منذ اللحظة الأولى للحرب على اليمن، التي أُعلنت من واشنطن ربيع عام 2015، عندما كان الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، والذي يدور الحديث اليوم عن إمكانية إقدامه على خطوات مضادّة لمشاركة بلاده في هذه الحرب، نائباً للرئيس الأسبق باراك أوباما، بدا انخراط الولايات المتحدة في العدوان واضحاً، ليتأكّد أكثر فأكثر طيلة أكثر من خمس سنوات، شأنه شأن الدورين الفرنسي والبريطاني، سواء في العمليات العسكرية والاستخباراتية، أو التغطية السياسية، أو صفقات التسلّح الضخمة للسعودية. وهي أدوار يمكن تلخيصها وفق الآتي:1- المشاركة الأميركية: منذ بداية الحرب، شاركت واشنطن في خطّة الدعم اللوجستي والاستخباري والعسكري، وأنشأت غرفة عمليات مشتركة مع السعوديين، فضلاً عن خلية التخطيط وتبادل المعلومات، وربطت تلك المنظومة بالأقمار الصناعية الأميركية (التابعة للبنتاغون). كما تولّت تزويد الطائرات الحربية بالوقود جواً، والمشاركة في اختيار الأهداف التي يقصفها التحالف السعودي - الإماراتي، والمشاركة البحرية في تفتيش السفن في بحرَي العرب والأحمر. كذلك، بدأت قوات أميركية تُسمّى مجموعة «القبعات الخضراء» عملها عام 2017 على الحدود السعودية - اليمنية، حيث تركّزت مهمّتها على عمليات «البحث والتدمير» المتعلّقة بالصواريخ الباليستية ومنصّات إطلاقها من داخل اليمن. وبحسب مصادر عسكرية في صنعاء تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن حجم التمكين الأميركي للطيران السعودي، من حيث الدقة والرؤية النهارية والليلية والقدرة التدميرية، بات مساوياً لنظيره في الكيان الإسرائيلي. وما تجدر الإشارة إليه، أيضاً، هو أن أيّاً من صفقات الأسلحة المبرمة مع الرياض لم تتوقف في نهاية ولاية أوباما، على رغم تأكيد الكونغرس والعديد من منظمات حقوق الإنسان عدم قانونيتها. أمّا في عهد ترامب، فقد ارتفع ثمن مبيعات السلاح إلى الرياض بشكل فلكي ليصل إلى 110 مليارات دولار أميركي.
الجزء الجويّ من الحرب على اليمن تتولّاه بريطانيا بالكامل


2- المشاركة البريطانية: تتولّى كوادر السلاح الملكي البريطاني العمل مباشرة مع إدارة مركز عمليات التحكّم والسيطرة العسكري السعودي، على تحديد بنك أهداف القصف، وطبيعة المهمّات، والأسلحة التي ستُستخدم فيها، والتنسيق مع كوادر «البريطانية لأنظمة الطيران» لتنفيذها، وتحضير القذائف والمعدّات والطائرات وفق البرنامج الزمني المتّفق عليه مع السعوديين. كلّ ذلك يعني ببساطة أن الجزء الجوي من الحرب على اليمن تتولّاه بريطانيا بالكامل: الطائرات والقذائف وإدارة العمليات والصيانة والتدريب والتنفيذ، وربّما حتى بعض الأصابع التي تطلق الصواريخ على المواقع اليمنية. وتشمل المشاركة أيضاً البرمجيات والمستشارين. والمعلوم أن نحو 6300 فرد من الخبراء والمستشارين من أفراد سلاح الجو الملكي البريطاني يتواجدون في السعودية لتقديم المشورة والتدريب. وتدّعي الحكومة البريطانية أن هؤلاء الأفراد لا يشاركون مباشرةً في الحرب أو تحميل الأسلحة أو في التخطيط لطلعات العمليات، غير أن أحد الضباط المشاركين (رفض الكشف عن اسمه) أكد في مقابلة صحافية أن عملهم يشمل القطاعات العملية والفنية كافة، مُقلّلاً في المقابل من دور الضباط والجنود السعوديين. كذلك، ذكرت إحصاءات بريطانية أن مبيعات الأسلحة البريطانية زادت بأكثر من ثلاثة أضعاف في الفترة ما بين عامَي 2012 و2017، مقارنة بالسنوات الخمس السابقة.
3- المشاركة الفرنسية: كشف تحقيق لموقع «ميديا بارت» الاستقصائي الفرنسي، منذ أيام، أن العديد من الشركات الفرنسية تقوم بتدريب جنود في الجيش السعودي، وهي لم تتوقف عن نشاطها هذا منذ بدء الحرب. وجاء في التقرير أن السعودية استخدمت في العدوان الطائرات والمدرّعات والسفن وحتى الصواريخ التي اقتنتها من فرنسا في السنوات الأخيرة. كما اعتمدت، بتكتّم كبير، على الخبرة الفرنسية لتدريب قواتها المقاتلة على استخدام مدافع «قيصر» الفرنسية الصنع. كذلك، شاركت البحرية الفرنسية في الهجوم على مدينة الحديدة عام 2018 ، إلا أنها عمدت إلى تغليف مشاركتها بذريعة نزع الألغام من الممرّات البحرية حول ميناء الحديدة. وفي آذار/ مارس 2016، عندما دخل جزء من الأسطول السعودي أحواض الصيانة الفرنسي، حلّت سفن فرنسية محلّه في عمليات القتال والمراقبة بموجب اتفاق موقّع مع «هيئة تصنيع السفن» الفرنسية، حيث دخل 39 زورقاً سريعاً فرنسياً، تمّ تسليمها خلال الفترة نفسها، في دوريات الحصار. وفي العام نفسه، أنجزت فرنسا تحويل هبة المليارات الثلاثة لتسليح الجيش اللبناني المقرّرة عام 2014، بعد إلغائها، لمصلحة العمليات السعودية في اليمن. كما سَلّمت، في عام 2017، الرياض ما يساوي 1.4 مليار يورو من الأسلحة، وهو رقم يفوق مبيعات السنوات السابقة التي كانت أصلاً مرتفعة (1 مليار في عام 2016، وتسعمائة مليون يورو في عام 2015).

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا