صنعاء | لم يثنِ العدوان والحصار والأزمات الاقتصادية والإنسانية اليمنيين عن تَبنّي موقف واضح إزاء القضيّة الفلسطينية، التي لا تَقبل المساومات والصفقات؛ فالشعب الذي أحيا «يوم القدس العالمي» في 48 ميداناً وساحة تقع جميعها تحت سيطرة حكومة صنعاء، لم تُثنِه أيضاً استعداداته لاستقبال عيد الفطر، عمَّا يجري في فلسطين المحتلّة من جرائم وغطرسة إسرائيليتَين. فَقَدْ أعلنت صنعاء على لسان «رئيس المجلس السياسي» في حركة «أنصار الله»، مهدي المشاط، وقوفها الكامل إلى جانب الشعب الفلسطيني ومقاومته، وهاجمت الأنظمة العربية التي أولت مصالح الكيان الإسرائيلي على القضيّة الفلسطينية، لافتةً إلى أنها على أتمّ الاستعداد متى استدعت الحاجة.وفي ذكرى «يوم القدس العالمي»، الأسبوع الماضي، أيّد زعيم الحركة، عبد الملك الحوثي، «سياسة الردّ بالقوّة»، داعياً إلى وقفة جادّة مع الشعب الفلسطيني. وتنفيذاً لتوجُّهات «أنصار الله» ومبدئها الثابت إزاء القضيّة، قال الحوثي إن «الحركة تتابع باهتمام كبير التطورات على الساحة الفلسطينية إثر التصعيد الذي يقوم به العدوّ الإسرائيلي واستهدافه المسجد الأقصى وحيّ الشيخ جرّاح في القدس». كما أعلن، في كلمة نقلتها قناة «المسيرة» التابعة للحركة، مساء أوّل من أمس، عن «تنسيق أنصار الله مع حركات المقاومة في فلسطين وفي إطار محور المقاومة في شأن المستجدات»، داعياً أبناء الشعب اليمني إلى المبادرة بالتبرعات المالية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته. وتنفيذاً لتلك التوجيهات، دشّن عضو «المجلس السياسي»، محمد علي الحوثي، حملة التبرعات، معتبراً أن «تحرُّك الشعب اليمني مع الشعب الفلسطيني واجب مقدّس». هذا التوجُّه قوبِل بحملة مناهضة من قِبَل الموالين للتحالف السعودي - الإماراتي الذين سَخِروا من حملة التبرعات التي أعلنتها حركة «أنصار الله»، على اعتبار أن الوضع الإنساني الذي يعيشه اليمن مأساوي، والأجدى، بحسبهم، أن تُوجَّه تلك التبرعات لصالح الجوعى والمرضى والموظفين الذين حُرموا من رواتبهم الأساسية منذ خمس سنوات. لكن ردّ الحركة لم يتأخّر، إذ أوضح عضو المجلس السياسي، محمد الحوثي، أن «الوضع الإنساني في غاية التعقيد بسبب العدوان والحصار الذي تَفرضه دول العدوان، والتي سخَّرت مئات المليارات من الدولارات لقتل وتجويع الشعب اليمني»، لافتاً إلى «(أننا) نُولِي فلسطين على مرضانا من منطلق إيماننا بعدالة القضيّة، وتأكيداً لموقفنا الثابت مع شعبنا الفلسطيني، بعكس تحالف العدوان الذي يولي مصالح العدو الإسرائيلي ويسخِّر إمكاناته لصالح تل أبيب».
ردود الفعل على المستويَين الشعبي والرسمي، أشادت بتصدّي المرابطين في القدس للعدوّ الإسرائيلي، واعتبرت ردَّ فصائل المقاومة في غزّة، وإطلاقها عدداً من الصواريخ على العدوّ الصهيوني خطوةً مهمّة في سبيل الانتصار للقدس وفلسطين. كذلك، بدا مستوى تفاعل صنعاء مع الهجمات الصاروخية بمستوى الحدث، إذ بارك الناطق الرسمي باسم «أنصار الله»، رئيس وفدها التفاوضي محمد عبد السلام، الضربات الصاروخية للمقاومة الفلسطينية ضدّ الكيان الإسرائيلي، معتبراً، في تغريدة، أن «الردّ بالقوّة هو السبيل الصحيح والخيار العمَلي الفعّال لردع الصَلف الصهيوني».
في هذا الوقت، لم تخرج مواقف الأحزاب والتيارات السياسية الموالية لدول التحالف السعودي ــ الإماراتي عن مواقف رعاتها. وفي هذا الإطار، دعا «حزب الإصلاح» على لسان رئيسه، محمد اليدومي، المقيم في تركيا، ساخراً، «فيلق القدس» الإيراني إلى التدخّل للردّ على جرائم إسرائيل في حقّ المقدسيين. وأعقب ذلك حملة إعلامية ساخرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من مواقف «أنصار الله»، قادها هذا الحزب الذي يمتلك جيشاً إلكترونياً كبيراً. وكذلك، ذهب بعض مسؤولي حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، إلى مطالبة «أنصار الله» بالقتال في القدس، كونها ترفع شعار «الموت لإسرائيل». ومع تزايد تلك المواقف المخزية، وجّه نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء، حسين العزي، رسالة ناريّة إلى حكومة هادي على خلفية موقف صنعاء من القضيّة الفلسطينية، قائلاً: «لا توجد شرعيّة يمنية تلتقط الصور إلى جانب رئيس وزراء حكومة الكيان الإسرائيلي، (بنيامين) نتنياهو، ولا يمنيين أطهار يطبّعون مع العدوّ». وأضاف العزي، في سلسلة تغريدات له عبر حسابة في «تويتر»: «نحن اليمن وفلسطين نشبه بعضنا مظلوميّةً وعدالةَ قضيّة ومواجهة احتلال ودفاعاً عن أرض، ويكفينا شرفاً أن فلسطين اليوم تنصرنا بنضالها هناك، ونحن ننصرها بنضالنا هنا».
تجنّب «المجلس الانتقالي الجنوبي» إصدار أيّ موقف يتناقض مع موقف رعاته في أبو ظبي


وفي المحافظات الجنوبية، أعلن عدد من المكونات السياسية إدانته لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، وأيّد كل من «مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي»، و«تكتل تاج الجنوبي»، و«لجنة اعتصام المهرة السلمي» عمليات الردّ القاسية لـ«كتائب القسام»». وقالت هذه المكونات إن فلسطين بقُدسها ومسجدها وشعبها المقاوم هي قضيّة القضايا والمحور الذي تدور في فلكه مِحَنُ وأزمات الأمّة العربية والإسلامية. إلّا أن «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات آثر الصمت، فَلَمْ يُصدِر أيّ بيان يدين فيه تلك الجرائم، وذلك لتجنُّب أن يتناقض موقفه مع موقف رعاته في أبو ظبي. وتجدر الإشارة إلى أن «الانتقالي» كان قد أعلن على لسان رئيسه، عيدروس الزبيدي، أواخر العام الماضي، استعداده للتطبيع مع إسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية معها.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا