يُنتظر أن تنطلق، مطلع الأسبوع المقبل، الجولة التفاوضية الجديدة بين وفدَي الرياض وصنعاء، وفق ما تضافرت معظم مؤشرات الساعات الماضية على تأكيده. وعلى رغم أن «أنصار الله» لا تأمل الكثير من وراء هذه الجولة، إلا أن حالة الاستنفار التي تسود صفوف «الشرعية» تنبئ بخشية لديها من أن تؤدي مشاورات السويد إلى إحداث تحولات في غير مصلحتها، وخصوصاً أن إزالة عقبة أولى من أمام اتخاذ مجلس الشيوخ الأميركي قراراً بوقف دعم الولايات المتحدة لـ«التحالف» من شأنها تزخيم الأجواء الداعية إلى وقف الحرب والترتيب للتسوية السياسية.وأعلنت «أنصار الله»، أمس، على لسان رئيس «اللجنة الثورية العليا» التابعة للحركة محمد علي الحوثي، أن وفدها التفاوضي «سيكون في السويد في الثالث من كانون الأول/ ديسمبر»، رابطة ذلك بـ«ضمان الخروج والعودة الآمنة، وتوافر المؤشرات الإيجابية التي تدلّ على أهمية السلام لدى الأطراف الأخرى». وجاءت تصريحات الحوثي تأكيداً لما كان قد أعلنه السفير البريطاني لدى اليمن، مايكل أرون، من أن «مشاورات السويد ستُعقد الأسبوع المقبل». وتوجّه أرون إلى الناطق باسم «أنصار الله»، رئيس وفدها التفاوضي، محمد عبد السلام، بالقول «(إنني) حجزت رحلتي وأتطلّع إلى رؤيتك هناك مترئساً وفدكم»، مشدداً على أن «الحل السياسي هو السبيل للمضي قدماً، وهذه المشاورات تعتبر خطوة كبيرة لتحقيقه».
تصريحات تستبطن تفاؤلاً بأن تحمل الجولة الجديدة، التي تأتي بعد فشل انعقاد جولة سابقة مطلع أيلول/ سبتمبر الماضي، جديداً في ما يتصل بجهود إحلال السلام في اليمن. وهو تفاؤل يعزّزه تنامي الأصوات الأميركية الداعية إلى رفع غطاء الولايات المتحدة عن هذه الحرب، بما من شأنه ــــ في الحدّ الأدنى ــــ التشويش على محاولات إدارة دونالد ترامب تطويل المدة التفاوضية، وعدم إرفاقها بقرار حاسم يمكن أن يتسبّب بإضعاف موقف السعودية الهشّ أصلاً. في هذا الاتجاه، يأتي تصويت مجلس الشيوخ، أول من أمس، على إحالة مشروع قرار بإنهاء الدعم الأميركي لـ«التحالف» إلى النقاش تمهيداً للتصويت النهائي عليه. خطوة يأمل من ورائها المشرّعون «الدفع نحو وقف إطلاق النار» وفق ما احتمل أحد مُعدّي المشروع كريس مورفي، أو في الحد الأدنى نفض يد الولايات المتحدة من الحرب المستمرة للعام الرابع على التوالي. وفي كلتا الحالتين، فإن تحرك الكونغرس سيشكّل عقبة أمام إدارة ترامب، تماماً كما هي حال الضغوط الدولية والأممية المتصاعدة على الرياض.
وفي أحدث تجلّيات تلك الضغوط، حطّ منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، يوم أمس، في صنعاء، حيث التقى رئيس «المجلس السياسي الأعلى» مهدي المشاط، ورئيس حكومة الإنقاذ عبد العزيز بن حبتور. ودعا لوكوك، في مستهلّ زيارته التي تستمرّ 3 أيام، إلى «وقف الأعمال العدائية، وخاصة حول البنى التحتية الرئيسية وبينها الحديدة»، مطالباً بـ«تسهيل عمل نظام المساعدات»، و«ضخّ المزيد من الموارد في الاقتصاد، ودفع الرواتب». وشدد لوكوك على ضرورة «أن يتعاون الجميع بقوة مع زميلي مارتن غريفيث، وأن يذهبوا إلى المحادثات التي يأمل في إجرائها في السويد قريباً جداً».
وعلى رغم الرسائل الإيجابية التي يحملها التحرك الأممي المكثّف باتجاه صنعاء، إلا أن الأخيرة لا تبدي تفاؤلاً كبيراً بما يمكن أن تسفر عنه مشاورات السويد. إذ إن «المبعوث الأممي لم يقدم، إلى الآن، أي رؤية أو إطار سياسي لهذه المشاورات» وفق ما أكد عبد السلام، الذي أشار كذلك إلى أن غريفيث «لم يقدم أيضاً شيئاً في القضايا الأخرى، مثل فتح المطار، والإفراج عن الأسرى والمعتقلين، وتحييد الاقتصاد». يُضاف إلى ما تقدم أن «التهرب الأميركي من عقد اجتماع لمجلس الأمن لمناقشة قرار بخصوص وقف العدوان» يُعدّ «إيعازاً واضحاً لتأخير المشاورات وإفشال أي حوار قادم»، بحسب ما رأى عبد السلام، مبدياً أسفه لكون المندوب الأممي «دعم تأخير القرار»، على رغم أنه كان «سيمثل دعماً لتحركه». وفي قبالة التشاؤم لدى «أنصار الله»، طغى التوتر على مقلب الحكومة الموالية للرياض، التي بدأت تستشعر خطراً جدياً من إمكانية تجاوز المرجعيات التي لا تزال تصرّ على الاستناد إليها في أي حل تفاوضي، وخصوصاً أن المسؤولين الأمميين باتوا يتحاشون ذكرها. خشية تجلّت، أمس، بوضوح، في خطاب الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، الذي اعتبر أن «التراجع عن المرجعيات الثلاث لن يقود إلا إلى حروب أهلية وطائفية ومناطقية مأسوية».