة صنعاء، التي تحتضن قرابة خمسة ملايين نَسَمة، على تنفيذ عدد من المشاريع الخيرية الهادفة الى تأمين الكسوة للآلاف من الأطفال الفقراء. ووزعت «مؤسسة رعاية الشهداء» و«مؤسسة يمن ثبات» المعنية بالاهتمام بأسر المرابطين في الجبهات ملابس العيد على المئات من الأسر خلال الأيام الماضية. ويوم الثلاثاء الفائت، شهدت العاصمة صنعاء افتتاح أول «مول» خيري لتوزيع الملابس مجاناً للفقراء والمحتاجين. وأوضح محمد إبراهيم الهمداني، وهو متطوع في مبادرة «تكاتف» الشبابية، أن افتتاح «المول» الخيري في «نادي بلقيس» في صنعاء يُعدّ المرحلة الأخيرة من جملة مراحل بدأت أواخر الشهر الماضي، بجمع الملابس المستخدمة والفائضة عن حاجات الأسر، وإعادة ترميمها وتغسيلها وترتيبها، ومن ثمّ تقديمها للمعوزين.

«برامج عيدية» للجبهات
وفي محاولة من قبل سلطات صنعاء للتخفيف من معاناة مواطنيها، وجّه «المجلس السياسي الأعلى»، بقيادة الرئيس مهدي المشاط، وزارة المالية في حكومة الإنقاذ، بالعمل على صرف نصف راتب لموظفي الدولة قبيل عيد الفطر وفق الإمكانات المتاحة، وهو ما تمكّنت الوزارة من إنجازه مطلع الأسبوع الجاري. وبالتوازي مع ذلك، وفي ظل تجدد محاولات تحالف العدوان استغلال الأعياد الدينية لتحقيق تقدم ميداني، أطلقت سلطات صنعاء حملة تحت عنوان «أعيادنا جبهاتنا»، تشمل «برامج عيدية» لرفد مقاتلي الجيش واللجان بالإمدادات البشرية والمادية، وتنظيم قوافل غذائية إلى الجبهات، خصوصاً منها جبهة الساحل الغربي، وزيارات لأسر الشهداء والجرحى في مختلف المحافظات، إضافة إلى تدشين نزول ميداني لوسائل الإعلام إلى الجبهات كافة لمشاركة المقاتلين احتفاءهم بالعيد. ويبيّن مصدر في حركة «أنصار الله»، في حديث إلى «الأخبار»، أن «البرامج العيدية الميدانية وزيارة الجبهات تأتي وفاءً وعرفاناً لما يقدمه رجال الجيش واللجان الشعبية من تضحيات جسيمة في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض، ومواجهة قوى الاستكبار في مختلف جبهات الشرف والبطولة والإباء».