صنعاء | تحتجز السلطات السعودية، في منفذ الوديعة الرابط بين المملكة واليمن، الآلاف من المغتربين اليمنيين مع أطفالهم ونسائهم منذ قرابة الشهر، وتمنعهم من عبور المنفذ والعودة إلى الأراضي اليمنية بحجّة امتلاكهم سيّارات دفع رباعي. وتبرّر الرياض جريمة احتجاز أعداد كبيرة من هؤلاء في مناطق صحراوية تنعدم فيها أدنى الخدمات العامة، بتلقّيها توجيهاً من حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، بمنع مرور هذا النوع من السيارات التي قد تُستخدم من قِبَل حركة «أنصار الله» في المعارك ضدّ القوات الموالية لتحالف العدوان السعودي - الإماراتي.التبرير السعودي أوقع حكومة هادي تحت ضغوط شعبية كبيرة، لتَخرْج ببيان خجول نفت فيه أن تكون قد طالبت «التحالف» بمنْع مرور سيّارات الدفع الرباعي التابعة للمغتربين عبر المنفذ. وقالت، في رسالة مُوجّهة إلى قيادة «التحالف» في الرياض، إن التعميم يقتصر على «الشاصات» التي تُستورد من الأراضي السعودية بكمّيات تجارية وتُستخدم في المعارك، و«لا علاقة للسيّارات العائلية ذات الدفع الرباعي بالتوجيه»، مطالبةً، على استحياء، قائد قوات «التحالف»، الفريق السعودي مطلق بن سالم الأزيمع، بالتدخُّل لوقف معاناة أُسر المغتربين المحتجَزة والسماح بمرورهم إلى الأراضي اليمنية. إلّا أنها فوجئت بإهمال طلبها، وهو ما اعتُبر إهانة مقصودة لسلطات هادي، لا سيما أن تحرُّكات مماثلة قام بها رئيس مجلس النواب الموالي للأخير، سلطان البركاني، ومعه أربعون عضواً برلمانياً، فشلت هي الأخرى في إقناع الرياض بالإفراج عن المغتربين وأهاليهم.
أهمل التحالف السعودي - الإماراتي طلب حكومة هادي إنهاء معاناة المغتربين


حكومة صنعاء اعتبرت احتجاز الآلاف من أسر المغتربين جريمة جديدة تضاف إلى جرائم العدوان، متوعّدة الرياض بمواصلة معركتها الدفاعية التي تأتي على رأس أولوياتها «حماية الشعب اليمني». واتّهم رئيس «المجلس السياسي الأعلى»، مهدي المشاط، في كلمته بمناسبة حلول شهر رمضان، حكومة هادي، بأنها «ليست جديرة بتحمُّل المسؤولية، وغير أمينة على حياة الناس وأموالهم وأحوالهم» في المناطق الخارجة عن سيطرة صنعاء، مُتوعّداً بـ«القيام بمسؤوليّتنا في حماية الشعب اليمني والردّ بالوسائل المشروعة والمناسبة». كما دعا عضو «المجلس السياسي الأعلى»، محمد علي الحوثي، النظام السعودي، إلى «الكفّ عن ممارسة الإرهاب، والسماح للأسر اليمنية المحتجزة في منفذ الوديعة بالعبور. وقال الحوثي، على حسابه في «تويتر» مخاطِباً الرياض: «اتركوا اليمنيين يعبرون بسيّاراتهم الرباعية، فاحتجازها لن يوقف طائرات صماد 3 ولا غيرها من طائرات الدفاع اليمانية، إلّا بتوقُّف عدوانكم بإذن الله». واعتبر «احتجاز المواطنين في منفذ الوديعة، واحتجاز سفن المشتقّات النفطية، وحصار الشعب اليمني، وقطع المرتّبات، ممارسات تؤكد الإرهاب الأميركي - السعودي ضدّ عموم اليمنيين».
واستنكرت وزارة المغتربين في حكومة صنعاء، بدورها، استمرار احتجاز آلاف المغتربين منذ 24 آذار/ مارس الفائت، مشيرة، في بيان أمس، إلى أن «العالقين اليمنيين عند منفذ الوديعة يعيشون أوضاعاً مأساوية خلال شهر رمضان»، فيما كشفت «هيئة النقل البرّي» في صنعاء أن «المحتجَزين تعرّضوا للإساءة والضرب بالهراوات وعصيّ الكهرباء من قِبَل قوات مكافحة الشغب السعودية، عندما نفّذ عدد منهم وقفة احتجاجية الأسبوع الماضي للتنديد بالإجراءات التعسّفية بحقهم». وطالب رئيس مجلس الشورى في صنعاء، محمد العيدروس، من جهته، هيئات الأمم المتحدة المعنيّة، بما فيها «منسّقية الشؤون الإنسانية» و«منظّمة الهجرة الدولية»، بالضغط على النظام السعودي وحكومة هادي لإيقاف هذه المعاناة، في حين وجّهت وزارة الخارجية في صنعاء رسالة إلى الأمين للعام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومبعوثه إلى اليمن مارتن غريفيث، دعتهما فيها إلى الإسراع في التدخُّل لإنهاء تلك الجريمة التي تُعدّ «انتهاكاً لكرامة اليمنيين وحرّيتهم». كذلك، دعت «منظّمة سام» و«المركز الأميركي للعدالة»، السلطات السعودية، إلى وقف إجراءاتها غير المبرَّرة بشكل فوري، لافتة إلى أن «ما يحدث لأسر المغتربين يُشكّل أزمة إنسانية تُضاف إلى الأزمات التي يعيشها المواطن اليمني منذ ستّ سنوات».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا